يبدو أن منطقة اليورو علي وشك التفكك والانهيار هكذا تعتقد مجموعة صغيرة لكن متزايدة من الخبراء حيث يرون أن هناك تراجعا في التأييد العام للعملة الأوروبية الموحدة وأن احتمال إعلان انسحاب دولة من اليورو واستخدام عملتها الوطنية التي كانت تستخدمها قبل انضمامها للاتحاد الأوروبي قد تتحول إلي حقيقة لمنطقة اليورو إذا ما فشل واضعو السياسات في توحيد جهودهم لتطبيق استراتيجية أكثر فاعلية لإنقاذ الوحدة النقدية ومعالجة مخاوف المستثمرين حيال الاختلالات الاقتصادية والنقدية. وحتي الآن تأتي التوقعات بتفكك منطقة اليورو من جانب المتشككين في بريطانيا الذين يري بعضهم أن منطقة اليورو وسياساتها النقدية التي من المفترض أن تناسب الجميع كانت السبب وراء مشكلات الديون الأوروبية. وخلال فصل الصيف قدم المختص في الاقتصاد البريطاني لدي "كابيتال ايكونوميكس" كريستوفر سمولوود ورقة بحثية من 20 صفحة بعنوان "لماذا تحتاج منطقة اليورو إلي الانفصال" وتوقع المختص في الاقتصاد الأمريكي نوريل روبيني أن تضطر دول اليورو إلي التخلي عن عملتها. لكن مع تسارع وتيرة الموجة الثانية من أزمة الديون الأوروبية التي تعصف بأيرلندا وتضع الضغوط علي البرتغال وإسبانيا تظهر مجموعة جديدة من المتشككين وهم يعتقدون أنه قد يكون من الصعب علي منطقة اليورو أن تستمر بشكلها الحالي حتي إن ظن كثيرون أن الاستمرار هو السيناريو الأكثر ترجيحاً. ويري البعض مثل المعلق في صحيفة "فاينانشال تايمز" جيديون راتشمان أن ألمانيا قد تنشق إذا ما تصاعد الإحباط العام من عمليات الإنقاذ أو إذا عجزت برلين عن إقناع شركائها في منطقة اليورو بمساندة خطتها المثيرة للجدل الخاصة بآلية إنقاذ جديدة دائمة. بينما يري الباحث لدي معهد "بيترسون للاقتصاد الدولي" بواشنطن جاكوب فونك كيركيجارد أن "تفكك منطقة اليورو لا يزال أمراً غير متصور". مشيراً إلي أنه إذا كان اليورو في خطر حقيقي يمكن للمرء أن يتوقع استجابة أكثر فاعلية بكثير كنا سنري البنك المركزي الأوروبي يطبع أوراق بنكنوت فئة 500 يورو ويسقطها بطائرات الهليكوبتر قبل أن تضطر إسبانيا إلي إعلان تخلفها عن سداد ديونها أو تعريض اليورو للخطر. والمضي في هذا الطريق لن يرضي ألمانيا التي تصر بدلاً من ذلك علي أن تطبق دول منطقة اليورو خفضاً في الأجور وإصلاحات هيكلية مؤلمة لتعزيز الإنتاجية بما يتماشي مع نموذجها الاقتصادي الناجح. ويمضي اليونانيون والأيرلنديون والبرتغاليون في هذه السياسات حالياً لكن المتشككين يخشون من أنه في السنوات المقبلة ستنكشف عيوب هذه الاستراتيجية وستظهر مجدداً الاختلالات الخطيرة في التوازن داخل المنطقة. مصطفي عبد العزيز