.. كم قلنا أولئك لا أيمان لهم، وأين أوصلتهم القوى الدولية أو الصناديق الانتخابية، يظلون على ما هم عليه لا أيمان لهم، وكانهم على ذلك جبلوا. فبينما كان السيد الرئيس يدور بالقسم الرئاسي في الشوارع ويدخل به المباني، على معرفته بالشارع الصحيح والمبنى المعتمد، كان يتأكد فهمنا لهم كلهم، ومعرفتنا بهم جميعا أنهم "لا أيمان لهم". كان السيد الرئيس يسقط هيبة القسم الرئاسي، ويبتذله وهو يردده حيث لا يجب وأمام من لم يحدد الإعلان الدستوري المكمل، حتى إذا وقف أمام الهيئة التي لا مناص من الوقوف أمامها لحلف القسم الرئاسي واستمداد شرعية تنصيبه رئيسا منهم، استوت الجمعية العمومية لأعلى محكمة في البلاد بغوغاء الميدان الذين حشدتهم "جماعة طز في مصر" لذلك الأمر تحديدا، وتهون بعد ذلك أحكامها بالتبعية، حتى إذا كان الموعد أسقطت المحكمة الدستورية العليا بإسقاط حكمها. ولعلنا نتذكر هجوم مجلس الشعب الباطل الذي يريد السيد الرئيس شرعنة بطلانه بقراره، على تلك المحكمة، وإعادة النظر في أحكام عملها، وها هي الرغبة الحميمة تأخذ اتجاها أعنف ضدها، في محاولة لإلغائها تماما، ليشرع مجلس شعب جماعة "طز في مصر" وأطفال "مجموع الفتاوى الكبرى" لابن تيمية ما يشرعون لنا بلا رقيب ولا حسيب، وليكن الدستور كيف يكون، فليس ثمة هيئة تضبط علاقة القانون بالدستور فترد من الأول ما لا يوائم الآخر. .. ذات يوم كان في هذا البرلمان رجال، فوقف العقاد العظيم وقال قولته الشهيرة والشجاعة : «إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس فى البلاد يخون الدستور ولا يصونه»، وقد كلفته هذه الكلمة الشجاعة تسعة أشهر من السجن، سنة 01930 بتهمة العيب فى الذات الملكية. وذات يوم – أيضا – وكان في مصر طاغية، استطاع مواطن بسيط سنة 1987أن يحصل على حكم من الدستورية العليا ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب، وتحصن المواطن البسيط بحكم المحكمة الدستورية العليا، فغلبت إرادته إرادة الطاغية وتم حل مجلس الشعب ولم يجرؤ الطاغية على عدم احترام الحكم، وتكرر الحكم في 1990 وتكرر تسليم الطاغية للدستورية بحقها المطلق في احترام أحكام حتى من الطغاة، وتم حل المجلس. ومن عجب ألا يبلغ السيد الرئيس المنتخب ديمقراطيا في انتخابات نزيهة، كما يقول هو وجماعته، من عجب ألا يبلغ مبلغ الطاغية في احترام القضاء الدستوري، ويكون أول قرار رئاسي مناسب لمقام الرئاسة – حتى نغض الطرف عن قرارات تشكيل اللجان إياها – هو إسقاط حكم المحكمة الدستورية، بل إسقاطها بإسقاط حكمها، ودعوة مجلس الشعب الباطل إلى الانعقاد على أن تجرى الانتخابات بعد 60 يوم من اعتماد الدستور الجديد. يا سلام، شعب من الأطفال هو، يسقط الرئيس المحكمة الدستورية، ثم يتم إلهاء الشعب بالدعوة للانتخابات بعد اعتماد الدستور الجديد. وفي الأصل أن اعتماد الدستور الجديد يعيد كل ما بني على الانتخابات السابقة على الدستور الجديد، بما فيها انتخاباتك يا سيادة الرئيس، فهل ترى أن لك صفة بعد هذه الدستور لتحل المجلس الباطل بحكم الدستورية والمنحل ذاتيا بوجود دستور جديد، وقد شغر موقعك أصلا بوجود هذا الدستور. أم أن مجلسك الباطل سيمنحك تشريعا نوعيا لبقائك في الحكم لو بعد عشرات الدساتير، وطبعا الميدان جماعتك موجود لإرهاب الجميع من جيش وشعب، والتهديد بإحراق الوطن لو تم العبث بإرادتك وإرادة جماعتك وإرادة مجلسها الباطل. السيد الرئيس، أنت وجماعتك تلعبون بالنار بجوار وطن قابل للاشتعال، فهل هذا هو التطبيق العملي لشعار "طز في مصر وأبو مصر واللي في مصر" !! أتمنى ألا يكون الأمر كذلك.