أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد مبعوث الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان السبت أن أي عملية سياسية لا يمكن أن تنجح ما دامت هناك مجموعات إرهابية تعمل على إشاعة الفوضى في سوريا. ونقلت وكالة الأنباء العربية السورية عن الأسد حديثه لضيفه عن استعداد سوريا لإنجاح أي جهود صادقة لإيجاد حل لما تشهده سوريا من أحداث. وأضاف الرئيس السوري بعد محادثات استغرقت نحو ساعتين مع الأمين العام السابق للأمم المتحدة أن أي حوار سياسي أو عملية سياسية لا يمكن أن تنجح طالما تتواجد مجموعات إرهابية مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد. ولم يصدر أي تعقيب فوري من عنان بعد الاجتماع الذي استهدف وقف حملة دموية حصدت أرواح آلاف الأشخاص منذ اندلاع انتفاضة ضد حكم الأسد قبل عام. وبينما كانت المحادثات بينهما دائرة كانت القوات السورية تهاجم مدينة ادلب في شمال غرب سوريا وهي أحد معاقل المعارضة والتمرد. وقال ناشط جرى الاتصال به هاتفيا بينما كان صوت الانفجارات يسمع أثناء المكالمة قوات النظام اقتحمت للتو ادلب بالدبابات ويجري الآن قصف بالمدفعية الثقيلة. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان أن 16 من مقاتلي المعارضة وسبعة من قوات الجيش السوري وأربعة مدنيين قتلوا في ادلب. وقال المرصد أن 15 شخصا آخرين من بينهم ثلاثة جنود قتلوا في أعمال عنف في مناطق اخرى. وأبلغ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف -الذي اجتمع مع عنان في وقت سابق اليوم في القاهرة قبل سفره إلى دمشق- الجامعة العربية أن بلاده لا تحمي أي نظام لكنها لا تعتقد أن اللائمة في الأزمة السورية يمكن أن أحد الجانبين دون الآخر. ودعا لافروف إلى وقف لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الانسانية لكن قطر والسعودية انتقدتا بشدة موقف موسكو. وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني الذي يقود الدعوات لعزل الاسد وتسليح المعارضة أن وقف إطلاق النار لا يكفي، وقال أنه يجب محاسبة قادة سوريا وإطلاق سراح المسجونين السياسيين. وأضاف الشيخ حمد أنه يجب إرسال رسالة قوية إلى النظام السوري بأن صبر العالم وصبر العرب قد نفد وأن وقت الصمت على ممارساته قد انتهى. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن القصور في مجلس الأمن الدولي التابع للامم المتحدة -حيث استخدمت روسيا والصين مرتين حق النقض "الفيتو" ضد قرار يتعلق بسوريا- هو الذي أدى إلى استمرار اعمال القتل. وأضاف أن موقفهما اعطى النظام السوري رخصة للاستمرار في ممارساته العنيفة ضد الشعب السوري. وأدت الخلافات الدولية إلى تعطيل المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار بشأن سوريا مع معارضة روسيا والصين للدعوات العربية والغربية للأسد للتنحي وورث الأسد الحكم عن أبيه قبل حوالي 12 عاما. وأبلغ لافروف وزراء خارجية الجامعة العربية خلال الاجتماع أن مشروع قرار جديدا في مجلس الامن أمامه فرصة لإقراره إذا لم تدفعه رغبة إلى ضمان سيطرة المعارضين المسلحين على الشوارع في سوريا. وقدمت الولاياتالمتحدة مشروع قرار جديدا لكن وزارة الخارجية الأمريكية قالت يوم الجمعة انها ليست متفائلة بامكانية موافقة المجلس عليه. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية ايضا ان باريس لا يمكنها ان تقبل قرارا لمجلس الامن الدولي بشأن سوريا يوجه اللوم عن أعمال العنف بشكل متكافيء للحكومة ومعارضيها. وعلى الرغم من خلافاتهما اتفق لافروف ووزراء الخارجية العرب على الحاجة الى وقف العنف في سوريا. كما دعا الجانبان الى مراقبة محايدة للاحداث في سوريا ومعارضة اي تدخل اجنبي وضرورة توصيل المساعدات الانسانية ودعم مهمة عنان. ودعا عنان الذي التقى لاحقا بحسن عبد العظيم المعارض القديم للاسد الى حل سياسي للازمة لكن كثيرين من قادة المعارضة يقولون ان وقت الحوار قد مضى. وقال عبد العظيم بعد الاجتماع ان العنف يجب ان يتوقف ويجب الافراج عن كل المحتجزين من اجل التفاوض بشأن فترة انتقالية. وقال انه في ضوء العنف والقتل والاعتقالات والتهديدات لن يكون هناك اي حل للازمة. واستبعد المجلس الوطني السوري المعارض في الخارج في بيان نشر في موقعه على الانترنت اجراء اي محادثات ما دام الاسد في الحكم. وقال المجلس ان المفاوضات لا يمكن ان تجري بين الضحايا والجلاد وان على الاسد وحاشيته ان يتنحوا عن الحكم كشرط مسبق لبدء اي مفاوضات جادة. وجاءت زيارة عنان لدمشق بعد يوم واحد من اعلان نشطاء ان قوات الاسد قتلت امس 72 شخصا على الاقل مع سعيها لبسط سيطرتها على مدينة حمص المتمردة وسحق معارضة مسلحة في محافظة ادلب. ولم يتمكن أي من الجانبين من تحقيق نصر حاسم في صراع يزداد دموية بدأ كحركة احتجاج سلمية بصفة اساسية قبل عام وينزلق الان فيما يبدو الى حرب أهلية. وتقدر الاممالمتحدة أن قوات الامن السورية قتلت ما يزيد عن 7500 شخص منذ بدء الانتفاضة المناهضة للاسد قبل عام. وقالت الحكومة في ديسمبر كانون الاول ان ارهابيين مسلحين قتلوا ما يزيد عن ألفين من أفراد الجيش والشرطة. وتدافع روسيا عن دمشق في مواجهة انتقادات غربية وعربية وروسيا هي المورد الرئيسي للسلاح لسوريا. ويرجع تردد الصينيين والروس في الموافقة على أي قرار للامم المتحدة بشأن سوريا في جانب منه الى مخاوفهما من انه قد يستخدم في تبرير تدخل أجنبي على غرار ما حدث في ليبيا رغم ان القوى الغربية تنفي أي تدخل لخوض حرب مرة اخرى. وقال دبلوماسي روسي أن الأسد يحارب إرهابيين مدعومين من تنظيم القاعدة من بينهم ما لا يقل عن 15 ألف مقاتل اجنبي سيسيطرون على المدن اذا انسحبت القوات الحكومية. وتنفي المعارضة السورية أي دور للقاعدة في الانتفاضة لكن اسلاميين من معارضي الأسد حملوا السلاح. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له أن خمسة جنود قتلوا عندما هاجم منشقون عن الجيش حاملة جند مدرعة كانوا يستقلونها في محافظة درعا بجنوب سوريا. وانتقد الشيخ حمد قبول روسيا تصوير الحكومة السورية للمعارضة بأنها عصابات مسلحة. وقال في اجتماع الجامعة العربية أنه ليست هناك عصابات مسلحة وأن القتل المنهجي جاء من الحكومة السورية لعدة أشهر وبعد أن اضطر الناس للدفاع عن أنفسهم وصفوا بأنهم عصابات مسلحة. وتجتمع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ونظيرها الروسي لافروف في نيويورك يوم الاثنين على هامش اجتماع وزاري خاص لمجلس الأمن بشأن الانتفاضات العربية من المرجح أن تكون سوريا موضوعا رئيسيا فيه.