بمجرد صدور قانون افساد الحياة السياسية، أو "الغدر" سابقا، والذي سيطبق علي كل من عمل ما من شأنه افساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة مصر أو التهاون فيها، انفتحت أبواب جهنم علي عدد كبير من كبار أعضاء الحزب الوطني المنحل، أو "الفلول" خاصة الذين رشحوا أنفسهم في الانتخابات التشريعية التي ستجري مرحلتها الأولي يوم الاثنين القادم. وبالطبع مقدمو البلاغات أوأصحاب المصلحة في تطبيق ذلك القانون علي المرشحين "الفلول" هم منافسوهم في الدوائر الانتخابية المختلفة، والذين يريدون إزاحتهم من المنافسة، أو علي الأقل تشويه سمعتهم من أجل تحقيق مكاسب انتخابية، إذا لم يسعفهم الوقت في تحريك الدعاوي القضائية ضدهم. وهناك مخاوف من انعكاس القانون علي شكل الانتخابات المقبلة، في ظل تهديدات لأعضاء سابقين في الحزب الوطني المنحل بدفع أنصارهم في المحافظات إلي القيام بأعمال عنف وتخريب، خاصة في محافظات الصعيد حال تم منعهم من ممارسة الحياة السياسية، إذا طبق قانون "الإفساد السياسي" عليهم، أو التلويح به ضدهم. ويتوزع "الفلول" علي نحو 11 حزبا تم إنشاؤها بعد الثورة، ينتمي رؤساؤها إلي الحزب الوطني المنحل، أبرزها حزب الاتحاد ومؤسسه حسام بدراوي، الأمين العام السابق للحزب الوطني المنحل، وكذلك حزب المواطن المصري الذي يضم رموز الحزب الوطني مثل: محمد رجب وأحمد السيد، وحزب الحرية، بالإضافة إلي انخراط بعض أعضاء الوطني السابقين في بعض الأحزاب الأخري، معتمدين في ذلك علي العصبيات العائلية والقبلية، خاصة في مدن الصعيد. ولاتزال حملة لا للفلول تواصل نشاطها لتوعية الناخبين برموز الحزب الوطني المنحل ومواقفهم السابقة، وخاصة من ملف التوريث، في خطوة تهدف، وفق البيانات الصادرة عن الحملة، إلي منع عبور قيادات الحزب الوطني المنحل إلي البرلمان المقبل، لاسيما من خلال ثلث المقاعد المخصصة للفردي، مستغلين نفوذهم وأموالهم وعصبتهم القبلية. وقد صدر قانون إفساد الحياة السياسية بعد ضغط شعبي كبير، وهو من أبرز نتائج أحداث التحرير الحالية، والتي أعقبت جمعة 18 نوفمبرالماضي، أو موجة الثورة الثانية، والتي شهدت أحداث عنف مؤسفة، سقط فيها أكثر من 35 قتيلا ومئات المصابين، نتيجة استخدام الشرطة للقوة المفرطة ضد المتظاهرين، وقام المجلس العسكري بالتصديق علي مرسوم القانون بعد تردد وتلكؤ وبطء شديد لحكومة شرف المستقيلة - والمجلس أيضا - من أجل التخفيف من الاحتقان السياسي الموجود في الشارع السياسي، خاصة فيس التحرير. والقانون الجديد هو البديل الشرعي و"الثوري" للقانون رقم 344لسنة 1952 والمسمي بقانون الغدر الذي يعني خيانة الامانة سواء سياسيا أو ماليا أو جنائيا، ولكن حكومة ثورة يوليو ارادت ان تصفي خصومها السياسيين بمقتضي هذا القانون، وكان اشهر من ارادت تصفيتهم بهذا الشكل فؤاد باشا سراج الدين سكرتير عام حزب الوفد حينها وابراهيم فرج وعبد الفتاح حسن وآخرون. وكان قانون الغدر يقضي بان يعاقب اي شخص افسد الحياة السياسية او الاقتصادية بعزله سياسيا وحرمانه من مباشرة الحياة السياسية اوالترشح في الانتخابات او تولي مناصب عامة أو انضمامه لحزب او تكوين حزب واسقاط عضويته من المجالس التشريعية وعزله من وظيفته. والحكم الذي كان يصدر من محكمة الغدر بهذا الشأن حكم نهائي، هذه المحكمة كانت تتكون من 7 أفراد 3 قضاة و4 من ضباط القوات المسلحة لا تقل رتبة احد منهم عن رائد، وكان يتم تحويل المتهم بهذه التهمة عن طريق بلاغ من احد المواطنين مباشرة او من لجنة التطهير انذاك، او عن طريق النيابة العامة ، وكان حكم المحكمة لا يجوز الطعن عليه وكل العقوبات تبدأ من 5 سنوات ولا تزيد علي عشر سنوات. وبعد ثورة 25 يناير كانت هناك ضرورة لتفعيل قانون الغدر، أو تعديله أو إصدار قانون جديد يلائم التطورات السياسية بعد حوالي 59 عاما من قيام ثورة يوليو، خاصة ان كثيرا من رموز النظام السابق - الفلول - تنطبق عليهم جميع هذه التهم . وقد حمل المرسوم الجديد رقم131 لسنة ،2011 تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم344 لسنة1952 والمعدل بالمرسوم رقم173 لسنة 1953والمعروف بقانون الغدر، ليصبح قانون الإفساد السياسي. وتضمنت التعديلات تغيير تسمية القانون إلي إفساد الحياة السياسية، بدلا من الغدر مع الاحتفاظ بالتوصيف الجنائي للجرائم التي يعاقب عليها ذلك التشريع. وحدد القانون جريمة الإفساد بكل عمل من شأنه إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها. وخص القانون محكمة الجنايات دون غيرها بالنظر في جرائم الإفساد السياسي, ومنح رئيس محكمة الاستئناف صلاحية تحديد دائرة أو أكثر للاختصاص بنظر الجرائم الواردة فيه.