تتفاعل في اليمن الجهود الشعبية الساعية لاسترداد مليارات الدولارات من مسئولي النظام السابق، في وقت يعتقد فيه خبراء أن حالة التوافق باليمن تشكل عائقا أمام مساعي المطالبة باسترداد الأموال المنهوبة، وطالبوا الحكومة اليمنية بالتحرك وإعداد ملفات قضائية بأسماء المتهمين بنهب الأموال والمطالبة باستعادتها. ويتهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي أطاحت به ثورة شعبية انطلقت يوم 11 فبراير 2011 بأنه كوّن ثروة تجاوزت ال50 مليار دولار خلال سنوات حكمه التي امتدت 33 عاما، كما يتهم أبناؤه وأعوانه بالاستيلاء علي المليارات، وإيداع الثروات في بنوك خارجية علي شكل استثمارات عقارية وفندقية وأموال سائلة. ويري سعيد عبدالمؤمن الباحث والأستاذ الجامعي أن ثمة ضعفا بالتحرك لاستعادة الأموال المنهوبة، وأرجع ذلك إلي حالة التوافق الوطني التي أقرتها المبادرة الخليجية كسبيل للتسوية السياسية في البلاد. ورأي عبدالمؤمن في حديث للجزيرة نت أن المطلوب هو تكوين فرق متخصصة وقادرة علي تحديد حجم الأموال المنهوبة والجهات التي نهبت وكيف تم التصرف فيها وهل حولت للخارج، وأضاف أن التحرك لاسترداد هذه الأموال يتطلب سن أحكام قضائية، وتكوين قاعدة قانونية تساعد علي تحريك الرأي العام المحلي والخارجي، والضغط علي الدول التي هربت إليها هذه الأموال بما يؤدي لاستعادتها. من جانبه، رأي ياسين التميمي المحلل السياسي في حديث للجزيرة نت أن الحكومة اليمنية التي أعلنت أنها تسلمت بنكا مركزيا خاليا من الأموال عقب خروج صالح من السلطة مطالبة بأن توضح حجم الأموال التي نهبت، كما طالب بتحديد مصير الودائع المالية المقدرة بملايين الدولارات التي كانت في عُهدة وزارة النفط قبل سقوط النظام، والتي كشف عنها الغطاء مؤخرا. وأشار إلي أن مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2014 ألزم حكومة اليمن بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات الإنسانية، رغم إقرار قانون الحصانة للرئيس المخلوع وأعوانه، والأحري أن تتشكل لجنة خاصة للتحقيق في كل الأموال التي فقدت.. ويعتقد أن لدي الحكومة كل الوسائل الكافية لتتبع الأموال المنهوبة وإعادتها دون أن يتنافي ذلك مع قانون الحصانة التي أقرتها المبادرة الخليجية؛ لأن مثل هذه العملية لا تقتضي وقوف رأس النظام المخلوع وبقية رموزه في قفص المحاكمة. وقد كشف محمد سميح المنسق العام لهيئة استرداد الأموال المنهوبة باليمن أن الاتحاد الأوروبي تجاوب مع مطالبهم بتجميد الأموال المنهوبة والعقارات التي تتبع رأس النظام المخلوع وأعوانه، مشيرا إلي أن أول بادرة طيبة جاءت من ألمانيا التي رفضت محاولة نجل صالح سحب أموال من بنوكها وتحويل ملكية عقارات باسمه واسم والده لأسماء آخرين، وذلك أثناء وجوده بها الأسبوع الماضي، لكنه أبدي أسفه لعدم تفاعل دول عربية، بينها البحرين والإمارات، التي هُربت إليها أموال وأرصدة باسم الرئيس المخلوع وأبنائه وأعوانه، وأكد أن 70% من الأموال المنهوبة من قبل نظام صالح السابق وأعوانه موجودة داخل اليمن وفي البحرين وإمارة دبي. وكشف سميح عن وجود توجه رسمي لتشكيل لجنة حكومية تعني باسترداد الأموال المنهوبة، وقال: "وفقا لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والجريمة، هناك فصل يوضح كيفية استعادة الأموال المنهوبة، ودول الخليج موقعة علي الاتفاقية وملزمة بما ورد بها"، داعيا الحكومة اليمنية إلي التقدم بطلب رسمي لاستعادة الأموال وتحدد فيه أسماء المتهمين، ونوه إلي أن قضية استعادة الأموال المنهوبة قد أُدخلت ضمن محاور مؤتمر الحوار الوطني المرتقب؛ حيث أقرت اللجنة الفنية للمؤتمر وضع استرداد الأموال المنهوبة علي طاولة نقاش الحوار الوطني، كما لفت إلي أن الحكومة اليمنية استجابت لمطالبهم، وأعلنت في ديسمبر الماضي انضمام اليمن إلي شراكة "دوفل" المعنية بدعم اقتصادات دول الربيع العربي والتحول الديمقراطي، والتي تقر استرداد الأموال المنهوبة من الشعوب وآليتها والوصول إلي المعلومات بشأنها. وأوضح أن شراكة دوفل، ومقرها فرنسا وتتكون أساسا من الدول الثماني الصناعية الكبري، تلزم اليمن من أجل حصوله علي دعم اقتصادي أن يقوم باستعادة الأموال المنهوبة وأن يحرك القضاء ويقدم ملفات بأسماء ناهبي الأموال إلي المحاكم الوطنية والدولية.