توعدت الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) بالقتال من أجل تغيير النظام عبر الكفاح المسلح، وذلك عقب معارك بين مسلحي الحركة والجيش السوداني في ولاية النيل الأزرق، مما أدى لسقوط قتلى وجرحى ونزوح آلاف المدنيين، بدورها أغلقت الخرطوم مكاتب الحركة ومنعتها من مزوالة العمل السياسي. وأكد الأمين العام للحركة فرع الشمال ياسر عرمان في بيان إن ما حدث في ولاية النيل الأزرق "أمر مدبر"، وهو "امتداد لما حدث في جنوب كردفان من محاولات المؤتمر الوطني اقتلاع جذور القوى الوطنية والديمقراطية الفاعلة في المسرح السوداني". وقال عرمان إن ثمانية أشخاص قتلوا في مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق، بينهم امرأتان وطفل، متهما سلطات الولاية باعتقال عدد من قيادات وكوادر الحركة الشعبية في المدينة. ولفت إلى أنه لم يتبق أمام الشعب السوداني سوى "المزاوجة بين العمل السلمي الجماهيري الواسع لتغيير النظام وبين الكفاح المسلح الجماهيري المسنود من جبهة واسعة تمتد من النيل الأزرق شرقا إلى دارفور غربا". ووصف عرمان أحداث النيل الأزرق بأنها مكملة للانقلاب السياسي والعسكري على اتفاقية السلام الشامل والمشورة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق (وهي الآلية الوحيدة المتفق عليها) وانقلاب على نتيجة الانتخابات. ودعا عرمان أيضا المجتمع الدولي الضامن لاتفاقية السلام للاضطلاع بواجبه في التصدي لهذا "الانقلاب السافر"، مطالبا بفرض حظر جوي أممي يمتد من دارفور وجنوب كردفان إلى النيل الأزرق لعدم السماح بتكرار "التطهير العرقي واستهداف المدنيين". نزوح وقد نزح آلاف من سكان الدمازين نتيجة القتال خلال اليومين الماضيين بين الجيش السوداني والجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن ما يصل إلى ثلاثة آلاف شخص فروا إلى إثيوبيا من الاشتباكات المسلحة في المنطقة، داعية إلى وقف فوري للقتال لمنع حدوث أزمة إنسانية. وتحدث شهود عيان عن آلافٍ من السكان نزحوا عن الدمازين على متن السيارات وعلى ظهور الدواب أو مشيا على الأقدام. ونسب مدير مكتب الجزيرة في الخرطوم المسلمي الكباشي إلى مصادر حكومية سودانية قولها إن الحركة الشعبية كانت أجْلت عائلات قيادييها من الدمازين إلى الكرمك استعدادا فيما يبدو للهجوم. وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير أعلن حالة الطوارئ الجمعة في الولاية بعد المواجهات كما عزل واليها مالك عقار وعين حاكما عسكريا للولاية. وتبادل الطرفان المسؤولية عن نشوب القتال في ولاية النيل الأزرق مساء الخميس. وتحدث والي النيل الأزرق رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار، في تصريح للجزيرة، عن هجمات استهدفت مواقع الجيش الشعبي بالدمازين بما فيها منزله. فيما اتهم الجيش السوداني قوات من الحركة الشعبية موجودة في النيل الأزرق بمهاجمة الدمازين ومناطق أخرى. يذكر أنه خلال المشورة الشعبية طلب البعض في النيل الأزرق بحكم ذاتي بينما لم تجر هذه المشورة المنصوص عليها في اتفاقية السلام في جنوب كردفان. حظر الشعبية في غضون ذلك قال مسؤول في فرع الحركة بالشمال إن الحركة أبلغت من مسؤولين في الحكومة السودانية بحظر أنشطتها وطلبوا منهم عدم المشاركة في أي عمل سياسي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان. وأضاف أن قوات الأمن سيطرت أيضا على المكاتب الرئيسية لفرع الحركة بالشمال في الخرطوم. ونقل أحد مسؤولي الحركة عن ضباط الأمن قولهم إن الهيئة المسؤولة عن تسجيل الأحزاب السياسية قالت إن الفرع الشمالي للحركة ليس حزبا قانونيا لأنه لم يسجل في السودان. في المقابل لم يصدر أي تعليق رسمي فوري من الخرطوم لتأكيد أو نفي هذه الأخبار. وأفاد الإعلام الرسمي السوداني بأن الحركة الشعبية قطاع الشمال قتلت 17 مدنيا، خلال معارك مع القوات السودانية في ولاية جنوب كردفان. وذكرت وكالة الأنباء السودانية أنه "استشهد 17 مواطنا من بينهم طفل وجرح 14 آخرون من بينهم عدد من النساء خلال الهجوم الذي نفذته الحركة الشعبية الخميس على منطقتي أم دحيليب ومرنج بوحدة كادوقلي الإدارية بولاية جنوب كردفان". قلق دولي دوليا دعت الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة إلى وقف الاقتتال في ولاية النيل الأزرق وأبدتا قلقهما البالغ لما يحدث هناك. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن واشنطن قلقة للغاية من اندلاع القتال بولاية النيل الأزرق وكذلك لاستمرار تعبئة قوات الطرفين. وطالبت المتحدثة الطرفين بوقف الاشتباك وحماية المدنيين والبدء في حوار من أجل تجنب مزيد من تصاعد العنف. وفي السياق نفسه، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "عميقَ القلق" لتطورات الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودعا إلى وقف المعارك والسماح بدخول منظمات الإغاثة، واحترام وقف أحادي لإطلاق النار أعلنه البشير الشهر الماضي لأسبوعين.