متابعة ما يقوم به رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، فى محاولته اجتثاث جذور مظاهر التطرف، لابد وألا نكتفى بتحيتها والإشادة بها، لكن المشكلة الحقيقية أن الدكتور جابر نصار يقف وحيدا فى خضم واحدة من أعنف المعارك وأعنى بها، منع تدريس المنتقبات للطلبة، وهى القضية التى أيده فيها القضاء، ثم منع ارتداء النقاب بالنسبة للطبيبات والممرضات بمستشفيات جامعة القاهرة. قضية النقاب واحدة من قضايا جذرية فى مسألة فرض أشكال التطرف على الساحة الجامعية. ولا بد أن يتزامن موقف مماثل من وزارة التربية والتعليم، لأنه من باب أولى أن تلميذ ابتدائى فى حاجة أكثر للتعرف على وجه مدرسته، لكن «أوكار» التطرف معششة فى وزارة التربية والتعليم بامتياز، لدرجة اعتراض طالبات على تعيين ناظرة مدرسة قبطية، وتظاهرهن، ولم نسمع من الوزارة أى تعليق. الدكتور جابر نصار تصله فى جامعة القاهرة الرءوس جاهزة بتطرفها ونقابها ومحاولاتها فرض السطوة لكن «المفرخة الحقيقية» والمشاتل موجودة فى المراحل السابقة، موجودة فى تلك المدارس التى لم يعد أحد يعرف من المسئول عنها وعن مدرسيها وطلابها ونظارها.. عندما اكتشف المجتمع بعد عزل الإخوان أن هناك عشرات وربما مئات من المدارس التى أسس لها الإخوان، وأن هذه المدارس هى الركيزة والبنية التحتية لتنظيم الإخوان، كانت مفاجأة أن تجد هذه المدارس أشبه بمستعمرات مستقلة، لا تعترف لا بعلم البلد ولا نشيدها وأن لها أفكارها ورؤيتها المؤسسة للفكر الإخوانى. الآن ربما تكون هذه المدارس واضحة المعالم قد حوصرت، أو هذا ما يتمناه المجتمع، لكن هناك مشكلات فعلية فى مدارس الوزارة نفسها، وهى المعين الأساسى الذى يمد جامعة الدكتور جابر وغيرها، بل الذى يمد المجتمع كله بالتطرف. وضعية مدارس التربية والتعليم بحاجة لرؤية قوية وشجاعة، يسندها المجتمع والدولة، للتصدى لكل ما لا يتسق والدولة المدنية. الأولى أن يدفع وزير التربية وأجهزته لمسح جذرى لأحوال مدارسه بادئًا من المرحلة الأولى، التى تستفرد بها وبجزء واسع منها مدرسات منتقبات متطرفات، أما المواقف الموائمة فهى الكارثة بعينها. المسألة صارت خاضعة لهبات مجتمعية، تقوم وتنطفئ، ووزارة التربية غارقة فى بحور التطرف، ونحن ندير الرءوس أو ندفنها، مكتفين بالتنظيف من السطح، وندفع الثمن، كمجتمع.. نحن فى انتظار قرار مماثل من وزارة التربية بمنع النقاب فى المدارس، هذا مبدأ لابد أن نصر عليه ولا نتراجع، وإلا فلا معنى للجهود الجبارة التى يبذلها رئيس جامعة القاهرة.