تبدو الحكومة والبنك المركزي في اختبار صعب لوقف نزيف الاحتياطي الدولي الذي جرفته تبعات الأزمة الاقتصادية في أعقاب الخامس والعشرين من يناير وعلي الرغم من أن الحكومة والبنك المركزي حاولا التقليل من آثار انخفاض الاحتياطي النقدي في ضوء أن معدلات التراجع في حدود المعقول حيث كانت تتراجع في بداية الثورة بنحو ملياري دولار في حين أصبحت الآن 700 مليون دولار إلا أن الخبراء تحدثوا عن الحاجة إلي حزمة من السياسات الاقتصادية الرشيدة التي توقف فاتورة خسائره من جهة ومن جهة أخري تضع استراتيجية بعيدة المدي، ويبدو أن ارتفاع فاتورة واردات الشهر الفضيل قد تجعلنا نفاجأ بتراجع جديد رغم تأكيد الحكومة رغبتها في تثبيت الاحتياطي النقدي. لكن التقارير الدولية ورغم حالة اللايقين المسيطرة علي الأجواء تؤكد أن هناك حالة من التفاؤل بالاقتصاد المصري خاصة في ظل المؤشرات الايجابية التي ظهرت حيث ارتفعت ايرادات قناة السويس لتصل إلي 471 مليون دولار خلال مايو 2011 مقارنة بنحو 361 مليون دولار خلال مايو ،2010 كما ارتفعت ايرادات القناة خلال شهر إبريل 2011 لتصل إلي 406 ملايين دولار مقارنة بنحو 357 مليون دولار خلال إبريل 2010 كما ارتفعت تحويلات المصريين من الخارج بنسبة 16% لتصل إلي مليار و164 مليون دولار خلال مايو 2011 مقارنة بنحو مليار دولار خلال مايو العام الماضي. من جانبه، أكد الخبير المصرفي أحمد آدم أن انسحاب الأموال الساخنة المستثمرة من أذون الخزانة والتي كشفت عنها الأرقام المعلن عنها من قبل البنك المركزي المصري، وانخفاض استثمارات الأجانب خلال شهري يناير وفبراير بواقع 25،5 مليار جنيه بما يمثل 4،3 مليار دولار، وراء تراجع الاحتياطي النقدي المصري من 36 مليار دولار في ديسمبر الماضي إلي 26،7 مليار في نهاية يونية الماضي. أضاف آدم أن فقد الاحتياطي النقدي الأجنبي لدي المركزي نحو 9،5 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولي من العام الحالي، يعني خطورة كبري علي اقتصاديات مصر في ظل سياسة خطأ تمارس من قبل من بيده توظيف تلك الاحتياطيات. وأشار إلي أن السماح بزيادة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة حتي وصلت استثماراتهم الماضي خطأ لا يغتفر للسلطات النقدية حيث حول الدين المحلي إلي دين خارجي بما له من تأثيرات سلبية علي القرارات السيادية كما أن هذا يشكل آلية للتآمر الاقتصادي علي مصر، ويمثل ضغطا كبيرا علي سعر صرف الجنيه أمام الدولار الذي لامس سقف 6 جنيهات في أوقات كثيرة خلال النصف الأول من العام الحالي، مضيفا أنها بلغت 15 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولي من العام. ويطرح آدم سؤالا حول استهلاك 3 مليارات دولار من الاحتياطيات غير الرسمية في ديسمبر الماضي، فلماذا كان استهلاك هذا المبلغ؟ متسائلا أيضا: لماذا استهلاك ال 7 مليارات في شهري يناير وفبراير رغم من أن خروج الأجانب من الاستثمار بأذون الخزانة بلغ 4،3 مليار دولار طبقا للأرقام المعلنة، أي أن هناك فارقا يبلغ 2،7 مليار دولار تم استهلاكه من الاحتياطيات غير الرسمية، مما أدي إلي تأكلها، وهو ما كشف الاحتياطيات الدولية الرسمية وجعل انفاق الدولة بالعملة الأجنبية ينعكس سلبا ومباشرة علي الاحتياطيات الدولية. قال آدم إن زيادة ايداعات البنوك العاملة بمصر لدي البنوك في الخارج خلال شهور ديسمبر ويناير وفبراير، بواقع 4،3 مليار دولار، فقد زادت من 59 مليار جنيه في نوفمبر الماضي إلي 87،3 مليار جنيه في نهاية فبراير الماضي، وهذا ما شكل ضغطا أيضا علي الاحتياطيات الدولية لمصر. ويطالب آدم برفع الحد الأدني لرءوس أموال البنوك العاملة تحت مظلة البنك المركزي 3مليارات جنيه، وهو ما يعني ضخ استثمارات جديدة في أوصال الاقتصاد المصري والبنوك بقيمة لن تقل عن 11،5 مليار دولار.