تشير التقديرات حتي الآن في أسواق المال إلي استمرار حالة الترقب الحذر في الاستثمارات المؤسسية بالبورصات، ومما سيزيد من هذه الحالة دون شك نفور المستثمرين من المخاطر، وربما يكون له تأثير سلبي علي مخاطر الاستثمارات. ومن المتوقع أن يحدث تباين في معدلات نمو الأرباح وهذا يعني ان توقعات الأرباح المستقبلية ستتباين بشكل ملحوظ في الأشهر المقبلة. من المبادئ المعروفة في الاستثمار أنه حين يرتفع العائد في أي أداة استثمارية، يرتفع مستوي المخاطرة وبالتالي فإن المستثمرين المؤسسين ممن لا يحبذون تحمل أي أخطار، يضعون أموالهم عادة في استثمارات ذات دخل ثابت ومخاطر منخفضة، ويكون العائد عليها متواضعا، ويقل في أكثر الحالات عن مستوي التضخم، فيفقد المستثمرون المؤسسون بالتالي جزءا من القوة الشرائية لأموالهم المستثمرة بسبب الفارق بين مستوي التضخم ومستوي العائد. ويتضمن الاستثمار في الأسواق المالية عادة أخطارا مختلفة، بين اخطار سياسة واجتماعية تؤثر في أداء الأسواق المالية، واخطار تتعلق بأداء الاقتصاد وأداء الشركات إلي جانب أخطار كثيرة أخري. ويحقق الاستثمار في الأسواق المالية عادة عائدا مجزيا في ظل ظروف اتقادية وسياسية واجتماعية مستقرة باعتبار أن أداء الأسواق يعكس عادة أداء الشركات المدرجة فيها، فيما يرتبط أداء الشركات بأداء الاقتصاد ويؤدي نمو الاقتصاد بالتالي في نهاية المطاف إلي تحسن مستمر في أسعار أسهم الشركات المدرجة، باعتبار أن الأسواق المالية هي بمثابة بارومتر للاقتصاد تعكس واقعه ومستوي نشاطه. وكثيرا ما يكون الأفراد أقل معرفة بمستوي أخطار الأسواق والشركات والاقتصاد، باعتبار أن الاستثمار في الأسواق يتطلب وعيا استثماريا ومتابعة يومية للظروف والمعلومات والبيانات التي تؤثر في أداء الاقتصاد وأداء الشركات وبالتالي سعرها في الأسواق المالية، فيفترض بالتالي بالمستثمر في الأسواق المالية أن يكون مستعدا لتحمل الأخطار كلها في مقابل توقعه الحصول علي عائد مجز. وأول اخطار الاستثمار في الأسواق المالية هو صعوبة معرفة العائد المتوقع من الاستثمار في هذه الأسواق. وفي الأسواق المالية المتقدمة، تكون عادة حصة الاستثمار الفردي محدودة وقد تتراوح نسبتها ما بين 15 و20% ويعود السبب إلي أن المستثمرين الافراد يلجأون عادة إلي صناديق الاستثمار المشتركة لاستثمار مدخراتهم باعتبار أن إدارة هذه الصناديق تكون عادة متخصصة ومحترفة ومتفرغة، يدعمها جهاز متخصص في الدراسات والبحوث فتكون قراراتها الاستثمارية بالتالي مبنية علي أسس استثمارية ومالية واقتصادية، بالإضافة إلي أهمية توقيت الاستثمار سواء بيعا أو شراء. وبناء عليه تشكل سيولة الاستثمار المؤسسي نسبة كبري من سيولة هذه الأسواق، وتكون حركة هذه الأسواق بالتالي أكثر نضجا وكفاية، بعيدا عن العواطف والشائعات والسير في ركب الغالبية. وفي الأسواق المالية في المنطقة تشكل سيولة الافراد النسبة الكبري من سيولة الأسواق، اذ وصلت هذه النسبة إلي نحو 80% من السيولة الإجمالية للعديد من هذه الأسواق، فيما تقتصر سيولة الاستثمار المؤسسي علي 20%. وهكذا تعرضت هذه الأسواق إلي خسائر جسيمة أثناء الأزمة المالية العالمية وتعرض المستثمرون الأفراد إلي خسارة معظم مدخراتهم بسبب سوء اختيارهم للشركات المدرجة، وسوء توقيت كل من الشراء والبيع، وعدم معرفتهم بالأسعار العادلة لأسهم الشركات، وعدم معرفتهم بأخطار الاستثمار في هذه الأسواق بعد أن حققوا مكاسب كبيرة خلال سنوات كثيرة سبقت بداية الأزمة. وهكذا فإن أخطار الاستثمار في هذه الأسواق مرتفعة، مقارنة بالأسواق المالية العالمية التي تتميز بالكفاية والنضج. وبسبب الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية علي أسواق المنطقة وتعرض عدد كبير من المستثمرين الأفراد إلي خسائر جسيمة، تراجعت نسبة هؤلاء وعددهم في هذه الأسواق، وارتفعت حصة الاستثمار المؤسسي نسبيا في أسواق مثل أسواق الإمارات ومصر والسعودية. وقد يسهم ارتفاع هذه الحصة في انخفاض أخطار الاستثمار في الأسواق خاصة أن جزاء مهما من سيولة الاستثمار الأجنبي سيولة بعيدة الأجل بعكس سيولة الأفراد التي يعتبر معظمها ساخنا، يخرج ويدخل بسرعة مما يؤثر سلبا في استقرار مؤشرات هذه الأسواق. * العضو المنتدب لشركة بايونيرز لصناديق الاستثمار