أرقام فلكية تخرج من مسئولي وزارة المالية بشأن الحصيلة المتوقعة من جراء فرض ضرائب علي تعاملات البورصة، بنسبة واحد في الالف، بينما أكد خبراء تلك المهنة، أن تلك الارقام مبالغ فيها للغاية وغير حقيقية بالمرة. فبينما أعلن هاني قدري، مساعد أول وزير المالية أن ضريبة الدمغة الجديدة المفروضة علي البيع والشراء في البورصة بواقع 1 في الألف، ستحقق وفورات تقدر بنحو 450 مليون جنيه سنويا، وفقا لمعدلات التداول في العامين الماضيين، إلا أن الخبراء نفوا ذلك تماما بل وأكدوا أن الحصيلة المتوقعة لتلك الضريبة لن تتجاوز في مجملها 24 مليون جنيه علي اقصي تقدير، بل والأكثر من ذلك ستتسبب تلك الضريبة في تراجع قيمة التداولات إلي النصف تقريباً، لأنها تقارب نحو 50 % دفعة واحدة من تكلفة التداول. الخبراء قالوا إن القرار خطير لأنه سيؤثر بالضرورة علي نحو 35 ألف عامل وأسرهم يعملون في هذا المجال، الذي يعد هو باب رزقهم، إضافة إلي أن القرار جاء بدون دراسة أو استشارة خاصة في ظل مؤشرات وارقام خطيرة تدلل علي خروج الآف المستثمرين من السوق نتيجة تردي الاوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد. وتوقع مساعد وزير المالية هاني قدري، أن يتم إحالة القوانين الضريبية المعدلة لمجلس الشوري خلال ايام، مشيرا إلي أن برنامج الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي المزمع تطبيقه يرتكز علي 7 محاور، هي الاستثمار والتشغيل، والعدالة الاجتماعية، والابداع وريادة الأعمال، والاصلاح المالي والاقتصادي، ومكافحة الفساد والطاقة، والسياحة. وقال قدري إن فكرة الاصلاح المالي والاقتصادي تقوم علي توليد الاستثمارات، وإعادة تبويب النفقات، وضخ الدعم لمستحقيه، ووصوله إلي الفئات المهمشة، وهي ما اعتبرها الخبراء بسوق الاوراق المالية بأنها تصريحات تخرج من مسئولين ليست لديهم علاقة بالأوضاع في مصر، حسب قولهم. من جهته أكد ايهاب سعيد رئيس قسم التحليل الفني بشركة ?اصول? للسمسرة في الأوراق المالية، أن القرار الذي شكل صدمة كبيرة لغالبية المتعاملين كونه يمثل زيادة تقارب 50% دفعة واحدة علي تكلفة التداول، والجدير بالذكر أن الحكومة كانت قد سبق واعلنت عن نيتها في فرض ضرائب علي الاكتتابات الاولية وكذا علي الشركات المدرجة في حال احداث أي تغيير في هيكل الملكية سواء بغرض التقسيم والاندماج. وأكد ايهاب سعيد أنه وإذا ما افترضنا أن حجم التعاملات اليومية يدور حول الي 200 مليون جنيه يوميا كما هو الحال عند اتخاذ الحكومة لهذا القرار.. فصدق أو لا تصدق، ستكون حصيلة تلك الضريبة سنويا تدور حول 48 مليون جنيه فقط، علما بأنه من المتوقع في حال الاقرار النهائي لهذا القانون أن تتراجع قيم التعاملات بشكل اكبر وبنسبة لا تقل عن 50%، مما يعني قيم تعاملات يومية تقارب 100 مليون جنيه فقط.. أي حصيلة ضريبية لا تتجاوز 24 مليون جنيه سنويا، وليس كما ادعي البعض أن العائد المتوقع يدور حول 450 مليون جنيه. وأضاف ايهاب سعيد أنه وعلي ما يبدوا أن الحكومة قد اقتنعت بالفعل من عدم جدوي تلك القرارات علي اعتبار أن البورصة قلما تشهد أي طرح أولي خلال السنوات الأخيرة، وحتي إعادة الهيكلة بغرض الاندماج أو التقسيم أو خلافه.. فكلها امور قد تتراجع بشكل كبير مستقبلا لاسيما بعد هروب معظم الشركات الكبري المدرجة بالبورصة المصرية بسبب الاوضاع السياسية المضطربة.. ومن ثم فطنت الحكومة إلي ضعف العائد وقررت البحث عن بديل آخر.. وهذا البديل تمثل في فرض الضريبة علي التعاملات اليومية، متحججة بأن تلك الضريبة مطبقة في العديد من الدول الغربية علما بأنه يستحيل مقارنة البورصة المصرية الناشئة بتلك البورصات المتقدمه بحجة أنها تطبق ضريبة علي أسواق المال، فالشركات العالمية هي التي تسعي للادراج في هذه البورصات وكذلك المستثمرين نظرا لارتفاع مستوي الشفافية والافصاح وجودة المنتجات المعروضة، ولهذا عليها أن تدفع مقابل هذا، أما بورصتنا فهي مجرد بورصة ناشئة تسعي لجذب اكبر قدر من الشركات للقيد بها وكذلك المستثمرين للتعامل فيها، ولا ادل علي هذا مما حدث عام 1998 عندما قررت الحكومة اعفاء الشركات المدرجة بالبورصة من الضرائب لمدة عشر سنوات.. الامر الذي دفع عشرات الشركات للاقبال علي القيد.. بعضها استمر بالفعل واضحي من أهم الشركات المدرجة والبعض الآخر اكتفي بالسنوات العشر وطالب بالشطب الاختياري عام 2008 وهذا يوضح إلي أي مدي تسعي حكومات البورصات الناشئة علي جذب الشركات للقيد بها.. ولذا نجد أن جميع بورصات الدول المحيطة تخلو تماما من أي ضريبة لجذب اكبر قدر من المستثمرين والشركات، مؤكدا في الوقت نفسه أن فرض ضرائب علي تعاملات البورصة سيضر 35 ألف موظف وأسرهم ولن يجني إلا 24 مليون جنيه في العام، وأن الحكومة الحالية تبدو وكأنها تعيش في دولة أخري فالتخبط وأضح في كل شيء، فلماذا نتعجب من قرار فرض ضريبة علي البورصة. من جهته أكد أحمد حنفي خبير التحليل الفني باحدي شركات الوساطة في الأوراق المالية، أن الرؤية ستظل منعدمة تماماً بشأن هذه القرار غيرالمدروس والذي قد يتسبب بالفعل وبكل اسف في تدمير قطاع الأوراق المالية في مصر.. الامر الذي يدفعني للتساؤل حول قانون الصكوك، فما اعلمه أن الصكوك السيادية التي تنوي الحكومة تفعيلها كاداة للتمويل سيتم طرحها بالبورصة، ولذا فمن مصلحة الحكومة الحفاظ علي هذا السوق.. بل وجذب شرائح جديدة له قبل طرح تلك الصكوك، ولكن المؤسف أن هذا القرار قد يتسبب في هروب المستثمرين وهو ما بدأت تظهر بوادره بالفعل، فلمن اذن ستطرحوا الصكوك التي كنا نمني النفس بأنها ستنعش البورصة. من جهته أكد وائل عنبة خبير سوق المال، أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقارن أنفسنا بالدول الغربية وندعي أنها تطبق ضريبة علي أسواق المال، فتلك أسواق متقدمة، والشركات تسعي إليها، ولهذا عليها أن تدفع مقابل الإدراج فيها.. أما بورصتنا فهي مجرد بورصة ناشئة تسعي لجذب اكبر قدر من الشركات للقيد بها، ولكن يبدو أن الحكومة الحالية اقتنعت بالفعل من عدم جدوي فرض ضريبة علي الشركات حال طرح أسهمها أوليا في البورصة وكذلك في حال إحداث أي تغيير في هيكل الملكية علي اعتبار أن البورصة قلما تشهد أي طرح أولي خلال السنوات الأخيرة. إلي ذلك اعتبرت المحللة الاقتصادية بأحد بنوك الاستثمار مني منصور، إن فرض أي ضريبة علي المعاملات بالسوق تخفض من جاذبيتها الاستثمارية، خاصة أن الأسواق الناشئة المجاورة لا تفرض، مثل هذه الضرائب، موضحة أن البورصات الاقليمية في منطقة الشرق الأوسط تسعي إلي إدخال أدوات مالية جديدة، وفتح الباب أمام المتعاملين الأجانب، من أجل تنشيط وزيادة المعاملات بها، بينما تفرض مصر رسوما، رغم أن حصيلة هذه الضريبة لن تكون كبيرة في ظل الظروف الحالية للبلاد. وقالت الحكومة المصرية إن البرنامج الاقتصادي المعدل الذي أعلنته الاسبوع الماضي، يستهدف فرض ضريبة دمغة بنسبة واحد في الألف علي معاملات البورصة للبائع والمشتري علي نحو مماثل لما هو معمول به في العديد من الدول، وهو ما لقي اعتراضات شديدة من متعاملين في السوق.