استعرضنا فيما سبق وضع العملة المحلية والعملات الأجنبية، وأكدنا علي أن الأرقام الصادرة عن الأجهزة المسئولة بالدولة قد كشفت عن أن الاحتياطيات الدولية لمصر من العملات الأجنبية قد تراجعت حتي نهاية أبريل الماضي بمقدار 21 مليار دولار، كما تلاشت احتياطيات أخري "غير رسمية" بقيمة 7،2 مليار دولار، كما حقق ميزان المدفوعات خلال نصف العام المالي السابق وخلال نصف العام المالي الأول الحالي (سنة ميلادية 2011) عجزا إجماليا بقيمة 17،8 مليار دولار، كما كشفت الأرقام أيضا عن وجود أزمة في السيولة المحلية وعدم القدرة علي تغطية عجز الموازنة خلال الفترة القادمة هذا بخلاف تدهور حاد في القيمة الشرائية للجنيه المصري ومن العرض تبين لنا أن الوضع جد خطير، هذا بخلاف استعراضنا للتطورات المحلية والاقليمية والعالمية المشتعلة والتي لا تؤكد علي شيء سوي خطورة الوضع المالي للدولة المصرية وبالتالي أصبح لزاما علينا عرض استراتيجية كاملة لعلاج هذا الوضع المالي المتردي تتنوع ما بين إجراءات قصيرة الأجل تعطي نتائج فورية بمجرد تفعيلها، وكذا إجراءات متوسطة وطويلة الأجل لايجاد موارد نقدية محلية بخلاف البنوك لتدعيم عجز الموازنة وكذا موارد بالعملة الأجنبية لتدعيم الاحتياطيات النقدية للبلاد من العملات الأجنبية لما يكفينا وباطمئنان علي غذائنا الأساسي ومستلزمات انتاجنا الضرورية. وفيما يلي نعرض لهذه الحلول: أولا: الحلول قصيرة الأجل 1 تعديل قانون البنوك (88) الصادر في 2003 وهذا التعديل لابد أن يراعي الظروف والمستجدات والوضع المالي سابق الاشارة إليه وبالتالي فهناك نوعان من التعديلات يجب القيام بهما معا من أجل دعم أوضاع الجهاز المصرفي وكذا دعم الوضع المالي المتردي للدولة. التعديل الأول أ الارتفاع بالحد الأدني لرءوس أموال البنوك التي تعمل تحت مظلة البنك المركزي المصري من 500 مليون جم إلي 500 مليون دولار (3 مليارات جم تقريبا) وهذا من شأنه ضخ موارد في أوصال البنوك التي تعمل في مصر لن يقل عن 11 مليار دولار. فعدد البنوك العاملة بمصر حاليا 39 بنكا تبلغ رءوس أموالها 60 مليار جم وبالتالي فزيادة الحد الأدني إلي 3 مليارات جنيه من شزه أن يصبح إجمالي رءوس أموالها 117 مليار جم وبالتالي فالزيادة التي ستضخ بالبنوك ستساوي 67 مليار جم (11 مليار دولار) مع إصدار القرار ومنح البنوك مدة لا تزيد عن (3) شهور لتعديل أوضاعها. ب ضرورة تحويل فروع البنوك الأجنبية العاملة في مصر إلي بنوك أي شركات مساهمة مصرية لها استقلاليتها عن البنك الأم ولها مجلس إدارتها المستقل ومركزها المالي المستقل، مع إصدار القرار ومنح فروع البنوك مدة لا تزيد علي (3) شهور لتعديل أوضاعها. ووضعها في الاعتبار 1 أن فروع البنوك العاملة حاليا في مصر 7 فروع لبنوك عربية وأجنبية وهي لبنوك (العربي المشرق أبوظبي الوطني عمان الوطني الأهلي اليوناني سيتي بنك بنك نوفاشكوشيا). 2 أن فروع البنوك ترتبط ومباشرة بالبنك الأم وتعامل كأي فرع من فروع البنك الأم وقد حدد البنك المركزي المصري حدا أدني لرأس مالها لا يقل عن 50 مليون دولار، وهذه الفروع تضاهي البنوك العاملة في مصر بل إن بعضها يفوق أغلب البنوك العاملة بمصر ولديها حصة مؤثرة من السوق المصرية وتحقق نتائج أعمال ممتازة، ولكن ارتباطها بالبنك الأم يرفع من نسب مخاطر تعرضها لمشاكل تأتي من خارج حدودنا وبشكل مفاجئ مما قد يضر بالاقتصاد المصري خصوصا في ظل اشتعال الوضع الاقتصادي والمالي العالمي. وبالتالي فتحويلها إلي شركات مساهمة مصرية سيخفف من حدة ارتفاع مخاطر افلاسها لظروف خارجة عن ارادتنا، كما أن هذا سيدعم من رءوس أموالها وسيدعم من الرقابة عليها لأنها ستنشر مراكزها المالية في الصحف المصرية كما ينص قانون البنوك، وبالتالي ستظهر سلبياتها وايجابياتها واضحة للجميع.