بعض مشكلاتنا الاقتصادية أصبحت مشكلات مزمنة لأنها لم تحسم حتي الآن لأسباب عديدة كما يقول الخبراء منها تضارب الاختصاصات والقرارات بين الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة وأيضاً غياب الإرادة الاقتصادية وعدم حل المشكلات بشكل مؤسسي ولكن أهم الأسباب الذي اتفق عليها الخبراء هي سيطرة البيروقراطية في الأجهزة الحكومية ووضع القرارات الاقتصادية في يد الأقل خبرة بل ذهبوا إلي أبعد من ذلك وحملوا مسئولية تفاقم المشكلات الاقتصادية إلي عشق البعض في الأجهزة الحكومية للفكر الاشتراكي وما يتبع ذلك من عرقلة المسيرة الاقتصادية التي لا تؤمن سوي بحرية السوق ويتحكم فيها فكر القطاع الخاص. بداية يقول د. شريف دلاور عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الديموقراطي إن مشكلاتنا الاقتصادية متكررة وثابتة علي مدار السنوات الماضية بل إنها أصبحت مشكلات مزمنة لا حل لها إلي درجة أنها أصبحت تشكل أزمات شديدة في حركة الاقتصاد. وأضاف دلاور ان طبيعة الإدارة الاقتصادية الموجودة حالياً تصعب عليها مواجهة هذه المشكلات ولا يمكن القول إن هناك مشكلات اقتصادية من بداية الخمسينيات والستينيات وانها مازالت موجودة حتي الآن ونحن في عصر التكنولوجيا والمعلومات والأقمار الصناعية. وأشار إلي أن هذه المشكلة ليست في وجودها ولا في حجمها وكثافتها أو نوعيتها وإنما المشكلة تكمن في استمرارها بدون حل حتي تصل بنا إلي أزمة بل تكون أزمة مستديمة وعندئذ يصعب الخروج منها. ويري عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الديموقراطي ان الأزمة المزمنة لاقتصادنا ترجع إلي ثلاثة أسباب هي: عدم وجود إطار مؤسسي قوي وواضح ومتشابك في القوة قانونياً وتنفيذياً والثاني غياب التحليل العلمي الأساسي والذي يبحث في جذور المشكلة وأسبابها المتعددة لا إلي اللجوء إلي السبب الواحد السهل كما يحدث حالياً وبالتالي اتخاذ العلاج الواحد الأسهل الذي يولد مشكلات أكثر موضحاً أن هذا ينتج عن عدم وجود مؤسسات تتبع أساليب منهجية لتناول المشكلة وحلها. أما السبب الثالث كما يقول دلاور هو غياب الكفاءات بين القائمين علي أخذ القرار الاقتصادي. أكد شريف دلاور ان الحكومة تنبهت مؤخراً وأتت بكفاءة اقتصادية شابة لحل مشكلات الاستثمار مثل د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار مشيراً إلي أن ما كان يحدث من قبل كان عبارة عن نظرة اقتصادية محدودة للمشكلات وليست نظرة شمولية تراقب تطورات العصر وتأخذ معطيات الحاضر وتشكل مفاهيم حديثة ومتطورة عن طريق اجتذابها من آليات الاقتصاد العالمي. ويري دلاور ان الاقتصاد يجب أن يكون مرتبطاً بالسياسة كحزمة واحدة ارتباطا وثيقا ويتبع الأساليب الحديثة التكنولوجية ويتفاعل مع آليات السوق العالمي ويكون ذلك من خلال كفاءات مسئولة اقتصادياً كما هو الحال سياسياً. ويطالب د. شريف دلاور بضرورة البعد عن تضارب القرارات والمهام والمسئوليات كما كان يحدث من قبل عندما كانت تتضارب قرارات وزارة المالية مع البنك المركزي وتتضارب اختصاصات بعض الوزارات مع بعضها البعض نحو قرار معين علي سبيل المثال تضارب قرارات واختصاصات وزارة الإسكان مع بعض الوزارات الأخري حول حل مشكلات إسكان الشباب إلي غير ذلك. أمنيات وليست قرارات ويتفق مع الرأي السابق د. محمد عبدالحليم عمر رئيس مركز صالح كامل وأستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر ويضيف ان العيب الأساسي والخطأ الذي نقع فيه هو التصريحات والقرارات الشكلية فقط وليست تنفيذية بدليل أننا كنا نناقش مشكلات عديدة علي سبيل المثال منذ عام 1981 مثل مشكلة التعديات الجمركية والتشوهات في الرسوم ومازلنا حتي نهاية عام 2004 نبحث في أخذ القرارات لعلاج هذه التشوهات أي بعد 23 عاماً لدرجة أن المشكلة أصبحت متفحلة ومزمنة وكذلك الأمر في خطوات الإصلاح التي تم أخذ قرارات لها في عام 1991 مازال 90% من هذه القرارات لم يطبق بعد. ويطالب أيضاً د. عبدالحليم عمر بضرورة عمل تنسيق دوري بين الجهات المسئولة من هيئات ووزارات ومعنية بتنفيذ القرارات الملزمة لمتابعة تنفيذ القرارات الاقتصادية. وبسؤاله لماذا لا تسير بعض الجهات والهيئات والوزارات والمحافظات وفق خطط وأساليب ناجحة كما يفعل بعض المحافظين قال د. عبدالحليم عمر إن ما يقوم به بعض المحافظين: محافظ قنا والإسكندرية علي سبيل المثال يعتبر للأسف استثناء وليس قاعدة مع أنه من المفروض أن تكون الأساليب الناجحة هي القاعدة والفاشلة هي الاستثناء إلا أن هؤلاء المحافظين قاموا بالتنسيق والتشاور مع مواطنيهم وليس مع الحكومة وإن القرارات كانت نابعة من المحافظة إلي المواطن مباشرة سواء الموافقة علي مشروع أو رفض له، أي أن القرارات كانت من الشعب للشعب وليس من الحكومة إلي الشعب ويعتبر ذلك هو "سر النجاح".