اعتقل البوليس الفرنسي هذا الأسبوع المتهم بحرق مركز الجالية اليهودية في باريس الأسبوع الماضي، وثبت ان المتهم الذي اعترف بجريمته يهودي فرنسي.. وكانت الصحافة الاسرائيلية تساندها بعض الأوساط الاعلامية في أوروبا قد شنت حملة شعواء بعد الحادث ضد ما أسمته تزايد الاتجاهات المعادية للسامية ولليهود في فرنسا. وجاء اعتقال اليهودي الفرنسي 52 سنة واعترافه الشامل بأنه هو الذي أحرق المركز وذلك بعد جهود مكثفة بذلها البوليس الفرنسي في باريس والذي اصبح فيما يبدو يجيد اللعبة تماما خاصة وقد تكررت لاكثر من ثلاث مرات في شهر واحد مع اختلاف السيناريو. ولكن الدافع الي اللعبة واضح ومكشوف وهو افتعال احداث توحي بأن هناك موجة من الاضطهاد لليهود والعداء للسامية تجتاح فرنسا نظرا لتزايد عدد المسلمين والعرب في فرنسا والذين يقدرون بحوالي 5 ملايين. وفي خلال الشهرين الماضيين، وفي أعقاب معركة الحجاب في فرنسا! ادعت سيدة يهودية ان هناك شخصاً عربياً اسمر قد يكون مغربيا أو جزائريا حسب ادعاء السيدة قد هاجمها هي وابنها الصغير في إحدي عربات مترو الانفاق في باريس في ساعة متأخرة من الليل، وحاول الاعتداء عليها وعلي طفلها.. وقامت ضجة واسعة مرة أخري في اسرائيل وفي اوساط الجالية اليهودية الفرنسية في فرنسا والتي تقدر بحوالي 600 الف نسمة، وراحت التحليلات والاحصائيات تتوالي لتؤكد الكارثة وهي تصاعد العداء لليهود وللسامية في فرنسا واعلنت مصادر يهودية ان هناك حوالي 300 اعتداء علي اشخاص وممتلكات يهودية في فرنسا خلال الفترة من يوليو 2003 الي يوليو 2004. في تلك الاثناء، وفي موقف درامي مسرحي يبدو انه مدبر وبدقة، اعلن آريل شارون رئيس وزراء اسرائيل صيحته الغاضبة التي طالب فيها اليهود الفرنسيين بسرعة الهجرة الي اسرائيل قبل ان تغتالهم موجة الكراهية لليهود التي تجتاح فرنسا. وكان لنداء شارون الكاذب رد فعل عكسي في كل فرنسا واعتبرته الحكومة الفرنسية تدخلا غير مسبوق في شئون مواطنيها ومحاولة لاثارة القلاقل والفتن، بينما رفضت قطاعات واسعة من الجالية اليهودية نفسها نداءات شارون الواهمة والكاذبة. الأهم من شارون وادعاءاته انه بعد عدة ايام من تلك الادعاءات وايضا نتيجة وعي ونشاط الاجهزة الامنية الفرنسية التي اصبحت مدربة وبشكل جيد في هذه الحالات اعترفت السيدة اليهودية التي كانت قد ادعت بأن هناك اعتداء قد وقع عليها وعلي ابنها من جانب أحد الشبان العرب في مترو الانفاق، بأن شيئا من ذلك لم يحدث، وأنها اضطرت لافتعال الحادث وتقديم بلاغ بذلك نتيجة ضغوط من جانب بعض افراد الجالية اليهودية.. وتكرر سيناريو الادعاءات الكاذبة ثلاث مرات في شهر واحد الامر الذي جعل صحيفة امريكية مثل الهيرالد تربيون تقول في تعليق اخير لها بعد قيام يهودي فرنسي بحرق مركز الجالية اليهودية في باريس انه يبدو ان في الامر خدعة أو خديعة، وأن هناك التباس كبيراً في قضية العداء للسامية في فرنسا، وبعض القوي تحاول الدفع في هذا الاتجاه، ولكن الصحيفة لم تنس في نفس الوقت ان تؤكد علي تزايد النفوذ العربي والاسلامي داخل فرنسا وأثر ذلك علي السياسة الفرنسية. ونحن لا نشك لحظة في أن حادث اختطاف الصحفيين الفرنسيين في العراق من قبل بعض الجماعات التي تطلق علي نفسها اسم الجيش الاسلامي ليس بعيدا عن سلسلة هذه المسرحيات اليهودية في فرنسا والتي تحاول تشويه صورة العرب والمسلمين ودق اسفين بين الشعب الفرنسي والشعوب العربية الاسلامية. فالصحفيان الفرنسيان اللذين يعمل احدهما في الاذاعة الفرنسية والثاني في صحيفة الفيجارو، كلاهما معروف بتعاطفه مع القضايا العربية حتي قيل العدوان الامريكي علي العراق، ومحرر الفيجارو بشكل خاص كتب كثيرا في الأعوام الماضية عن بشاعة وبربرية الجيش الاسرائيلي في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية، وقد وصلت الي الفيجارو شكاوي كثيرة من جانب بعض اعضاء الجالية اليهودية الفرنسية من انها تنشر اراء معادية للسامية ولليهود. ويري بعض المحللين انه ليس من المستبعد ان تكون نفس القوي التي اثارت بعض الاحداث في فرنسا تحت دعاوي زيادة العداء للسامية، هي نفسها التي دبرت ودفعت الي اختطاف الصحفيين الفرنسيين واعتبارهما رهائن والتهديد بقتلهما ما لم تعلن فرنسا تراجعها عن قانون حظر الحجاب في المدارس الفرنسية. ويذهب هؤلاء الي انه حتي لو لم يثبت ان هناك علاقة عضوية حقيقية بين المدبرين لهذه الاحداث في فرنسا والعراق الا أن قراء موضوعية للاحداث تؤكد انها تؤدي الي نفس الاغراض والاهداف وهي: