رجل قضية حياته هي "مواجهة الفساد"، تعرض للعديد من محاولات الابتزاز والمساومة فضلا عن احالته لتحقيقات لا حصر لها مقابل قيامه بعمله في الرقابة والكشف عن المخالفات قبل أن يخرج علي المعاش في يناير 2011. عاصم عبدالمعطي وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات الاسبق وزميل لأكاديمية ناصر العسكرية العليا فتح قلبه وأحكم عقله وأجاب في حوار مفتوح ل"العالم اليوم" يتم نشره علي حلقتين عن كل ما يتعلق بالفساد في مصر الذي نهب المال العام ونهش الحقوق لصالح حفنة من الفاسدين فضلا علي المسئولين عن نهب المال العام وكيف تم ذلك كما أشار إلي الحقوق التي ضاعت علي مصر وكيف لمصر أن تستعيد من نهبها اضافة إلي رؤيته لمستقبل الجهاز المركزي للمحاسبات وكيفية الارتقاء به لأداء دوره خاصة أنه الجهة المنوط به حماية الأموال العامة والرقابة علي مختلف أجهزة الدولة. حرص عبدالمعطي في حوار خاص الكشف عن عمليات الفساد في مصر والاشارة إلي حجم المخالفات الجم للجهاز المركزي للمحاسبات دون الاساءة لقيمته، مؤكدا أن دور الجهاز العظيم الذي أنشأ من أجله وأن الجهاز بريء من كل الاتهامات الملقاة عليه خلال الفترة الأخيرة وأن الفساد وسوء الإدارة هو النتيجة المنطقة للسلطة المطلقة. كشف وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات الاسبق في الجزء الأول من حواره ل"العالم اليوم" عن العديد من المخالفات التي وقع بها الجهاز أثناء عصر "مبارك" وغيرها مما تزال مستمرة حتي الآن، أهمها أن قوانين الجهاز المركزي للمحاسبات تتعارض مع اتفاقيتي الشفافية الدولية والأمم المتحدة لمكافحة الفساد واللتين تنصان علي وضع نظام للرقابة علي انفاق المال العام والذمة المالية لذوي المناصب العامة حيث يمكن وضع قيود علي الفاسدين وتحركاتهم عبر الدول، وبشكل يتيح لأي دولة محاسبتهم علي تصرفاتهم. وقال إن التعديلات الأخيرة التي تم ادخالها علي قانون الجهاز تسببت في انتشار الفساد وكثرة المخالفات بالمركزي للمحاسبات الذي يخضع لقانون رقم 188 لسنة 88 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة ،97 لافتا إلي أن الهدف من تعديل القانون هو نقل تبعية لرئيس الجمهورية وهو رئيس السلطة التنفيذية التي يراقب عليها الجهاز، متسائلا كيف يكون تابعا ورقيبا علي رئيسه في نفس الوقت؟!!! وأضاف، لقد قلص تعديل القانون بنقل تبعية الجهاز إلي رئاسة الجمهورية من دور الجهاز المركزي للمحاسبات رغم عراقته في القيام في حماية المال العام، بل ومشاركة بعض قياداته في دعم رءوس النظام الفاسد السابق بالقول والعمل، وتعطيل رقابة الجهاز لجهات بعينها كان أهمها رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء. كما أن المشرع ألزم الجهاز بتقديم العديد من التقارير إلي السلطة التنفيذية وعلي رأسها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وإلي الجهات الخاضعة لرقابته لتقوم بتصويب الأخطاء التي تكشفت نتيجة ممارسة الجهاز لدوره الرقابي، واتخاذ الإجراءات التي تحول دون تكرارها في المستقبل ومحاسبة المسئولين عن ارتكابها، اضافة إلي أن التعديل أفقد فاعلية تقارير الجهاز وأصبح عدم الرد عليها مجرد مخالفة إدارية لدي الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز وفقا ل"عبدالمعطي". وطالب عبدالمعطي بضرورة إعادة النظر في قانون الجهاز المركزي للمحاسبات باعتباره جهاز الرقابة الأعلي في الدولة، ومنحه الاستقلال الكافي عن جميع سلطات الدولة، لأن رقابته تشمل كل التصرفات المالية لكل سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية، علاوة علي ضرورة إخراج تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات من الادراج وتنفيذ ما بها، والأمر الذي من شأنه إعادة مليارات الجنيهات للدولة. كما نوه علي ضرورة أن يضم الدستور الجديد موادا تنص علي استقلالية الجهاز وصلاحياته وفاعلية تقاريره وعلانيته ومن ثم إعادة النظر في التشريعات المعيبة التي لعبت دورا كبيرا في انتشار الفساد وسهلت الاستيلاء علي الأموال العامة وقوانين المناقصات والمزايدات والتصرف في أراضي الدولة، والنصوص التي تعرقل محاكمة ومحاسبة الوزراء. * في البداية نود أن نعرف نبذة عن تاريخ الجهاز في مصر وأهم قوانينه؟ ** لقد كانت مصر في طليعة الدول التي بدأت فيها الحياة النيابية، كما سعي البرلمان المصري مبكرا لتشكيل هيئة مستقلة للرقابة والمحاسبة، فلما صدر الأمر الملكي رقم 42 سنة 1923 بوضع نظاام دستوري للدولة، أشار كل من مجلسي البرلمان أثناء بحث ميزانية الدولة سنة 1924 إلي ضرورة إنشاء رقابة مستقلة. وظلت هذه الرغبة تتكرر حتي صدر القانون رقم 52 لسنة 1942 بإنشاء ديوان المحاسبة وهو أول قانون للجهاز في العصر الملكي وكان الجهاز يتمتع بالاستقلالية إلا أنه فقدها خلال 30 عاما بفعل فاعل لدرجة أن المرسوم الملكي