الدكتور عز الدين شكري أمين عام المجلس الأعلي للثقافة انسحب من احدي جلسات الحوار الوطني المخصصة لمناقشة مستقبل الثقافة في مصر احتجاجا علي طرح اسم الدكتور اسماعيل سراج الدين رئيس مكتبة الاسكندرية لإدارة الحوار باعتبار الدكتور سراج من فلول الحزب الوطني! والقرار غريب ومفاجئ ويحمل قدرا من المزايدة الثقافية أكثر من كونه قرارا نابعا عن فكر وموقف. فلو كان الدكتور شكري متسقا ومتوافقا مع نفسه لكان قد سجل كما قال الشاعر عبدالمنعم رمضان اعتراضه علي مشاركة عماد أبوغازي وزير الثقافة وهو أيضا من فلول النظام السابق. ونحن هنا نسجل اعتراضنا علي مبدأ الاقصاء والتخوين الذي أصبح سائدا والذي يتم من خلاله تصفية خصومات وحسابات ومصالح قديمة. وفي هذا نؤكد ان ثورة مصر هي ثورة جميع فئات وطوائف الشعب وأن أبوابها مفتوحة للجميع لتكفل من خلال الحوار حق الاختلاف في المواقف والتصورات ولتفتح الباب أمام جميع التيارات والاتجاهات للتعبير عن أدائها حتي وان كانت معارضة للثورة أو علي اختلاف معها. فنحن لن نعود إلي الوراء أبدا، لعصر الحكم الشمولي والفكر الواحد، وسيطرة جيل الثورة علي مختلف مناحي الحياة. ان هذا البلد بلدنا جميعا شيوخا وشبابا ونساء وأطفالا، نتفاعل ونتعاون فيه من أجل بناء منظومة حديثة متطورة لمجتمع مصري جديد قائم علي الديمقراطية والشفافية وحقوق الإنسان. ولا يجب في هذا ان نضحي بخبرات وعقول مصر في مختلف الميادين بدعوي انها من فلول النظام السابق، وإلا كنا بذلك نهدم جيلا بأكمله ونطلب منه مغادرة الساحة لأهل الثقة وأهل الحظوة وندخل في نفس متاهات وأخطاء الثورات السابقة. إن هناك رموزا للفساد واقتراف الجرائم في حق الشعب سواء بالتزوير السياسي أو التضليل الإعلامي أو الفساد المالي، وهي رموز لحالات يجري محاكمتها أو يتم الإعداد لملاحقتها والقضاء والقانون وحده هو الذي سيحدد مصير هذه الحالات وهو الذي سيقضي بالأحكام اللازمة التي تضمن عدم تكرار ما حدث. إن الحديث عن ان الثورة كانت بإرادة الشباب فقط فيه نوع من اغفال الحقيقة وهي ان الثورة كانت ثورة شعب بأكمله منحها التأييد والاحتضان ومهدت لها أجيال أخري ضحت كثيرا من أجل هذه الثورة ولكن لم تتوافر لها الآليات والتقنيات الحديثة التي مكنت جيل الشباب من التواصل الاجتماعي والتجمع الجماهيري. ولكي تستمر الثورة في نجاحاتها فإنها يجب أن تكون البوتقة التي تنصهر داخلها كل فئات المجتمع للاستفادة من طاقات وامكانيات الجميع وفقا لمبدأ البقاء للأصلح والأكفأ حتي نستطيع ان نصل إلي بر الأمان. ولكي تستمر الثورة في تحقيق غاياتها النبيلة فإنه يجب ايضا التوقف عن هذا السيل المدمر من الشائعات والذي يستهدف تحطيم الأشخاص والنيل من سمعتهم وكرامتهم بلا دليل وبلا مستندات فمثل هذه الشائعات كفيلة بأن تدفع كل من يحترم نفسه ويخاف علي سمعته وعلي أسرته أن ينسحب من مجال العمل العام وهذا يعني ان تكون الساحة لمحترفي اللعبة وأصحاب الأصوات العالية فقط.