موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    نائب محافظ المركزي: ملتزمين بضمان استدامة السياسات النقدية الجاذبة للاستثمار    حزب الله: اغتيال القيادي أحمد محمود وهبي في غارة إسرائيلية    فلسطين.. 3 إصابات في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين وسط خان يونس    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    الأهلي ضد جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة والمعلق والتشكيل    «من خليفة إيهاب جلال إلى أين سمعتي».. القصة الكاملة لأزمة الإسماعيلي وحلمي طولان    «صاحب المعلومة الأدق».. لميس الحديدي تهنئ أحمد شوبير على التعاقد مع قناة الأهلي    عاجل - الأرصاد تعلن تحسن الطقس اليوم وانخفاض الحرارة    مبلغ مالي غير متوقع وزيارة من صديق قديم.. توقعات برج العقرب اليوم 21 سبتمبر 2024    بحضور وزير الثقافة.. تفاصيل انطلاق الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة    وزير الخارجية: مصر تدعم الصومال لبناء القدرات الأمنية والعسكرية    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21-9-2024.. آخر تحديث    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    توجيه هام من التعليم قبل ساعات من بدء الدراسة 2025 (أول يوم مدارس)    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لخوض كأس الأمم الإفريقية    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    قتل صديق عمره .. ذبحه ووضع الجثة داخل 3 أجولة وعاد يبحث مع أسرته عنه    أنتهاء أسطورة «ستورة» فى الصعيد .. هارب من قضايا شروع فى قتل وتجارة سلاح ومخدرات وسرقة بالإكراه    النيابة تعاين الزاوية التيجانية بعد أقوال ضحايا صلاح التيجانى    استدعاء والدة خديجة لسماع أقوالها في اتهام صلاح التيجاني بالتحرش بابنتها    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    عمرو سلامة: أداء «موريس» في «كاستنج» يبرز تميزه الجسدي    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    زاهي حواس: تمثال الملكة نفرتيتي خرج من مصر ب «التدليس»    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    نوران جوهر تتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش 2024    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناقشات عاصفة في مجلس النواب عام 1927 حول حق الشرطة في فض مظاهرات الطرق العمومية!
نشر في القاهرة يوم 20 - 09 - 2011

هكذا تعطل تطبيق الدستور لمدة تصل إلي ما يقرب من عام ونصف العام إلي أن عاد مجلس النواب للانعقاد في 10 يونية 1926 وكان مجلسا ائتلافيا يضم نوابا ينتمون لأحزاب «الوفد» و«الأحرار الدستوريين» و«الحزب الوطني» يرأسه «سعد زغلول» ليساند وزارة ائتلافية، يرأسها مستقل هو «عدلي يكن» ثم «عبدالخالق ثروت» وتتشكل من وزراء ينتمون إلي حزبي «الوفد» و«الأحرار» الدستوريين». لم تكن الطريقة التي مارس بها المصريون حقهم في حرية الصحافة وحرية الاجتماع بعيدة عما ورد في الإنذار البريطاني الذي وجهه المندوب السامي البريطاني اللورد «ألنبي» إلي حكومة «سعد زغلول» في أعقاب مقتل السردار، وأضاف تفسيرا جديدا لمفهوم «النظام الاجتماعي» الذي أجاز الدستور للإدارة أن تتخذ إجراءات لتقييد هذه الحريات إذا كان هذا ضروريا لوقايته، بحيث يشمل الموضوعات الأربعة التي احتفظت بها بريطانيا لنفسها بمقتضي تصريح 28 فبراير 1922، مما يوجب علي الحكومة المصرية ان تتدخل إداريا، عند ممارسة المصريين لحقهم في حرية الصحافة وحرية الاجتماع، إذ كان ذلك ضروريا لوقاية هذه التحفظات والحيلولة دون الخروج عنها. وتطبيقا لذلك، اعتبر الإنذار اغتيال القائد البريطاني «نتيجة طبيعية لحملة عدائية ضد حقوق بريطانيا العظمي وضد الرعايا البريطانيين في مصر والسودان، لم تعمل الحكومة المصرية علي تثبيطها بل أثارتها هيئات علي اتصال وثيق بهذه الحكومة». وتضمن طلبا صريحا من الحكومة البريطانية بأن «تمنع الحكومة المصرية من الآن فصاعدا ويقمع بشدة كل مظاهرة شعبية سياسية» وهو ما وافق عليه «سعد زغلول» في رده علي الإنذار، إذ قال «وتصرح الحكومة أيضا بأنها قد اعتزمت أن تمنع بجميع ما لديها من الطرق القانونية، كل مظاهرة شعبية تكون من شأنها الإخلال بالنظام العام وبأنها سترجع عند الحاجة إلي البرلمان للحصول علي سلطة أوسع مما لها الآن». وكان لابد وأن تتغير الظروف السياسية، حتي يتحرك مشروع تعديل «قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق العمومية» الذي كان قد تجمد في مجلس النواب منذ جلسة 10 أغسطس1924، ليعود إلي صدارة المشهد السياسي بعد ما يقرب من ثلاث سنوات تغيرت الأوضاع السياسية في مصر خلالها: فقد انهار الانقلاب الدستوري الأول بعد عام ونصف العام. واتفقت الأحزاب السياسية علي خوض الانتخابات متحالفة، وتقاسمت الدوائر بينها. وعادت الحياة البرلمانية، في ظل برلمان ائتلافي يرأسه «سعد زغلول» يضم نوابا ينتمون لأحزاب «الوفد» و«الأحرار الدستوريين» و«الوطني»، يساند وزارة ائتلافية يرأسها مستقل هو «عدلي يكن».. وتتشكل من وزراء ينتمون إلي الحزبين الكبيرين.. «الوفد» و«الأحرار الدستوريين». وفي ظل هذا المناخ، قرر مجلس النواب، إحالة مشروع قانون الاجتماعات العامة إلي «لجنة الداخلية» التي أدخلت عليه- في 18 مايو 1927- تعديلا شمل المادتين الثانية والسابعة، وأضافت إليه مادة جديدة، ثم أعادت صياغته من جديد وقدمته إلي المجلس الذي بدأ مناقشته - بعد سبعة شهور من إحالته إليه- في جلسة 20 ديسمبر 1927 . كانت الحياة السياسية المصرية، قد شهدت خلال هذه الشهور السبعة تغيرا مهما إذ رحل «سعد زغلول» عن الدنيا في 23 أغسطس 1927، ليحل محله في رئاسة الوفد، ورئاسة مجلس النواب «مصطفي النحاس باشا» بينما حل «عبدالخالق ثروت» محل «عدلي يكن» في رئاسة الوزارة الائتلافية. والغالب أن ظل الإنذار البريطاني الذي ربط بين مقتل السردار، وبين ممارسة المصريين لحق التظاهر، كان هو الذي حال بين مجلس نواب الائتلاف - الذي كان يرأسه «سعد زغلول» - وبين الاندفاع في مناقشة مشروع قانون الاجتماعات، كما فعل مجلس نواب 1924 تحسبا «لرد الفعل البريطاني، فلم يبدأ الإجراءات الجدية للنظر في المشروع، إلاّ ما يقرب من عام علي تشكيله، ولم تبدأ مناقشته، إلاّ بعد أربعة شهور من رحيل «سعد زغلول»، ليحل محله في رئاسة حزب الوفد ورئاسة مجلس النواب، «مصطفي النحاس» الذي بدا أكثر تشددا من «سعد» في مواجهة التدخل البريطاني في الشئون المصرية.. خاصة وأن باب المفاوضات بين رئيس حكومة الائتلاف عبدالخالق ثروت باشا، وبين وزير الخارجية البريطانية، «آرثر تشمبرن» حول تسوية التحفظات الأربعة التي وردت في تصريح 28 فبراير، 1922 كانت قد بدأت آنذاك. في هذا المناخ بدأ مجلس النواب في جلسة 20 ديسمبر 1927، مناقشة مشروع قانون الاجتماعات، لتتفجر خلالها الاشكاليات الرئيسية التي ترتبت علي الذيول الثلاثة التي أضيفت إلي مواد حرية الصحافة وحرية الاجتماع، وحق اللجوء السياسي من دستور 1923، ومن بينها: تعريف النظام الاجتماعي الذي أرادت هذه الذيول وقايته.. وتحديد نوع الخطر الذي تسعي لحماية هذا النظام منه.. وحدود السلطة التي تمنح للإدارة لتحقيق هذه الحماية بحيث لا تتغول علي الحقوق التي كفلها الدستور للمواطنين. وهكذا ما كاد مقرر اللجنة «أحمد رمزي بك» يتلو المادة الأولي من مشروع القانون التي تتكون من فقرتين، تقول الأولي «الاجتماعات العامة حرّة علي الوجه المقرر في هذا القانون» وتقول الثانية «علي انه يجوز لوزير الداخلية منع الاجتماع إذا تبين أن الغاية منه، ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 151 من قانون العقوبات، المعدلة بقانون رقم 37 لسنة 1923» حتي واجه النواب هذه الفقرة بمعارضة واسعة لأنها تحيل إلي مادة من المواد التي أضيفت إلي قانون العقوبات، لمكافحة الشيوعية، ولأنها تعطي لوزير الداخلية الحق في منع الاجتماعات أو فض المظاهرات العامة، «إذا تبين ان الغاية منه هي تحبيذ تغيير النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة أو الإرهاب، أو بوسائل أخري غير مشروعة». وكان أول المعترضين هو - نائب طنطا الوفدي- «عبدالسلام فهمي جمعة بك» ثم تلاه بقية الأعضاء، وجرت المناقشة علي النحو التالي: عبدالسلام فهمي محمد جمعة بك: نص في هذه المادة علي «منع الاجتماع إذا تبين أن الغاية منه ارتكاب الجريمة.. إلخ» فمن الذي سيتبين؟ الرئيس (مصطفي النحاس باشا): وزير الداخلية. عبدالسلام فهمي محمد جمعة بك: يحسن إن يقال «إذا ثبت» بدلا من «إذا تبين». يوسف أحمد الجندي أفندي: إنني أعترض علي الفقرة الثانية من هذه المادة وأقترح أن تقتصر المادة علي الفقرة الأولي منها، وهي «الاجتماعات العامة حرة علي الوجه المقرر في هذا القانون». والذي يدعوني إلي هذا الاعتراض هو أننا إذا أجزنا السلطة لوزير الداخلية- تلك السلطة التي يستعملها بمقتضي المعلومات التي قد ترد إليه من رجال الإدارة في الجهات المتعددة- فإني أخشي كثيراً أن تكون حرية الاجتماعات مهددة إذ أن النص الوارد في الفقرة الثالثة من المادة 151 عقوبات معدلة نص واسع. ذلك أن الكثيرين يختلفون في تفسير «النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية» وفي فهم معانيها، فقد يكون ما أعتبره أنا من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية لا يعتبره غيري كذلك، ليس هناك تعريف للنظم الأساسية بل هي متروكة لمحض التقدير، ولهذا أخشي أن يأتي زمن يعتبر فيه ما ليس أساسيا من هذه النظم أساسيا، إن كل مسألة لا تكون محددة المعني يمكن للقوة أن تذهب في تفسيرها مذاهب شتي. إني أضرب لحضراتكم مثلا علي اختلاف الرأي في تفسير النظم الأساسية: فهناك نظام الوقف قد يعتبره البعض أساسيا ولكني لا أعتبره كذلك، وقد يجيء وقت يقال فيه إن الكلام في نظام الوقف غير مشروع لأنه من النظم الأساسية. كذلك النص الموجود في الفقرة الثالثة من المادة 151 من عقوبات معدلة المشار إليها وهو «أو بوسائل أخري غير مشروعة». هذا النص واسع جدا قد تفسره القوة حسبما يتفق مع أهوائها. ولا يخفي علي حضراتكم أنه قد مر علينا وقت اعتبر فيه المشروع غير مشروع والعكس بالعكس. لقد مرت علينا هذه الأزمات والأدوار التي كان الفكر والعقل والعدالة وكل شيء في الوجود يقرر ويحتم أن تصرفا من التصرفات مشروع، ومع ذلك فقد كانت القوة لا تعدم وسيلة للقول بأن هذا التصرف غير مشروع. لهذا أري أن وضع المادة بهذا القيد خطر جدا لأن وزير الداخلية أو رجال الإدارة، بمقتضي ذلك، يستطيعون أن يمنعوا كل اجتماع بحجة أنه تبين لهم أن الغاية منه ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 151 عقوبات معدلة. ولا أدري من أين تبين لهم ذلك وكيف تكون الرقابة؟: لو أنه قيل في المادة «إذا ثبت بالفعل أن الغرض هو تحبيذ تغيير النظم الأساسية» كان ذلك مقبولا. إنه ما دامت لا رقابة علي الوزير، وليست هناك محكمة تحكم فيما إذا كان تبينه صحيحا أو لا، فوجود هذا النص خطر جدا، ولست أدري الحكمة من إضافة الفقرة الثانية إلي المادة الأولي من مشروع قانون الاجتماعات المعروض علينا. إن القانون الأصلي خلو من هذه الفقرة، كما أن مشروع القانون الذي عرض علي مجلس الشيوخ خلو منها كذلك. قد يقال إننا إذا ألغينا هذه الفقرة كان معني ذلك شل يد الوزير. إني أردّ علي هذا بأن المادة الخامسة من مشروع القانون تجيز لرجال الإدارة أو ضباط البوليس منع الاجتماع في حالة حدوث اضطراب شديد، وبدهي أن الاجتماع الذي يكون الغرض منه قلب النظم الأساسية من شأنه أن يحدث اضطرابا شديدا، ولوزير الداخلية ورجاله في هذه الحالة بمقتضي المادة الخامسة المذكورة فض الاجتماع. لهذا لا أري أي مبرر لبقاء الفقرة الثانية من المادة الأولي واقترح حذفها. محمد صبري أبوعلم أفندي: أؤيد حضرة الأستاذ «يوسف الجندي» في طلب حذف الفقرة الثانية من المادة الأولي، لأن هذه الفقرة قد يذهب المتعسف في تأويلها إلي مدي بعيد. إن في هذا القانون يا حضرات النواب ما يغني عن وجود هذه الفقرة، لأنه احتفظ في المادة الرابعة منه لوزير الداخلية باحتياطات من شأنها أن تكفل عدم الخروج علي القانون وأن تبقي للاجتماع صفته الخاصة المبينة في الإخطار، وبناء علي هذا لا يصح منع أي اجتماع قبل حصوله ارتكانا علي ما يتوهمه وزير الداخلية من أنه قد ينقلب ميدانا للتبشير بالمذاهب الثورية والمبادئ الرجعية، وغير معقول أن يتقدم إنسان بطلب عقد اجتماع لغرض نهي عنه الدستور، أو لشأن ضد المبادئ الأساسية التي تعتبر مقدسة بنص الدستور، فإذا أباح وزير الداخلية عقد اجتماع ما، ثم تبين له أن هذا الاجتماع خرج عن الصفة التي اتخذت له وقت تقديم الطلب، فللوزير في هذه الحالة أن يفض الاجتماع، وما دامت له هذه السلطة فهي كافية لضمان النظام الاجتماعي ولا حاجة معها للنص علي منع الاجتماع. الرئيس (مصطفي النحاس باشا): الذي يشير إليه حضرة النائب المحترم في كلامه من فض الاجتماع لا يتناوله نص المادة الخامسة من مشروع هذا القانون. محمد صبري أبوعلم افندي: الذي أشير إليه في كلامي، وهو إذا خرج الاجتماع عن صفته المبينة في الإخطار بفض، وارد في نص المادة الرابعة. المقرر: (أحمد رمزي بك): إن المادة الرابعة خالية من النص الذي يشير إليه حضرة النائب المحترم. محمد صبري أبوعلم أفندي: لا بأس من إضافة هذا النص إلي المادة الخامسة. المقرر (أحمد رمزي بك): إن في إضافة هذا النص خطرا كبيرا. (محمد صبري أبوعلم أفندي): إن منع الاجتماع، بناء علي خطر محتمل، ليس كفضه إذا تحققت مخاوف الوزير، ولو أن المادة التاسعة نصت علي عقاب من يمنع الاجتماع قبل حصوله، كما نصت علي فضه، كانت هناك وقاية من استعمال الفقرة الثانية من المادة الأولي. المقرر (أحمد رمزي بك): إني أخالف حضرتي الأستاذين «يوسف الجندي» و«صبري أبوعلم» فيما أبدياه من الملاحظات علي الفقرة الثانية من المادة الأولي، لأن هذه الفقرة لم توضع إلا تأييدا لنص جاء في الدستور، فقد نصت المادة العشرون منه علي ما يأتي: «للمصريين حق الاجتماع في هدوء وسكينة غير حاملين سلاحا، وليس لأحد من رجال البوليس أن يحضر اجتماعهم، ولا حاجة بهم إلي إشعاره، لكن هذا الحكم لا يجري علي الاجتماعات العامة، فإنها خاضعة لأحكام القانون، كما أنه لا يقيد أو يمنع أي تدبير يتخذ لوقاية النظام الاجتماعي». ويظهر أن بعض حضرات الزملاء التبس عليهم فهم كلمة «وقاية النظام الاجتماعي»، وقد سمعت من بعضهم أن الغرض منها وقاية نظام الدولة، والواقع أن النظام الاجتماعي غير ذلك، لأنه هو الذي تقوم عليه أسس كل اجتماع، وقد أردنا اليوم أن نفهم كيف يمكن وقاية النظام الاجتماعي بلا تشريع، فلم أسمع شيئا عن ذلك، وكل ما قيل أن تحذف الفقرة الثانية من المادة الأولي
بتاتاً، وفي هذا الحذف - علي الأقل - عدم اتفاق مع حكم من أحكام الدستور. وقيل أيضا إنه يجوز للوزير أن يمنع أي اجتماع إذا ثبت أنه لارتكاب جريمة نص عليها القانون العام. تعرفون حضراتكم أن للإدارة طرقا سرية، وكثيرا ما نجحت هذه الطرق في معرفة بعض الحوادث، فإذا ثبت للوزير من طريق سري أن الاجتماع المزمع عقده شيوعي مثلا فمنع، فهل تريدون منه أن يقدم لكم الدليل الذي دعاه إلي منع الاجتماع! أظن أن في ذلك إخلالا بالسرية التي هي من أهم وسائل الإدارة في أعمالها. اعتقدوا، يا حضرات النواب، أني تعبت كثيرا من الشدة التي تشكون منها، ولكننا الآن نتكلم بصفتنا مشرعين نقيد الإدارة، ولا نضر بحرية الأفراد، وهذه الحرية مكفولة بالقانون المعروض علي حضراتكم طلب الأستاذ «صبري أبوعلم» إضافة فقرة إلي المادة الخامسة: وأري أن في ذلك خروجا من مأزق للوقوع في آخر، لأنه يفتح علينا أبوابا تدخل الإدارة في حرية الاجتماع ففي وضع هذه الفقرة إعطاء سلطة لضابط البوليس لفض الاجتماع متي ادعي أن المجتمعين خرجوا علي النظام الاجتماعي. يا حضرات النواب: إننا، بعد بحث طويل استغرق ثلاث سنوات، استقر رأينا علي ادخال فقرة في قانون الاجتماع وارد حكمها في الدستور نفسه، أما أنكم تفتحون بابا لإمكان فض الاجتماع، فهذا ما لا يتفق أبدا مع الحرية التي تنشدونها من وضع هذا القانون. الدكتورأحمد ماهر: «أؤيد حضرة النائب المحترم «يوسف أحمد الجندي أفندي» فيما ذهب إليه من الاقتصار علي حذف الفقرة الثانية من المادة الأولي، أما اقتراح حضرة النائب المحترم «محمد صبري أبوعلم افندي»، فقد رد عليه حضرة المقرر بما فيه الكفاية، كما أن الحاجة لا تدعو إلي إقرار هذا الاقتراح، غير أني ألاحظ أن حضرة المقرر أشار إلي أن الفقرة الثانية من المادة الأولي من المشروع الذي أمامنا تتفق تماماً مع حكم المادة العشرين من الدستور، وتكاد تكون منقولة عنها، لذلك أري - استناداً علي مادة الدستور نفسها - أننا إذا حذفنا الفقرة الثانية من المادة الأولي يمكننا الاكتفاء بالمادة العشرين من الدستور، حيث جاء فيها: «لكن هذا الحكم لا يجري علي الاجتماعات العامة، فإنها خاضعة لأحكام القانون، كما أنه لا يقيد أو يمنع أي تدبير يتخذ لوقاية النظام الاجتماعي». لم تقل هذه المادة إن النظام الاجتماعي ينبني عليه منع الاجتماع، وإنما أشارت باتخاذ تدابير لوقاية النظام الاجتماعي وحمايته، وهذا هو المفهوم من نصها. وبطبيعة الحال أن من أراد عقد اجتماع دعا إليه الناس وبىَّن لهم الموضوع الذي سيكون محلا للكلام، وغير خاف أنه لا يمكن للداعي أن يذكر في دعوته موضوعا غير مشروع، لا يستطيع أن يقول إننا سنبحث في قلب النظام الاجتماعي مثلا، فكيف - والحالة هذه - يصل إلي علم الوزير، أو إلي علم مخبره، أن الداعي سيعمل علي قلب النظام؟ هنا موضوع الخطر، هنا مجال اللعب، إذ ينبني علي اعطاء هذا الحق إمكان منع أي اجتماع وهدم القانون الذي نعمل علي سنه اليوم. أؤكد لحضراتكم أن وجود مثل هذا النص في الفقرة الثانية من المادة الأولي يقضي علي الحرية، يقضي علي كل حق لأفراد المصريين في الاجتماع والمناقشة والبحث في أي موضوع. بقيت مسألة الاعتداء علي القوانين وطريقة منعه، فلنفرض أننا اجتمعنا لغرض مشروع، ثم ارتكبت جريمة أثناء الاجتماع، فماذا يحصل؟ يحصل كما يجري عند ارتكاب أي جريمة، فإذا ارتكب أحد المجتمعين جريمة القتل مثلا يقبض عليه، كما لو حصل القتل خارج الاجتماع، كذلك من يخالف المادة 151 من قانون العقوبات أو أي مادة من القوانين الموضوعة، فلضابط البوليس أن يقبض عليه تحت مسئوليته، ويدعوه للتحقيق بدون حاجة إلي أي نص قانوني، لذلك كله أؤيد حضرة النائب المحترم «يوسف أحمد الجندي أفندي» وأوافق علي اقتراحه، لأن احترام القوانين واجب من غير نص، (تصفيق). الدكتور محجوب ثابت بك: لقد وضحت المسألة، وتبين الكثيرون منا وجوب حذف الفقرة الثانية من المادة الأولي، وإني أخالف حضرة المقرر وأوافق حضرة الأستاذ «يوسف الجندي» علي وجهة نظره (ضجة). إن المسألة، يا حضرات النواب، ليست لهوا ولعبا، بل هي مسألة خطيرة فهذا القانون، وقد لعبت به أغراض شتي، لا يجوز أن نمر عليه سراعا، بل يجب أن نناقشه مادة مادة بكل تؤدة وعناية. الرئيس (مصطفي النحاس باشا): أرجو حضرة العضو المحترم أن يتكلم في الموضوع، وله الحرية التامة في مناقشة المواد. الدكتور محجوب ثابت بك: إن الأصل في القوانين الإباحة، وخصوصا إذا تعلقت بحرية الرأي، وإني أري أن ما تعطيه الفقرة الأولي من المادة الأولي تسلبه الفقرة الثانية من هذه المادة، فقد نصت الفقرة الأولي علي أن «الاجتماعات العامة حرة»، فما المعني في أن ينص في الفقرة الثانية علي أنه «يجوز لوزير الداخلية منع الاجتماع إذا تبين..... ... الخ»، إن معني ذلك، يا حضرات النواب، أن القانون مشلول ومصاب من أول مادة فيه (ضحك). إن المادة العشرين من الدستور تنص علي أن «للمصريين حق الاجتماع في هدوء.. الخ». أقول إن هذه المادة ليس معمولا بها في عهد الدستور، وقد تشرفت برياسة بعض النقابات.. ومع ذلك يحضر اجتماع مجلس إدارتها - وهو اجتماع يتم بدعوة خاصة - بعض رجال البوليس أليس هذا افتئاتا صريحا علي المادة العشرين من الدستور. الرئيس (مصطفي النحاس باشا): يجب أن نحصر كلامنا في الاجتماعات العامة، والمادة العشرين من الدستور تنص في الجزء الأول منها علي الاجتماعات الخاصة، أما في الجزء الثاني فتنص علي الاجتماعات العامة. الدكتور محجوب ثابت بك: إن عبارة الفقرة الثانية «إذا تبين» عبارة مرنة، فالتبين هذا، علي ما فيه من احتمال وظن وتخمين، يكفي لمنع الاجتماع، إن المادة الرابعة فيها الكفاية لأن تجعل الاجتماعات مقيدة في حدود العقل والقانون لأنها تقول: «يجب أن يكون للاجتماع لجنة مؤلفة من رئيس ومن اثنين من الأعضاء علي الأقل، وعلي هذه اللجنة المحافظة علي النظام ومنع كل خروج علي القوانين، كما أن عليها أن تحفظ للاجتماع صفته المبينة في الإخطار، وأن تمنع كل خطاب يخالف النظام العام أو الآداب أو يشتمل علي تحريض علي الجرائم.. إلخ». ألا يري حضرة زميلي المحترم مقرر اللجنة، ومن نحا نحوه، أن في هذه المادة الكفاية، إنني أري اكتفاء بما أبديته وأبداه حضرة النائب المحترم «يوسف أحمد الجندي أفندي»، ألا لزوم لبقاء الفقرة الثانية من المادة الأولي، ويكفي أن ينبه رجال البوليس الموجودون في الاجتماع حضرات المسئولين عنه بمراعاة النظام، هذا من جهة، ومن جهة أخري أري أن في حذف هذه الفقرة صيانة لحرية الرأي وتبادل الأفكار لأننا في عصر يجب ألا تمتهن فيه كل فكرة ترمي إلي الإصلاح الاجتماعي بدعوي أنها خارجة علي النظام وهي ليست كذلك. عبدالخالق عطية أفندي: المفروض في القانون ألا يكون جامدا، ومهما قيل من أن القانون يجب أن يأخذ وقتا طويلا عند تطبيقه حتي يتبين صلاحه من فساده، فإنه من المفروض أيضا علي المشرع أن يساير التطور الاجتماعي، وإذن فالقانون يجب أن يأخذ لون الأحوال والظروف والملابسات، وعلي هذه القاعدة يجب علينا أن نبحث الغرض الذي ترمي إليه هذه الفقرة التي هي مثار النزاع الآن. إننا، يا حضرات الأعضاء، في عصر الديمقراطية فيه محترمة، والقوانين مصونة، والرقابة علي الحكومة موجودة فعلا، ولكننا إزاء ذلك يجب ألا ننسي أن الحالة التي نحن عليها الآن لم تكن موجودة من عهد قريب، بل كنا في حالة ارتكبت فيها مظالم مازالت الأعصاب تضطرب كلما ذكرت، إنني لا أعيب علي اللجنة وجهة نظرها فيما تراه من أن يكون العبث بالنظام بعيدا وأن تكون عين الحكومة ساهرة، ولكنه في هذا الدور من التشريع يجب أن نلاحظ الوقاية أكثر من العلاج إلي أن تتشرب النفوس حب الدستور، وتعم الديمقراطية الحاكم والمحكوم، ويشعر الوزير بالمسئولية أمام ضميره وأمام كل فرد من أفراد وطنه. وعندما تصل البلاد إلي هذا الشأو البعيد من الحرية، إذا وجدنا في القانون عيبا يمكننا معالجته - لذلك أري أن في بقاء هذه الفقرة خطرا كبيرا، ولدي دليل كاف أعتقد أنه يصعب علي حضرة المقرر الرد عليه، وهو أنه يمكن فض أي اجتماع بأمر إداري ليس من سلطة المحاكم تفسيره ولا تأويله، فإذا ما سأل سائل عن سبب فض الاجتماع يجاب بأنه تنفيذ لنص الفقرة الثانية من المادة الأولي، وإذن ترون حضراتكم أنه يمكن لوزير الداخلية المكلف بالمحافظة علي النظام العام أن يجعل - إذا شاء - هذا القانون حبرا علي ورق بسبب وجود هذا النص الذي يخوله حق منع أي اجتماع بغير مناقشة، فللوقاية وللظروف الماضية وللديمقراطية التي ننشدها جميعا، يجب وضع حد لذلك، بناء عليه، لا محل لجعل الغاء هذه الفقرة أو ابقائها محل مناقشة، لأن في القانون العام الكفاية، ولسنا في حاجة لأن نقيد أنفسنا بمثل هذا القيد. جعفر فخري بك: إنني أنضم لرأي حضرات الزملاء الذين يقولون بحذف هذه الفقرة. محمد حافظ رمضان بك: إن التشريع علي نوعين: تشريع لا يمكن فيه مطلقا أن يتعرض لحرية شخص أو مجموع قبل وقوع جريمة، وهذا هو التشريع العادل، وتشريع استثنائي، وهو وضع القوانين التي يقصد بها درء الخطر قبل وقوعه، ويرمي واضعوه إلي محاولة منع ارتكاب الجرائم قبل وقوعها، وقد دل تاريخ الأمم عموما علي أن هذا النوع من التشريع كان وسيلة للتعرض لحرية الأفراد والجماعات، بل وأكثر من هذا أنه يؤدي إلي وقوع الجرائم المراد منعها، لأن منع الاجتماعات العامة يؤدي إلي تكوين الجمعيات السرية، ولكن لو ترك الأمر لذوي الشأن ووقعت جريمة يكون حكمها كحكم الجرائم التي تقع كل يوم ويقدم المجرم للمحاكم بنص المادة 151 عقوبات، والدستور نص علي هذا أيضا، وعليه أري وجوب حذف هذه الفقرة وجعل الاجتماعات العامة حرة كما قال حضرة زميلي المحترم «الدكتور محجوب ثابت»، وإلا أصبح الأمر كالقول بالاستقلال مع ضمان المصالح. ]وهنا غادر الجلسة حضرة صاحب السعادة «مصطفي النحاس باشا» رئيس المجلس، وتولي الرياسة حضرة صاحب العزة «حسين هلال بك» وكيل المجلس[ .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.