هل سيساهم القرار الخاص بالسماح بتأجير الوحدات السكنية المخصصة للتمليك بالمدن الجديدة في تنشيط السوق العقاري وفي جذب السكان لهذه المدن؟ أم أن هناك عوامل أخري يمكن عن طريقها جذب المستثمرين والسكان معا للمجتمعات العمرانية الجديدة؟! تساؤل طرحناه علي العديد من الخبراء المهتمين بالمدن الجديدة فأكدوا أن تأجير شقق التمليك ليس حلا كافيا لجذب السكان لهذه المدن في ظل غياب شبكة للمواصلات الداخلية والخارجية والمدارس والمستشفيات ومراكز الشرطة.. وأوضحوا أن المدن الجديدة تحاصرها العديد من المشكلات ولن تقود لتنمية بشرية أو اجتماعية أو صناعية حقيقية!! وطالبوا القطاع الخاص بالمشاركة بشكل فعال في تمويل وتنفيذ وإدارة العديد من المشروعات الخدمية التعليمية والصحية والتجارية لتحقيق الجذب السكاني من ناحية.. والتقليل من الضغط علي ميزانية الدولة من ناحية أخري. يقرر د.صلاح فهمي الأستاذ بكلية الاقتصاد والادارة بجامعة 6 أكتوبر إن سماح الحكومة بتأجير وحدات الاسكان المخصصة للتمليك بالمدن الجديدة، لن يؤدي إلي جذب السكان لهذه المدن.. فقط يمكن أن يساهم بشكل أو بآخر في زيادة الطلب علي هذه الوحدات وتنشيط السوق العقاري. ويضيف: إن جذب السكان للمدن الجديدة يحتاج إلي إنشاء شبكة مواصلات داخلية وخارجية علي مستوي جيد.. كما يحتاج إلي تقديم خدمات تعليمية وصحية وترفيهية وأمنية.. فمدينة مثل 6 أكتوبر التي أعمل بها لا توجد بها خطوط مريحة تربطها بالقاهرة ولا يوجد مترو أو قطار سكة حديد كما لا توجد أتوبيسات علي مستوي جيد والميكروباص لا يكفي ويقوده شباب صغار متهورون يعرضون أرواح المواطنين للخطر بسبب السرعة الجنونية وغياب الرقابة المرورية علي طريقة المحور وطريق الفيوم إلا في أوقات محددة. شارع الهرم يتساءل د.صلاح فهمي: لماذا لا يتم توصيل مترو الانفاق من أسفل شارع الهرم ل6 أكتوبر ليساهم في حل المشاكل المرورية لهذا الشارع المختنق طوال اليوم، وفي الوقت ذاته يحقق الجذب السكاني للمدينة التي يغيب فيها الأمن بشكل كبير ليلا مشيرا إلي أن السكان لا يستطيعون السير ليلا في 6 أكتوبر بعد الساعة الحادية عشرة.. فكيف نطالبهم بالبقاء في المدينة وكيف يتحقق الجذب السكاني لها في ظل هذه الأوضاع؟! إن معظم الطلاب يفضلون الذهاب يوميا للقاهرة الكبري أو للقناطر الخيرية أو قليوب أو ضواحي الجيزة ويرفضون السكن في المدينة بسبب مشاكل المواصلات والأمن وعدم توافر الخدمات الرئيسية. الأمن والخدمات ويؤكد د.صلاحي فهمي: أن تأجير المحلات والمساكن المخصصة للتملك لا يكفي لجذب السكان لمدن مثل 6 أكتوبر والعاشر من رمضان وبدر والشروق أو غيرها من المدن.. فهذه المدن تحاصرها العديد من المشكلات الأمنية والخدمية.. العديد من مصانعها مغلقة أو تعمل بربع طاقتها ومعظم عمالها لا يجدون المواصلات التي تنقلهم إلي عملهم يوميا من خارج المدينة والمواصلات الداخلية رديئة وغير متوافرة والخدمات والترفيهية شبه معدومة فكيف يتحقق الجذب السكاني لهذه المدن في ظل هذه الأوضاع المأساوية! ويضيف: إن خفض أسعار أراضي مراكز الخدمات بمدينة العاشر من رمضان ومدينة بدر والتي تشمل: الأراضي التجارية والتعليمية والصحية والادارية من 270 جنيها للمتر إلي 200 جنيه لن يساهم في تحقيق الجذب السكاني للمدينتين في ظل غياب شبكة مواصلات جيدة داخلية وخارجية وفي ظل غيابا لأمن ومحدودية الخدمات الأخري. عناصر الجذب ومن جهتها تري الدكتورة تحية بيومي - سيدة أعمال - ومقيمة في مدينة بدر أن فتح الباب أمام تأجير وحدات الاسكان المخصصة للتمليك لن يساهم في جذب السكان للمدن الجديدة، لأن المواطن يحتاج إلي فرصة عمل مناسبة وسكن مريح بأجر معقول ومواصلات داخلية وخارجية علي مستوي جيد ومدرسة ومستشفي، وسوق تجاري يقدم له جميع احتياجاته بأسعار مناسبة.. ومعظم هذه الاحتياجات غير موجودة وإذا وجدت فبأسعار مغالي فيها لا يستطيع المواطن العادي أن يتحملها وبالتالي ستكون النتيجة: هجرة هذه المدن وعدم الاقامة بها! مدينة بدر علي سبيل المثال: سكانها يقفون لساعات طويلة يوميا في موقف "أربعة ونصف" في عزبة الهجانة ينتظرون الأتوبيس أو الميكروباص المتهالك الذي يقوده أطفال صغار متهورون.. وإذا تعطل الميكروباص أو الاتوبيس في الطريق.. فالركاب يقفون لساعات طويلة في لهيب الشمس أو برودة الجو لا حول لهم ولا قوة علي طريق مصر السويس الصحراوي في انتظار ميكروباص آخر يتحكم فيهم ويجبرهم علي دفع أجرة مضاعفة!!