شهدت الآثار خلال الفترة الماضية العديد من التقلبات السريعة والتغييرات المهمة التي لفتت الأنظار بقوة لهذه المؤسسة الحيوية وما بها من اضطرابات واسعة.. و من بين هذه التغييرات تحقيق حلم طال انتظاره للكثيرين و هو اعلان هيئة الاثار كوزارة مستقلة ثم التراجع عن هذا القرار بعد وقفات ومظاهرات وبعد أن تمت تسمية الوزير د.عبدالفتاح البنا.. وأخيراً استقر الرأي علي أن تبقي "مجلساً أعلي" لكن مع تبعيته لمجلس الوزراء.. وهو ما أثار أيضاً حفيظة البعض واعتبروه انفراداً من د.محمد عبد المقصود بالرأي خاصة أنه قد تقلد منصب أمين عام المجلس خلفاً للدكتور زاهي حواس أول و "آخر" وزير للآثار. كان د.زاهي حواس وزير الدولة لشئون الاثار قد اصدر قرارا قبيل مغادرته منصبه بتعيين د. محمد عبد المقصود كأمين عام للمجلس الأعلي للاثار لكن مع وجود وزارة الاثار ولها وزير يقودها.. فتساءل البعض ماذا كان الهدف من القرار؟ وما الدور المفترض أن يلعبه من يتقلد هذا المنصب؟ ، وهل سيكون هناك تضارب بين المنصبين: وزير الاثار و الامين العام للمجلس الاعلي للاثار؟.. وما مستقبل العمل الأثري في ظل هذه التقلبات الحادة؟ توجهنا للدكتور محمد عبد المقصود الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار لمحاورته حول هذه القضايا وغيرها. ما الدور الذي كان من المفترض أنه سيقوم به الامين العام للمجلس الأعلي للاثار مع وجود وزير للاثار؟ وما الداعي له أصلاً قبل إلغاء الوزارة؟ وجود منصب الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار مع منصب وزير الآثار لم يكن يشكل أي تضارب بين المنصبين، بل علي العكس كان سيؤدي تفعيل المنصب من جديد إلي مزيد من العمل من أجل الارتقاء بالعمل الاثري إلي المستوي المطلوب في الظروف الراهنة التي تحتاج إلي مزيد من الدعم من أجل الحفاظ علي تراث مصر والأثريين العاملين في مجالات العمل الأثري . لذلك اعطي لي د.زاهي حواس وقتها جميع الصلاحيات لتنفيذ خطة سريعة لرفع مستوي العمل الأثري، ويكمن الدور الاساسي في تقديم الخدمات اللازمة للاثريين و حماية الاثار و الاهتمام بالمواقع الاثرية. بعد إلغاء وزارة الآثار.. ما هي إذن خطة عمل الامين العام للمجلس الأعلي للاثار حالياً وللمستقبل ؟ الدور الرئيسي حاليا هو تأمين المواقع الاثرية و حماية الاثار و تقديم الخدمات اللازمة للعاملين في مجال الاثار و من أجل ذلك سيتم اعادة هيكلة المجلس الأعلي للاثار و ذلك من خلال استحداث عدد من القطاعات لتسهيل تحقيق اهدافنا سريعا وهذه القطاعات هي قطاع الامن و الحراسة وهو هيكل مستقل سيتم تزويد بجميع الوسائل الامنية وعدد كبير من رجال الأمن المدربين و سيكون الهدف الاساسي لهذا القطاع تأمين المواقع الاثرية ضد أي خطر يهددها بالتعاون مع شرطة السياحة، كما تم استحداث قطاع القصور الرئاسية و العصر الحديث هذا القطاع الذي سيضم جميع القصور الرئاسية و التي تطالب الوزارة حاليا بأن تكون كل القصور الرئاسية ملكا للوزارة الاثار أي ملكية عامة و تخضع لاحكام قانون الاثار و بمجرد الانتهاء من الاجراءات هذه سيتم ضم كل هذه القصور بالاضافة للعدد كبير من المباني التي تعود للعصر الحديث إلي هذا القطاع المهم، ونظرا لاحتياج الوقت الحالي للعديد من الحملات لتوعية الشعب كله بأهمية الاثار وما تحمله من خير وفير لمصر تم عمل قطاع خاص وهو قطاع التنمية الثقافية لنشر الوعي الاثري ، بالاضافة لقطاع البحوث العلمية لاثراء عملية البحث العلمي في مجال الاثار و دعمها، و ايضا قطاع جديد لترميم الاثار يسمي "قطاع الترميم" و ذلك لتسهيل العملية المستدامة لترميم الاثار في كل محافظات الجمهورية . معني وجود قطاع للترميم أن المجلس سيكون لديه الاكتفاء الذاتي عند تنفيذ مشروع ترميم لأي اثر و لن يعتمد علي شركات مقاولات من الخارج؟ عملية ترميم الاثار ليست بالعمل السهل بل تحتاج لأكتر من تخصص لترميمها فالاثر يحتاج لترميم معماري و ترميم دقيق ، لذلك يتوفر لدي المجلس فقط الخبرة في مجال الترميم الدقيق وهذا عمل الاثريين المتخصصين اما الترميم المعماري فهو يحتاج لشركات مقاولات للقيام بهذا العمل، لذلك لا يمكن الاكتفاء الذاتي للمجلس عند عملية ترميم الاثار معماريا . تحدثتم لوسائل الاعلام عن العجز المالي الذي يصل قدره مليار جنيه في خزينة المجلس الأعلي للآثار..ما اسباب هذا العجز ؟ اكتشف مؤخرا عجز مالي بخزينة المجلس الاعلي للاثار يقدر بمليار جنيه تعتبر ديونا علي المجلس للبنوك و مما يزيد المشكلة هو ضعف موارد المجلس الأعلي للاثار المالية حاليا و للتحقيق في اسباب هذا العجز المالي الكبير تم تحويل جميع الاوراق الخاصة بهذا الشأن للرقابة الإدارية من أجل التحقيق بكل شفافية و صدق وتحديد من تسبب في هذا العجز و سيتم محاسبته . ما الاجراءات التي سيتم اتباعها الفترة الحالية لمواجهة مشكلة هذه الديون ؟ الفترة الحالية حرجة للغاية و يعاني المجلس أزمة مالية حقيقية و قد ساعد علي ذلك ضعف الحركة السياحية حاليا التي كانت تجلب لنا الخير الكثير لذلك نحن الآن نعمل قصاري جهدنا من أجل جذب السائحين مرة آخري و من خلال التعاون مع الوزارات الاخري ، بالاضافة إلي حل سريع آخر حيث قام المجلس بأخذ سلفة تقدر ب 350 مليون جنيه كإعانة سيادية من الدولة سيتم سدادها مرة أخري من أجل توفير مرتبات العاملين بالمجلس هذا إلي جانب تأجيل عدد من المشروعات التي بها توسعات و تحتاج لمبالغ مالية كبيرة لذلك هذه المرحلة تحتاج لتكاتف الجميع حتي نمر الازمة بسلام. مجلس أعلي أم وزارة اثار؟ لماذا كل هذه الحيرة في اتخاذ القرار و ما الفرق بين الاثار كمجلس أو كوزارة ؟ قرار انفصال مجلس الاثار عن وزارة الثقافة حلم طال انتظار تحقيقه لسنوات و لكن اتخاذ قرار انشاء وزارة للاثار كان في توقيت خاطيء وتبعا لسياسة وضعتها الحكومة السابقة دون تخطيط فكيف يمكن انشاء وزارة مستقلة مع الازمة المالية التي نمر بها حاليا، الافضل الآن للاثار بعيدا عن أي مطامع هي ان تكون هيئة مستقلة تابعة مباشرة للرئاسة الوزراء و هذا سيحقق الكثير للعمل الاثري حيث المزيد من الرقابة والشفافية ، بجانب ان سلطات وزير دولة لشئون الاثار محدودة مما يجعل العمل يمشي بخطوات بطيئة أما أن يكون المجلس له علاقة مباشرة برئاسة الوزراء يسهل عمله و يكون أكثر انجازا ، هدفنا الاساسي كان الاستقلال و ها هو تحقق نحن الآن نحتاج للعمل كي نصل ببلدنا بر الامان في أقصي سرعة ممكنة و هذه مسئولية الجميع. ما الدور الذي سيقوم به الامين العام لحل مشكلة تثبيت العمالة المؤقتة و التي يشتكي منها أغلب شباب المجلس ؟ مطالب الشباب هي مسئوليتي الأولي و لن اتخاذل يوما عن القيام بأي عمل لمصلحتهم و هذا وعد مني لهم ، lفالتثبيت لكل العاملين بالمجلس قادم لا محالة و لكن ذلك يحدث من خلال عدة مراحل ووفقا لميزانية الدولة و قد اتُخذ متأخرا كل الاجراءات في سبيل ذلك و لكن مازلنا في انتظار الانتهاء من هذه الاجراءات و هذا يحتاج صبرا من الشباب و أعدهم ان التثبيت سيحدث قريبا لكل العاملين فيبلغ عدد المؤقتين 16ألف شخصا و في خلال عام سيتم العمل علي تثبيتهم جميعا لذلك تم تشكيل لجنة مستقلة يكون الهدف الاساسي لها تثبيت العاملين خلال هذه المدة، و قد بدات عملية التثبيت ل 4200 شخص و الباقي سيتم علي مراحل طبقا للاقدمية و سيتم الاعلان عن هذه المراحل اولا بأول من خلال الموقع الالكتروني للمجلس و صفحة الفيس بوك الرسمية. هل توجد فرص عمل جديدة لشباب الخريجين؟ يوجد 500 فرصة عمل للشباب حاليا لذلك تم عمل اولوية للطلاب المتفوقين الحاصلين علي الامتياز وجيد جدا والدكتوراه والماجيستير للعمل فورا و ذلك للاستفادة من علمهم في مجال العمل الاثري ، و لكن خلال المرة القادمة ستتوافر العديد من فرص العمل و ذلك لان إعادة هيكلة المجلس بالتأكيد ستحتاج العديد من العمالة . في ظل الازمة الراهنة و انخفاض دخل الاثار مع انخفاض النشاط السياحي هل كان لذلك تأثير علي مشروعات ترميم و بناء المواقع اثرية جديدة كالمتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة ؟ نحن نعمل حاليا علي انشاء العديد من المخازن الاثرية المؤمنة لحماية الاثار من السرقة سيتم نقل الاثار إليها في اقرب فرصة هذا ما يجذب اهتمامنا الان ، اما مشروعات ترميم الاثار فمازال العمل بها مستمراً لكن أكيد اثرت بالاحداث الماضية و بالنسبة للمتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة فالعمل مستمر بهما بشكل دائم و سيتم الانتها منهما في المواعيد المحددة لذلك ، كما ان هناك العديد من المشروعات التي انتهي ترميمها و سيتم تحديد موعد لافتتاحها قريبا . ما الدور الذي تقوم به المجلس الأعلي للاثار من أجل استعادة تنشيط السياحة في مصر ؟ هناك بروتوكول تعاون بين الاثار و وسائل الاعلام المختلفة و وزارة السياحة من أجل تنشيط عملية السياحة في مصر من خلال عمل دعاية إعلامية عالمية لذلك ، و لكن مع استمرار حالة عدم الاستقرار في الشارع المصري تجعل القيام بكل هذه المحاولات دون جدوي لذلك لابد ان يعي الجميع بضرورة استعادة الشارع المصري حالة الاستقرار حتي نساهم جميعا في تقدم بلادنا لان السائح في المقام الاول يهمه قبل الذهاب لي أي مكان الاطمئنان علي امنه و سلامته. ما الاجراءات التي اتخذها المجلس لاستعادة الاثار التي تمت سرقتها اثناء فترة الانفلات الامني ؟ الاثار المسروقة لا تمثل مشكلة مادامت مسجلة لدينا في قوائم فلا يوجد قلق من أجل استعادتها فيتم حاليا عمل حصر للاثار التي تمت سرقتها حتي يتم البحث عنها و استعادتها مرة اخري و قد تعاون معنا العديد من المواطنين الشرفاء الذين قاموا بتسليم العديد من هذه الاثار، و قد تم اتخاذ الاجراءات اللازمة لتشديد الرقابة علي المنافذ و المطارات لضبط الاثار قبل تهريبها، و تم عمل قائمة دولية للاثار التي تمت سرقتها و تشكيل لجنة لمتابعة عمليات استردادها من الخارج .