مصر تضيع وتنهار من الداخل بينما القوى السياسية منشغلة بالصراعات والأجندات الخاصة! الأمن فى الشوارع اختفى، والباعة الجائلون احتلوا الميادين والشوارع بينما القوى السياسية فى الفضائيات فى حوارات عن قضايا جدلية وخلافية وتدعى أنها تتحدث باسم شعب مصر! والإخوان يهددون بتحريك الشارع لإقالة الدكتور الجنزورى وحكومته ويصعدون من خلافاتهم مع المجلس العسكرى ويقفون فى استعراض للقوة ضد كل القوى السياسية الليبرالية فى إصرار وتحد على أن يكونوا هم من يكتب دستور مصر! وبينما الجدال العقيم لا يزال دائرا فإن المطالب الفئوية لا تزال أيضا قائمة والكل يضغط للحصول على ما يمكن الحصول عليه فى مرحلة ضعف الدولة وفقدان هيبتها وأدواتها. والناس فى هذا يتساءلون: وماذا بعد؟ هل هذه هى ضريبة الديمقراطية الموعودة؟ إلى متى سنظل على هذا الحال؟ وأين ذهب عقلاء هذا البلد الذى ينهار والذى توقفت الأعمال فيه وتهرب منه رءوس الأموال وتتوقف عنه الاستثمارات؟ والناس يتساءلون: متى سيعود الأمن إلى ربوع مصر؟ وهل سنظل تحت رحمة البلطجية وسائقى النقل والميكروباصات والتوك توك والباعة الجائلين والمتسولين إلى ان تنتهى الانتخابات الرئاسية وإلى أن تبدأ المظاهرات ضد الرئيس الجديد وإلى أن نعود إلى نقطة الصفر من جديد؟! إن المخاوف تتزايد من ظهور بوادر ومقدمات الثورة الثانية المدمرة فى كل مكان، ففرص العمل فى تناقص، والأمن غائب، والجياع فى كل مكان فى الشوارع يتسولون باللين تارة وبالعنف تارة أخرى، وجرائم السرقة والخطف والابتزاز فى ازدياد والأزمات التموينية والمعيشية تتوالى، والطوابير عادت إلى مصر من جديد تتحدى الثورة وتتحدى التغيير، وتعلن الغضب على كل ما يحدث وعلى كل ما يدور من حوارات واجتماعات ولجان وتصريحات وكلام فى كلام! ولقد بدأ البعض يتحدث عن احتمالات الانقلاب على كل ذلك، بتحرك جديد يوقف هذا العبث ويفرض وحدة الأمة قبل الانهيار الكامل ويعيد النظام والأمن والأمان الى مجتمع فى طريقه لأن يكفر بالتغيير وبالديمقراطية! إن الوطن فى خطر.. وكلنا فى خطر والألتراس يدعون إلى ثورة جديدة، والإخوان يدعون إلى النزول إلى الشارع، والكل يعزف ويغنى على ليلاه.. ولو تجمعت الملايين فى الشارع مرة أخرى قولوا على هذا البلد السلام!