للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. يُعد جامع السادات ومسجد أمير الجيوش بمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية من المساجد الأولى التى تم إنشاؤها فى مصر عند دخول العرب بقيادة عمرو ابن العاص، وذلك بعدما استولى على مدينة الفرما «بورسعيد حاليًا»، وبعدها مكث العرب لمدة شهر عند مدينة بلبيس، وفى أثناء ذلك قُتل عدد من سادات قريش فى معركة المسلمين مع الروم وخسر الروم وقتها ألف قتيل، واستقرت القبائل العربية فى مدينة بلبيس ولم تتابع سير الجيش الإسلامي إلى حصن بابليون، وأقامت فى المكان الذى استشهد فيه سادات قريش والعرب مسجدًا أسمته جامع السادات. وأقيم المسجد تخليدًا لذكرى سادات جيش المسلمين الذين شهدوا فتح مصر وكان المسجد فى البداية بسيطًا وبدائيًا على غرار مسجد الرسول بالمدينة المنورة، والذى بنى بالطوب اللبن، وأقيم من الجهة القبلة صفان من جذوع النخل بدلًا من الأعمدة سُقف فوقها بالسعف والطمي. وهناك أقوال بأن مسجد السادات قد بُنى على نهج مسجدى البصرة الذى أنشئ فى العام 16 الهجري، والكوفة الذى بنى فى العام 18 الهجري، وهما عبارة عن مساحة بسيطة من الأرض لا تتعدى 50×30 ذراعًا، واختلط حولهما خندقًا حتى يعزلهما عن الأراضى المحيطة بهما، ولكى يضمن لهما الطهارة. ويُعد مسجد الشهداء ببلبيس هو أو مسجد أقيم فى مصر الإسلامية، وأنه أسبق من حيث التاريخ من مسجدى الرحمة فى الإسكندرية، وعمرو فى الفسطاط. وتوالت عليه مراحل عديد من التجديد والتعمير عبر العصور المختلفة وآخر هذه العمائر يرجع إلى العصر العثمانى فقد أعاد بناءه الأمير مصطفى الكاشف عام 1002 هجريًا. ويتكون المسجد من مستطيل يحتوى على ثلاثة صفوف من الأعمدة الرخامية تقسم المسجد إلى أربعة أروقة موازية لحائط القبلة، وتيجان الأعمدة مختلفة الأشكال والطراز مما يدل على قممها وعلى أنها أخذت من أماكن متعددة، وتحمل الأعمدة عقودًا مدببة فيما عدا العقود المتوسطة التى على محور القبلة فهى نصف دائرية وأكبر اتساعًا من باقى العقود، ويقابل كل عقد فى جدار القبلة نافذة ذات ثلاث فتحات على شكل القنديلية، كما يوجد فى الجدار الشرقى مقابل كل رواق نافذة. أما باقى المسجد فمتهدم ولم يبق منه سوى المئذنة التى ثبت على بابها لوح من الرخام، ونقش عليه اسم صاحب تجديد المسجد، أما ضريح أمير الجيش والذى يرجح أن يكون للصحابى شريك بن سمى العطيفى فيتكون من مربع فى أركانه حنية كبيرة بداخلها حنية ثانية وفوق الحنيات الأربع القائمة فى أركان المربع ترتفع رقبة مثمنة بها أربعة نوافذ، وفوق الرقبة تقوم القبة وفى الضلع الشرقى للضريح أقيم مسجد بسيط يتكون من مستطيل به صفان من الأعمدة المقسمة إلى ثلاثة أروقة موازية للقبلة وبوسط المسجد فتحة مربعة لها رقبة بها نوافذ صغيرة، وللمسجد باب فى كل ضلع من أضلاعه عدا حائط القبلة، ويرجع مبنى الضريح القائم حاليًا إلى العصر العثماني، أما المسجد فمبانيه حديثة.