رغم محاولات مصلحة الضرائب المستمرة في إنهاء المنازعات الضريبية مع الممولين والتي يصيب بعضها النجاح والفشل، وذلك من أجل القضية الكبري والمتعلقة بالمتأخرات الضريبية والتي اختلفت الآراء في تحديد حجم هذه المتأخرات سواء كان متنازعا عليها بين الممولين والمصلحة أو غير متنازع عليها، ويأتي القرار 363 لسنة 2009 كأحد أهم الآليات إن لم تكن الوحيدة في إنهاء المنازعات الضريبية وبالتحديد القضائية أي التي ينظرها القضاء بين مصلحة الضرائب والممولين، حيث يمثل إنهاء المنازعات الضريبية خاصة القضائية القائمة بين مصلحة الضرائب المصرية والممولين عملية مهمة للمجتمع الضريبي وتحقيق استقراره خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي انعكست علي الموارد العامة للدولة وأدت إلي تراجعها مما نتجت عنه زيادة في عجز الموازنة، لكن يبدو أن إنهاء هذه الخلافات لا يرضي بعض القيادات في مصلحة الضرائب وبالتحديد رئيس الإدارة المركزية للجان فض المنازعات لمصلحة الضرائب المصرية الذي يرفض منذ توليه منصبه التوقيع علي أي من القرارات الخاصة بإنهاء المنازعات الضريبية التي انهتها تلك اللجان بعد الاتفاق مع الممولين أصحاب هذه المنازعات، وذلك تطبيقا لنص القرار 363 لسنة 2009 وتعديلاته المختلفة وذلك بحجة أنه لا يوجد مستشار لوزير المالية تعرض عليه هذه الاتفاقات قبل رفعها لرئيس المصلحة للموافقة عليها كما حدد القرار، حيث كانت هذه الاتفاقات تعرض علي مستشار وزير المالية للفحص الضريبي محمد علام والذي استقال منذ أكثر من 6 شهور في يناير الماضي، ومنذ هذا التاريخ وملف إنهاء المنازعات محلك سر رغم أن هناك الكثير من المنازعات التي تم الاتفاق بشأنها وعرضت علي مستشار وزير المالية السابق ووافق عليها إلا أن رئيس الإدارة المركزية للجان فض المنازعات يرفض التوقيع عليها، ومن المؤكد أن أحمد رفعت رئيس مصلحة الضرائب المصرية لا يعلم شيئا عن ذلك وإلا لكان اتخذ قرارا بشأنها، وإن كان يعلم شيئا فهذا يعني أننا أمام كارثة كبيرة تحجب موارد حقيقية للخزانة العامة، بل وتزيد أعباء كثيرة علي القضاء المصري في هذه المرحلة الحرجة وتزايد القضايا التي ينظرها، والأهم من ذلك هو العبء الذي تمثله تلك المنازعات علي الممولين في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها مجتمع الأعمال، وهو الأمر الذي ترصده العالم اليوم "الاثنين" يتناول هذا الملف الشائك.. المشتعل! صفوت نور الدين المحاسب القانوني يلفت إلي أن البداية كانت مع صدور القرار 363 لسنة 2009 بشأن إنهاء بعض المنازعات الضريبية القضائية القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين والذي يشهد ثورة من الخلافات بين الطرفين رغم أن الهدف منه إنهاء المنازعات وليس زيادتها حيث جاء هذا القرار متضمنا إنهاء المنازعات القضائية بين مصلحة الضرائب والممولين والتي لم يصدر بشأنها حكم من محكمة الاستئناف وكذلك المنازعات المتعلقة بالضريبة علي أرباح شركات الأموال والضريبة علي القيم المنقولة طبقا للقانون الملغي رقم 157 لسنة 1981. وأضاف نور الدين أنه تمت إضافة إنهاء جميع المنازعات التي لم يصدر بشأنها حكم محكمة الاستئناف والمتعلقة بالضرائب علي الدخل عن السنوات السابقة علي العمل بالقانون 91 لسنة 2005 والمنازعات المتعلقة بضريبة الدمغة عن السنوات السابقة بالقانون رقم 143 لسنة 2006 سواء أكان الممول شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وكان المتوقع أن يتم تفعيل هذا القرار وتعديلاته المختلفة بشكل أكبر لإنهاء الملف الضخم للمتأخرات الضريبية والتي بلغت كما أعلنت وزارة المالية 43 مليار جنيه إلا أن الواقع جاء عكس ذلك حيث تم إيقاف العمل في اللجان فض المنازعات بشكل شبه دائم. فيما يؤكد ياسر محارم أمين عام جمعية الضرائب المصرية والمحاسب القانوني أن صدور القرار 363 لسنة 2009 وقد أعقبه عدة تعديلات وقد كان لأسباب صدور هذا القرار أهداف محددة تسعي إلي إنهاء المنازعات الضريبية المتداولة في أروقة المحاكم لمدة تتجاوز عشرات السنوات فضلا عن أن إنهاء تلك المنازعات سوف يؤدي إلي سرعة تدفق الموارد للخزانة العامة للدولة والتي تأخرت إلي سنوات تداول الخلاف بالمحاكم والدولة في أمس الحاجة إلي تجميع مواردها وبناء علي ذلك فقد تفاءل المجتمع الضريبي لهذا القرار وتفاعل بشكل إيجابي وتقدمت طلبات التصالح إلي للمصلحة الضرائب المصرية خاصة بالنسبة للقطاع المصرفي والقطاعات التي لديها خلافات متداولة منذ سنوات إلا أنه "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، حيث تم إنهاء الخلافات في بعض اللجان المشكلة وتعرقلت في البعض الآخر وتوقفت جميعها أمام الإدارات المركزية لاعتماد ذلك التصالحات وأصبحت الملفات المطلوب التصالح فيها حبيسة الأدراج لعدم اعتمادها من الإدارة المركزية مما يعرض الممولين لصدور أحكام قضائية ضدهم دون إعطائهم الفرصة لتقديم دفوعهم أمام المحاكم باعتبار أن هناك طلبات تصالح تم البت فيها. ويطالب محارم رئيس مصلحة الضرائب المصرية باعتباره مسئولا عن تحصيل موارد الدولة باتخاذ قرار لتفعيل تلك القرارات الوزارية والعمل علي المطالبة بانجاز الملفات المتأخرة لتحقيق أهداف صدور القرار الوزاري من حيث إنهاء خلافات متراكمة وتدفق موارد الخزانة العامة للدولة حتي تتفرغ المصلحة للفحص الدوري والعمل علي الارتقاء الدائم لتحقيق أهداف الثورة من حيث تحقيق العدالة الاجتماعية عند تدفق موارد الدولة، والتي حتمًا ستسهم في خفض عجز الموازنة العامة للدولة. اعتداء تشريعي يؤكد محمد عمران وكيل أول وزارة المالية رئيس قطاع الشئون القانونية والقضايا الضريبية بمصلحة الضرائب سابقا أن جميع القوانين الضريبية التي صدرت للتصالح بين المصلحة والممولين منحت الحق لمصلحة الضرائب في إعادة النظر في جميع الدعاوي أمام جميع المحاكم بما في ذلك محكمة النقض مشيرا إلي أن المشرع وحده يختص بتحديد شروط إنهاء بعض المنازعات الضريبية القضائية بين الممولين ومصلحة الضرائب حيث كانت عمليات التصالح في هذه المنازعات تتم بقوانين حتي صدور القانون 91 لسنة 2005 بشأن ضريبة الدخل وصدور القرار الوزاري 363 الخاص بهذا الشأن والذي يمثل اعتداء من وزير المالية السابق كممثل للسلطة التنفيذية علي اختصاص المشرع في المجال الضريبي مطالبا بصدور قانون إنهاء المنازعات الضريبية ليكون بديلا لهذا القرار وهو ما سيكون نافذا بقوته لأنه قانون لا يستطيع أحد تعطيله كما يحدث الآن مع القرار الوزاري 363 لسنة 2009 وتعديلاته المختلفة التي تعطله أهواء بعض صغار الموظفين. الحل متاح فيما يري نصر أبو العباس المحاسب القانوني ورئيس الجمعية المصرية لحوكمة الشركات أن إنهاء المنازعات الضريبية المتداولة بين الممولين ومصلحة الضرائب تطبيقا للقرار 363 لسنة 2009 كانت أفضل وأسرع طريقة تنهي هذه الخلافات فلا مشكلة فالهدف هو توفير الوسيلة أو الأسلوب الذي ينهي المشكلة ويؤدي إلي استقرار المجتمع الضريبي وتخفيف كاهل المحاكم من هذه القضايا الضريبية، خاصة أن السعي لإصدار قانون دائم يحل أزمة الخلافات الضريبية التي تسبق صدور القانون 91 لسنة 2005 يحتاج إلي برلمان لصدوره وهذا غير متاح في الوقت الحالي، لكن يبدو أن الثورة التي هدفها تعديل الأوضاع إلي الأفضل جاءت بطريقة عكسية من جانب بعض موظفي الإدارة الضريبية فيما يتعلق بإنهاء هذه المنازعات فعطلت هذا الملف المهم الذي يحقق أكثر من غاية سواء للإدارة الضريبية أو للممولين أو للخزانة العامة. وأوضح رئيس الجمعية المصرية للحوكمة أن الهدف النهائي للقرار هو حسم جميع القضايا السابقة والمرفوعة أثناء تطبيق القانون الملغي الجائر والظالم رقم 57 لسنة 1981 والتي كانت الضريبة فيه تصل إلي 42% بخلاف ما كانت تقوم به مصلحة الضرائب من تقديرات جائرة وإهدار للدفاتر لتصل الضريبة في أغلب الأحيان إلي أكثر من 50% وبالتالي لابد من وسيلة ناجزة لإنهاء هذه المنازعات وزيادة الحصيلة المتزايدة علي القانون السابق، وإنهاء جبال القضايا الموجودة.