يمثل عام 2007 علامة فارقة في تاريخ السوق العقاري المصري بسبب النمو الذي لم يحققه من قبل سواء علي مستوي التدفقات الاستثمارية القادمة اليه او التشريعات المحفزة للاستثمار سواء من خلال تنشيط منظومة التمويل العقاري ودخول 21 بنكا للعمل في المنظومة فضلا عن 7 شركات تعمل الآن في نشاط التمويل العقاري بالاضافة الي تشريعات اخري من قبل البنك المركزي تعطي ضوابط مرنة وواضحة لاقراض النشاط العقاري بعد قطيعة طويلة بين القطاعين العقاري والمصرفي في الوقت الذي كان يعاني السوق فيه من عطش لسنوات طويلة بالاضافة الي قرارات استراتيجية اخري مثل قرار الهيئة العام لسوق المال المصرية بالسماح بانشاء صناديق متخصصة في الاستثمار العقاري وطرح وثائقها للاكتتاب العام والسماح بانشاء صناديق استثمار عقاري مغلقة علي مجموعة من المساهمين والذي جاء متزامنا مع قرار وزارة الاستثمار بإنشاء بورصة عقارية متخصصة مهمتها الاولي تحديد قيم سوقية حقيقية للاصول العقارية. اما علي صعيد مناخ الاستثمار فقد ظهرت الجهود التي بذلتها الحكومة في النصف الثاني من العام 2007 سواء من خلال جذب الاستثمار المحلي او الخارجي من دول الخليج وفي مقدمتها الكويت والسعودية والامارات حيث ان القطاع الخاص المصري والمستثمرين العرب والاجانب باتوا اللاعبين الرئيسيين في سوق العقارات المصري بعد استحواذهم علي النسبة الاكبر من الاستثمارات في السوق حيث تقدر حصتهم ب 96.6% من حجم الاستثمارات العقارية المنفذة خلال هذا العام. المزايدات وتبقي مزايدات الاراضي الجديدة هي الاكثر سيطرة علي احداث السوق العقاري خلال عام 2007 والتي نجحت في جذب 16.7 مليار جنيه من جراء بيع 5000 فدان في المدن الجديدة وهي اكبر صفقة في تاريخ وزارة الاسكان في اول تطبيق لنظام المزادات بعد ان دأبت علي بيع الاراضي بنظام التخصيص حيث رأت ان النظام الجديد يحقق الشفافية والنزاهة وهو الاقرب الي الواقع بعد ان خدم نظام التخصيص اصحاب النفوذ والملايين خلال سنوات طويلة ليس ذلك فقط بل ابدت الحكومة رغبتها في التوسع في بيع الاراضي عبر هذا النظام وامتد نشاطه الي قطاعات اخري خلال العام 2007 وهما القطاعان السياحي والصناعي. العام الذهبي وبعيدا عن ازمات عام 2007 التي طفت علي ساحة السوق العقاري فقد وصف الكثيرون العام بالذهبي باعتباره طفرة غير مسبوقة اعادت للقطاع العقاري بريقة ودوره المنوط به في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلي الرغم من هذا التأييد فقد استقبل فريق آخر من الخبراء والمراقبين الطفرة العقارية بترحيب مشوب بحذر واعتبروها طفرة غابت عنها الضوابط والتي كان من المفترض اتخاذها قبل المضي قدما في استقبال الاستثمارات الوافدة الامر الذي ادي الي تصاعد المخاوف من ضياع شرائح المجتمع المصري من متوسطي ومحدودي الدخل في زخم الاستثمار العقاري الجديد الذي تعيشه مصر والذي ادي الي غليان الاسعار فضلا عن تركزه في مشروعات عقارية مقصورة علي الاسكان الفاخر الذي لا يخدم سوي طبقه تمثل 10% من سكان الشعب المصري وهم الاغنياء بالاضافة الي "تقزيم" قدرة المستثمر العقاري المصري علي منافسة المستثمر العربي الذي دخل بمشروعات عملاقة برأس مال ضخم تجاوز 20 مليار جنيه في بعض الاحيان مقارنة ب 500 مليون جنيه وهو اقصي رقم عرفه المستثمر المصري فضلا عن تغيير تركيبة الملكية العقارية للمشروعات والمنتجعات والقري السياحية وتسيطر علي اصحاب هذا الرأي نظرة تشاؤمية للمستقبل مع توقعات بتزايد احتمال حدوث تخمة عقارية بسبب المضاربات في ظل الاقبال العربي علي اقامة المشروعات العقارية حيث اعتبروا الانفلات في اسعار السوق العقاري خلال عام 2007 ماهو الا البداية لانفلات اكبر خلال السنوات المقبلة ووجهوا اللوم هنا للحكومة لانها تسرعت في خطوات انفتاح السوق العقاري قبل ان تهييء الاوضاع داخليا في ظل تعثرها في سد العجز في الوحدات السكنية التي تقدر بمليوني شقة يضاف اليها 500 الف اخري سنويا وفقد السيطرة علي ازمات الاحتكار في مواد البناء وفي مقدمتها الحديد والاسمنت وتحويل المدن الجديدة الي مجرد احياء للصفوة بدلا من جذب الكثافة السكانية من خلال تحقيق التكامل التنموي فيما يعرف بالمجتمعات العمرانية وعدم طرح مساحات مخصصة لمتوسطي ومحدودي الدخل قابلة للبناء ومجهزة بالبنية الاساسية فالمرافق مازالت حاجزا ضخما يصعب حله وهو مايهدد كثيراً من المشروعات الحكومية المستهدفة للشباب ومحدودي الدخل مثل ابني بيتك وخلافه مما سيسهم في عميق الفجوة بين العرض والطلب فضلا عن ارتفاع فوائد التمويل العقاري وبالتالي اقتصار نشاطه علي طبقات معينة وغياب دور التعاونيات والسماح لمقتنصي اراضي الدولة وماعرف بحيتان المدن الجديدة والمضاربين والسماسرة بالاثراء علي حساب الشعب المصري.