كلام لبكرة تلقت مصر يوم الأربعاء الماضي قروضا بقيمة 6 مليارات دولار من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، ودخلت هذه الفروض الجديدة أرصدة النقد الأجنبي في البنك المركزي المصري بالفعل بواقع ملياري دولار لكل دولة، وذلك حسب تصريحات لهشام رامز محافظ البنك. وكانت كل من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان تعهدت في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي عقد في مارس الماضي بتقديم دعم إضافي لمصر بإجمالي 12.5 مليار دولار في صورة استثمارات ومساعدات وودائع بالبنك المركزي. وأضاف رامز "الفائدة على الودائع 2.5 بالمئة والآجال تتراوح بين ثلاثة أعوام إلى خمسة أعوام." ومن شأن المساعدات الخليجية حسب خبراء تعزيز مساعي الحكومة المصرية للنهوض بالاقتصاد المنهك وتحقيق نمو لا يقل عن 6% خلال السنوات المقبلة. فهل سيتحقق هذا النمو المنتظر خاصة في ظل سياسة البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء والمضاربة في سعر الدولار والتي حققت نجاحات ملحوظة خلال الفترة القصيرة الماضية؟! الان مضي شهر علي عقد المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ الاقتصادي، وانتهت احتفالات وسائل الاعلام به، وبعد كلمات الرئيس ورئيس الحكومة، ارتفع سقف الامال والتطلعات عند الشعب، خاصة ان دول الخليج قد اعلنت عن مساعدات وودائع قيمتها 12.5مليار دولار..ثم اعلان الحكومة عن تعاقدات تجاوزت قيمتها 100مليار دولار، وعن عاصمة ادارية جديدة، وعن برج زايد الضخم وعن زيادة استثمارات التنقيب عن البترول، السؤال الان رغم مرور شهر كامل لم نلمس بايدينا شيئا من كل ذلك حتي ماوعدت به دول الخليج..لم يصل منه سوى 6 مليارات اي اقل من النصف بقليل، سؤالي للدولة رئيسا وحكومة، ماذا جري، نحتاج كشف حساب عاجل من رئيس الحكومة للراي العام، يجيب فيها عن هذه التساؤلات بشفافية ووضوح. فرغم وصول ودائع خليجية تبلغ قيمتها 6 مليار دولار الا ان هذه الودائع عبارة عن قروض وليست منحا مجانية لا ترد كما يتصور البعض، وانه بوصول هذه الودائع يرتفع الدين الخارجي لمصر لأكثر من 52 مليار دولار بزيادة 6 مليار دولار دفعة واحدة، وان مصر ستقوم برد هذه الأموال مرة أخرى بالإضافة الى سداد سعر فائدة مقابل الحصول على الاموال الخليجية نسبتها 2.5% سنويا، علما بأن سعر الفائدة على الدولار يتراوح حاليا بين صفر وربع فى المائة على الودائع، فلماذا افترضنا بسعر مرتفع جدا مقارنة بالقروض التي حصلنا عليها في السابق، فمصر حصلت أيام حكم الدكتور محمد مرسى على قروض من قطر وتركيا بسعر فائدة 1% فقط وبسعر فائدة صفر اى مجانى على قروض ليبيا البالغ قيمتها مليارى دولار، هذا يعنى ان سعر الفائدة علي المساعدات الخليجية الأخيرة يزيد 1.5% عن سعر القروض المساندة التي حصلت عليها مصر في عام 2012، طبعا من حق كل كل واحد أن يفرح أو يهلل لان هذه حرية شخصية لا يجوز مصادرتها، لأننى من المؤمنين بحرية الرأي والتعبير لأبعد حدود لكن اقترح عليك المعرفة قبل أن تهلل. نعود الى السؤال الاول هل تساهم هذه القروض في النهوض بالاقتصاد ودفع عجلة الانتاج، وارى انه ليس لها اي تأثير يذكر في ذلك، وذلك لعدة أسباب، أولها ان هذه القروض وضعت فعلا في البنك المركزي في بند الاحتياطي النقدي، اي انها مجرد تعويض عن المبالغ التي تم انفاقها خلال الأعوام الثلاثة الماضية من من قيمة الاحتياطي النقدي التي تركها مبارك والبالغ قيمتها 38 مليار دولار، وان الهدف منها هو تثبيت سعر الدولار عند حدود السبعة جنيهات فقط. السبب الثاني هو ان هذه المبالغ لن تشارك في انشاء مصانع او فتح استثمارات جديدة، ولذلك لن يكون لها اي مردود على الناتج القومي لمصر، فهي مجرد مبالغ مودعة في البنك المركزي تحصل الدول المقرضة لها على فايدة مرتفعة مقارنة بغيرها تصل الى 2.5 في المائة. السبب الثالث هو ان هذه الودائع قصيرة الأجل لمدة ثلاثة أعوام وهو وقت قصير يتم رد هذه الودائع بعدها للدول المقرضة، وساعتها سوف تفرغ خزائن البنك المركزي من الاحتياطات النقدية، ولو لم تسعى الحكومة من الان في توفير بدائل لتعويض الاحتياطي النقدي فان مصر ستكون احتياطاتها من النقد الأجنبي صفر وساعتها سيرتفع الدولار بشكل جنوني ولن تتمكن الحكومة من السيطرة على السوق السوداء التي ستلتهم كل ما يقع أمامها من الأوراق الخضراء، ووقتها لن ينفع الندم! وتساؤل اخير لماذا تأخرت دول الخليج في تقديم الاستثمارات الحقيقية التي وعدت بها في مؤتمر شرم الشيخ والبالغة 6.5 مليار دولار بخلاف المشروعات الاخرى التي تم توقيع اتفاقات ومذكراتتفاهم بشأنها معها، ولماذا لم تظهر اي نتاىج لموتمرشرم الشيخ الاقتصادي حتى الان وهل سننتظر سنوات حتى تبدأ الحكومة والمستثمرين في تنفيذ ما تم الاتفاق بشأنه في المؤتمر؟ ##