قامت وكالة «رويترز» للأنباء، أمس السبت، بنشر تقرير عن الفترة التي قضاها الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، طالبًا في كلية الحرب الأمريكية في الولاياتالمتحدة. وجاء في التقرير، الذي أعده فيل ستيورات، مراسل الوكالة في وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاجون»، والذي جمع معلومات من الأماكن التي كان السيسي يدرس بها ويتردد عليها، ومن أصدقائه ومدرسيه، أنه على عكس الصورة المنتشرة اليوم له بالزي العسكري المرصع بالميداليات، فإنه في الكتاب السنوي لأكاديمة الحرب العسكرية الأمريكية عام 2006 كان مبتسمًا في حفل بمدينة كارليسل بولاية بنسلفانيا، وبدا مسترخيًا، وهو يرتدى قميصًا أصفر اللون. كما أضافت الوكالة إنه كانت هناك صورًا له أثناء زيارته موقعًا لمعارك الحرب الأهلية الأمريكية، وصورة أخرى لعائلته تم التقاطها خلال حضورهم حفل الهالووين، حيث وقفت زوجته وابنته بجوار امرأة ترتدى زي كليوباترا». وذكر التقرير: «صور الكتاب الدراسي السنوي لعام 2006 الموجود في مكتبة الأكاديمية في مدينة كارلايل تُذكر بأنه لم يمض وقتًا طويلًا على قضاء قائد الجيش، الذي يحكم مصر حاليًا، عامًا أكاديمًا ضمن الزمالة العسكرية في هذه البلدة الأمريكية الصغيرة». وتابعت: «في كارلايل، أعطى السيسي انطباعًا في المسجد المحلي والكلية نفسها بأنه طالب جاد، وتعكس كتاباته وعيه بأن ضمان الديمقراطية في الشرق الأوسط ربما يكون مليئا بالصعوبات». وتستكمل: «رغم الصراع مع إدارة أوباما بشأن قمع السيسي أنصار مرسي، لا يزال الأخير يحافظ على اتصال منتظم مع واشنطن، وأجرى نحو 16 مكالمة هاتفية مع نظيره الأمريكي، تشاك هاجل، منذ عزل مرسي الشهر الماضي». ونقلت الوكالة عن قائد كلية الحرب الأمريكية، أنتوني كوكولو، قوله: «أراهن على أن الانغماس الكلي في الغرب خلال الفترة التي قضاها السيسي في الولاياتالمتحدة هو الذي ساهم في حقيقة إبقاء خطوط الاتصالات مفتوحة معه». «السيسي تجاهل تحذيرات هاجل، وآخرين قبل الإطاحة بمرسي وبعدها، ورفض مجددًا دعوات ضبط النفس لقوات الأمن خلال فضها معسكرات أنصار الإخوان في ميداني رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس الجاري». وأشارت «رويترز» إلى «اعتراف هاجل، بأن قدرة الولاياتالمتحدة على النتائج في مصر محدودة، وأن كل الدول يكون نفوذها محدودًا على القضايا الداخلية لدول أخرى». «السيسي بدا أكثر تحفظًا عن الآخرين من زملائه خلال المناقشات الدراسية في عام 2006، ربما بسبب طبيعته أو حذره من أن تعليقاته ربما تعود لتطارده»، ونقلت الوكالة عن شريفة زهير، التى درّست له قولها إنه «لم يكن يتحدث كثيرًا، لأنه كان مدركًا أن أي شيء يقوله يمكن أن يتم تكراره». كما نقلت «رويترز» عن مستشار الكلية، ستيف جاراس، قوله إن «السيسي كان جادًا وهادئًا، حتى في المناسبات الخارجية، مثل حضوره تجمعًا لمشاهدة سوبر باول في بيت جاراس». وقالت الوكالة إن «من يعرفون السيسي خلال فترة دراسته فى أمريكا يصفونه بأنه كان شخصًا متشككًا للغاية إزاء ما تقوله الولاياتالمتحدة عن كيفية تأسيس الديمقراطية في العراق في خضم الحرب، التي شهدها بعد الغزو الأمريكي». وفي تعليق له ينذر بالأزمة الحالية في مصر، كتب «السيسي» في مشروعه البحثي، أن «الديمقراطيات الناشئة من المرجح أن تكون أقوي دينيًا أكثر مما كان عليه الغرب»، مضيفا أن «التاريخ أثبت أنه في السنوات العشر الأولى من الديمقراطية الحديثة من المرجح أن يحدث صراع سواء خارجيًا أو داخليًا مع نضوج الديمقراطية الجديدة، وببساطة تغير الأنظمة السياسية من الحكم الاستبدادي إلى الحكم الديمقراطي لن يكون كافيًا لبناء ديمقراطية جديدة»، حسبما كتب. وأضافت الوكالة أن «بعض كتاباته تبدو ساخرة، نظرًا لأنه قاد الإطاحة برئيس معروف عن أنه إسلامي، ولكنه منتخب شعبيًا»، مشيرة إلى «انتقاد البعض قيادة مرسي أنها فشلت في بناء حكومة شاملة، ولم تحكم بشكل ديمقراطي». وَأَضافت الوكالة أن «السيسي أشار في بحثه إلى فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس بالانتخابات في فلسطين عام 2006، ودعا إلى إعطاء الأحزاب المنتخبة شرعيا الفرصة للحكم». وكتب السيسي، حسبما جاء في تقرير الوكالة، أن «العالم لا يمكن أن يطالب بالديمقراطية في الشرق الأوسط، بعد إدانته فوز ما يبدو أنه الطرف الأقل ولاء للغرب، بالشرعية». ونقلت الوكالة عن قائد الكلية، كوكولو، قوله إن «السيسي طلب ألا يتم نشر بحثه بشكل عام، لكنه تم تداوله على نطاق واسع». «السيسي عاش في شارع خلاب في مركز مدينة كارلايل التاريخية، حيث تتدلى الأعلام الأمريكية من الشرفات الأمامية، وكان منزله قريبًا من الكلية، التي كان يدرس بها نجله». وأشارت الوكالة إلى أن «البعض يتذكر السيسي بكل حرارة في المسجد القريب، ويصفونه بأنه رجل متدين كان يؤم بعض الصلوات»، ونقلت عن أحد المترددين على المسجد يدعى عبدالمجيد عبود، قوله إنه «كان رجلًا مهمًا، واعتاد أن يصلى معنا»، وحسب التقرير فإن مدينة كارلايل لم تكن التجربة الأولى ل«السيسي» في الولاياتالمتحدة، فقد حصل على تدريب أساسي عام 1981 في ولاية جورجيا. ونقلت «رويترز» عن فرانك فيليبس، وهو ضابط جيش أمريكي متقاعد كان صديقًا له حينها، قوله إن «السيسي كان إمامًا للطلاب المسلمين المشاركين في هذا التدريب، وكان متدينًا وليس متعصبًا»، ووصفه بأنه «شخص وطني قوي». ويحكى «فيليبس» أنه ذهب مع السيسي يومًا ما للبحث عن خاتم خطوبة فى كولمبوس بجورجي، وعندما وضع فيلبس وديعة على الخاتم بما يمكنه من شرائه لاحقًا، وهي طريقة شائعة في الولاياتالمتحدة، وغير معروفة بشكل عام فى مصر، عرض السيسي أن يدفع ثمنه حتى يستطيع أن يأخذه معه إلى مصر، ورفض فيليبس ذلك بلطف، لكنه قدر العرض وقال عنه إنه «رجل صلب». ونقلت الوكالة عن «فيليبس» أن «السيسي سيفعل ما هو في صالح مصر، وأنه يقدر وجهة النظر الأمريكية، بسبب تجربته في الولاياتالمتحدة».