اختى الفاضله السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .... اكتب اليكم الان وفى قلبى مواجع لا يعلمها الا الله الواحد القهار ...انا امرأة فى الاربعين من عمرى ...احب زوجى كثيرا وهو ايضا يحبنى كثيرا ...لكن مشكله بيتى الكبرى بل العظمى ...ان غضب زوجى مقرون بالطلاق ... ما فى لحظه يغضب فيها الا ويهدد بالطلاق ...والله اختى اصابنى الاعياء من ذالك ففى كل لحظه عشت انتظر اليمين الاخير حتى ينهار بيتى ... زوجى عصبى لدرجه لا استطيع تحجيمها ... تناقشت معه كثيرا فى ان هذا سيعرضنا لفراق ربما مدى الحياة لكن ...لا حياة لمن تنادى ...بالله عليكى ماذا افعل ... الاجابه ... انتشر على صفحات النت مسألة شاذة غاية في الخطورة، وللأسف الشديد فحين تعمل بحثًا ضمن الشبكة العنكبوتية عن طلاق الغاضب تكاد لا تجد إلا هذه الفتوى الشاذة والتي يزعم كاتبها بأن طلاق الغاضب مطلقًا لا يقع. وقد استدلّ أصحاب هذه الفتوى الشاذة بحديث "لا طلاق ولا إعتاق في إغلاق". وزعموا أن الإغلاق هنا أي الغضب. وذكروا أن هذا التفسير موجود في الكتاب المسمى: "فقه السنة" لسيد سابق عليه من الله تعالى ما يستحق. أقول في الرد عليهم: إن طلاق الغاضب والمازح والجاد يقع بإجماع أئمة أهل السنة والجماعة، ولا عبرة أو اعتبار بمن شذ عن هذا الإجماع كسيد سابق في كتابه المسمى "فقه السنة". أما الحديث المذكور "لا طلاق ولا إعتاق في إغلاق" والذي رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود وغيرهم فقد بيّن معناه العلماء المعتبرين كما سيأتي. ومعنى "إغلاق" الذي ورد في هذا الحديث لغة أي "إكراه" كما ذكر ابن منظور في لسان العرب فقال ما نصه: "وفي الحديث لا طلاق ولا عَتاق في إغْلاقٍ أَي في إكراه" انتهى كلام اللغوي ابن منظور. أقول: وهل يحصل طلاقٌ غالبًا إلا في حال الغضب؟ يجب أن يعلم أن مصادر التشريع هي القرءان والسنة والإجماع والقياس وأما الإجماع والقياس فله شروط تنطبق على من هم مثل الأئمة الأربعة المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد. أما ابن تيمية فلا اعتبار له بين المجتهدين فقد خالف الإجماع في نحو ستين مسألة ومنها مسألة الطلاق الثلاث وقد أجاد العديد من العلماء المعتبرين في ردّ بدعه المخالفة لإجماع المسلمين. في العودة لموضوع طلاق الغاضب فإن الغاضب غالبًا يدري ما يقول وإن كان يدري ما يقول فكل ما يصدر عنه فمحاسب عليه وإلا لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الغضب؟ أما إن وصل به الغضب إلى حالة فقدان الوعي بحيث أنه حقيقة لم يعد يدري ما يقول فهذا يعني أنه وصل إلى ما يشبه الجنون التي تنطبق عليه رفع القلم عنه. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاث، عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم" رواه أحمد في مسنده وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم في المستدرك. وعليه فالغضب الذي لم يصل إلى حد فقدان الوعي لا يعذر صاحبه فيما يأتي به من ألفاظ أو أفعال، بل يحاسب عليها. وكذلك ذهب العلماء فيمن شرب الخمر لحدّ السكر الشديد واعتبروا عدم وقوع طلاق السكران الذي غاب عقله بسبب الخمر . فإن هذه مشكلة حقيقية، فإن الزوجين قد يقع بينهما شيء من الخلاف، وهذا أمر لا يخلو منه زوجان ولكن أن يردد الزوج كثيرًا أمر الطلاق ويعرضه على زوجته وعند أي مشكلة تواجههما هذا مع إحسانك وبرك به وتعاملك الودود فهذا أمر لابد من علاجه ولا ريب أنه أمر يقلقك وبالفعل أنت معذورة بالشعور بعدم الاستقرار وتخوفك من الاستمرار معه بمثل هذه الحالة، فلا بد إذن من علاج له وهذا أمر يأخذ منك....: أولاً لجوء إلى الله جل وعلا وسؤاله أن يصلح ما بينك وبين زوجك (اللهم ألف على الخير قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النار وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم). فبهذا الدعاء الخاشع المخبت تتوجهين به إلى ربك؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، فهذا من أوكد الأمور. الخطوة الثانية: جلسة هادئة مع زوجك الكريم في حال صفوه وفي حال إقباله عليك، فعدّي له عشاءً لطيفًا يحبه وتزيني له بأبهى ما لديك، وقدمي له هدية لطيفة قد كتبت عليها العبارة الحبيبة إلى قلبه ثم اجلسي إلى جنبه وكلميه كلام الزوجة المحبة الودود واطلبي منه أن يصلي بك ركعتين ثم بعد ذلك أطعميه واسقيه بيدك وتحببي إليه وقولي له: يا زوجي الحبيب إنني أود أن أكلمك في أمر ينغص عليَّ ويشعرني بحزنٍ شديد، فأنت تعلم حبي لك وتعلم كم أنا حريصة على التقرب إليك وعلى التودد إليك، وأنت عندما يعرض لنا بعض المشاكل التي لا يخلو منها بيتٌ زوجي تشير إلى الطلاق وتعرضه وهذا أمر ينغص عليَّ وفي نفس الوقت لا ينبغي أن يكون هذا الأمر دائمًا يُتكأ عليه عند النقاش وحصول الخلاف بين الزوجين. نعم المشاكل قد تحصل والخطأ قد يصدر مني أو يصدر منك فهذا أمر محتمل، ولكن لا ينبغي أن يكون الأمر بهذه الصورة التي تزعج النفس وتشعر الإنسان بعدم الاستقرار، فيمكن حل هذه المشاكل دون أن نشير إلى هذا الأمر وحتى لا ندخل الشيطان بيننا، وأيضًا فها هو نبينا الأمين صلوات الله وسلامه عليه يرشدنا إلى حسن العشرة فيقول صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وخياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي في سننه، ويقول جل وعلا: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وأنا أعاملك بما أمر الله جل وعلا وسأبذل وسعي في ذلك، فقد قال صلوات الله وسلامه عليه: (أيما امرأة ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت الجنة) أخرجه الترمذي في سننه، فأنا بالفعل أريد أن أدخل الجنة بحسن بري لك وبحسن معاملتي اللطيفة معك، وهذا أمر لابد أن نتفق عليه. فبمثل هذا الأسلوب قد تحصلين ما لا تحصلينه بأي أسلوب آخر، فخذيه بالرفق والمودة وبيني له أن هذا الأمر ينغص عليك ويشعرك بعدم الاستقرار النفسي ويجعلك تشعرين وكأن حياتك مهددة بالخطر في أي لحظة ولأي عارض يعرض، فليس هنالك من سبيل إلا بإيضاح الأمر له وبيان وجه الصواب له، ولكن مع العرض الرفيق الهادئ. الخطوة الثالثة: أن يكون لك حثٌّ لزوجك على طاعة الله جل وعلا وترغيبه في أن يكون قريباً من ربه، بأن يحافظ على صلاته في بيت الله عز وجل حيث ينادى بها، لأنه على قدر قوة إيمانه وعلى قدر صلاحه وحسن علاقته بربه على قدر إحسانه لك وحسن تعامله معك، فالأمران مرتبطان ببعضهما بعضًا، ولذلك فتقدم إشارة النبي صلى الله عليه وسلم أن أكمل المؤمنين إيمانًا هم أصحاب الخلق وأصحاب التعامل الحسن مع زوجاتهم. الخطوة الرابعة: أن تحرصي على أن يكون لك أنت وزوجك اختلاط بالأسر الفاضلة، بحيث يكون لك أخوات فاضلات تلتقي بهنَّ وكذلك أزواج صالحون يلتقي بهم زوجك ويستفيد منهم في دينه وخلقه فإن المؤمن يستفيد من المؤمن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود في السنن، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة) متفق عليه. الخطوة الخامسة: تجنب كثرة المشاكل قدر الاستطاعة معه.. نعم أنت باذلة وسعك في ذلك، ولكن في مثل هذه الأوضاع ينبغي تجنب شيء من الشقاق مع زوجك خاصة إذا كان زواجك به لم يمض عليه وقت طويل، فإن في بداية الزواج يحصل الشد والجذب بين الزوجين ما قد يؤدي إلى تخلخل العلاقة بينهما، فابذلي جهدك على تجنب هذه المشاكل قدر الاستطاعة حتى يثبت الأمر بينكما وحتى تكون المودة أعمق ويكون هنالك طرد لنزغ الشيطان بمنِّ الله وكرمه، ولو قدر أن زوجك قد غضب غضبًا شديدًا مثلاً في مشكلة من المشاكل فيمكنك أن تتركي الأمر حتى يهدأ ثم تناقشينه بعد ذلك بلطف ورفق وهدوء. نسأل الله عز وجل أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه وأن يزيدك من فضله وأن يفتح عليك من بركاته ورحماته وأن يصلح ذات بينكم وأن يؤلف على الخير قلوبكم. وبالله التوفيق.