لتغطية وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة لإفصاح الشركات المساهمة المدرجة في أسواق الأسهم عن نتائج أعمالها في أي فترة من فترات السنة، أهمية لافتة، إذ تلعب الأرقام الإيجابية المنشورة دوراً مهماً في تعزيز الثقة في الاستثمار بأسواق المال، خاصة بعد تراجع هذه الثقة منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 إلي مستويات متدنية أدت إلي انخفاض سيولة أسواق المنطقة بنسبة كبيرة، وتراكم الودائع لدي المصارف الراغبة في تجنب أخطار الاستثمار في أسواق المال، علي رغم الانخفاض الكبير في أسعار الفائدة علي الودائع إلي أقل من مستويات التضخم السائدة في كثير من دول المنطقة، وهو ما خفض القوة الشرائية للأموال المودعة. لكن بعض وسائل الإعلام تبدو غير مفيدة للمستثمرين في أسواق المال من خلال عناوين الأخبار المتعلقة بنتائج بعض الشركات حين تركز هذه العناوين علي إيجابيات محدودة وتتجاهل تفاصيل ومؤشرات سلبية، ربما بهدف تعزيز الطلب علي أسهم هذه الشركات ورفع أسعارها في السوق ومنعاً لانخفاضها، بما ينسجم مع رغبات إدارات الشركات المعنية. فعندما يكون العنوان الرئيس لخبر يتعلق بنتائج إحدي الشركات المساهمة، مثلا، "نمو كبير في الإيرادات التشغيلية بينما يتبين من الاطلاع علي بنود الأرباح والخسائر والموازنة العامة أن هذه الشركة تكبدت خسائر كبيرة خلال الفترة المعنية نتيجة انخفاض قيمة أصولها واضطرارها إلي تخصيص احتياطيات مالية ضخمة لمواجهة هذه الانخفاضات، يكون ثمة خلل في التغطية. وكذلك الأمر عندما يكون العنوان الكبير لخبر يتعلق بنتائج أحد المصارف، مثلا، "نمو كبير في حجم الودائع" فيما تفاصيل بنود الموجودات تبين تراجعا واضحا في قيمة القروض والسلف ما انعكس سلباً وفي صورة واضحة علي نتائج هذا المصرف بعد ارتفاع قيمة المخصصات وارتفاع قيمة النفقات التشغيلية. ثمة أمثلة كثيرة في هذا الصدد، فعند نشر نتائج شركات من مختلف القطاعات، قد تغيب الاشارة إلي العائد علي رأس المال أو العائد علي حقوق المساهمين أو العائد علي إجمالي الموجودات، وهي مؤشرات مهمة تعكس كفاءة الإدارة والاستغلال الأمثل للموارد والأصول في هذه الشركات، إضافة إلي انعكاس هذه المؤشرات علي قيمة الأرباح الموزعة وعلي مؤشرات جاذبية أسعارها، وفي مقدمتها مؤشر مضاعف الأسعار. ويلاحظ عدم التفات وسائل الإعلام إلي مؤشرات السيولة وأخطارها عند تحليل أداء الشركات إضافة إلي مؤشرات النمو وفي مقدمها نمو الموجودات ونمو حقوق المساهمين ونمو الأرباح ونمو المبيعات وغيرها من المؤشرات المهمة. وتقع علي عاتق هيئات الأوراق المالية في المنطقة مسئولية تعزيز دور وسائل الإعلام في نشر ثقافة الاستثمار في الأسواق المالية في ظل الانخفاض الكبير في مستوي الوعي الاستثماري لشريحة مهمة من المستثمرين، خصوصاً الصغار منهم. وغني عن البيان أن ارتفاع مستوي ثقافة الاستثمار يؤدي إلي ارتفاع كفاءة الأسواق وتقليل الفجوة بين الأسعار السائدة والأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة. ولتعزيز دور وسائل الإعلام في التوعية الاستثمارية، يجب تطوير شريحة من المحللين المختصين وسائل الإعلام المختلفة، يتمتع أفرادها بمهنية عالية لجهة الخبرة والتخصص، خصوصا أن وسائل الإعلام واكبت تطور الأسواق المالية بعدما أصبحت هذه الأسواق تحظي باهتمام شريحة كبيرة من المجتمعات في المنطقة نتيجة دخول الملايين من المستثمرين الجدد إليها خلال فترة طفرتها. وخلال الطفرة، خصِّصت ملاحق لأسواق المال في معظم صحف دول المنطقة وبرامج من النوع ذاته في معظم محطاتها التلفزيونية، إضافة إلي محطات تلفزيونية لا تتناول أي شيء سوي الاقتصاد والأعمال. وركزت هذه الملاحق والبرامج والمحطات علي متابعة أداء أسواق الأسهم وهو ما أدي إلي اعتماد نسبة مهمة من المستثمرين علي وسائل الإعلام في اتخاذ قرارات الاستثمار وتوقيتها، سواء قرارات البيع أو الشراء أو الاحتفاظ بالأسهم. وللإعلام الاقتصادي المحترف أهمية كبري في توعية المستثمرين بأخطار الاستثمار في الأسواق المالية ومساعدتهم في اختيار أسهم الشركات القوية باعتبارها حزام أمان في المدي الطويل إضافة إلي حضهم علي تنويع استثماراتهم في أسواق الأسهم وعدم التركيز علي أسهم شركة واحدة أو أسهم قطاع واحد، فالتنويع في الاستثمار يؤدي عادة إلي تنويع الأخطار وتنويع العائدات. وتلعب وسائل الإعلام المختصة والكفء دورا مهما في حفز الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية علي رفع مستوي كفاءة الافصاح سواء لجهة الجودة أو التوقيت إضافة إلي حض الشركات علي عدالة الحصول علي المعلومات لكل شرائح المستثمرين وعدم احتكارها من قبل فئة محدودة.