يبدو ان الخصخصة اصبحت لعبة سياسية في يد الحكومة فتارة تطلق برنامجا للصكوك الشعبية وتارة تجمد البرنامج ثم تعلن استبعاد المستثمر الاستراتيجي وهو ما يمثل تناقضا كبيرا مع سياسة التحرر الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة كما يؤكد الخبراء وهو الامر الذي دعاهم الي المطالبة باستئناف برنامج الخصخصة مع تلافي اخطاء الماضي. وكان الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار قد اكد ان الحكومة لا تهرول الي خصخصة شركات قطاع الاعمال، مستشهدا بانه لم يتم بيع اكثر من 7 شركات من جملة الشركات المؤهلة للبيع ويبلغ عددها 175 شركة، ولم يعتبر الخصخصة معوقا لعمل الشركات. وقال الوزير انه علي عكس الشائع اعادت الحكومة عددا من الشركات لحوزة الدولة بعد بيعها للعاملين فيها عام 97 لم تحقق اي منها نجاحا يذكر بعد خصخصتها. واضاف: "اننا لا نزال نري ان تخلص الدولة من هذه الاصول وبيعها الي القطاع الخاص يمثل حلا صحيحا فنحن نبيع اصولا قديمة لنأتي بأخري جديدة. واوضح ان هناك مشكلات حدثت في بعض الشركات التي خضعت للخصخصة، لكنها تعد علي اصابع اليد الواحدة، ومعظمها تمت خصخصتها في فترة التسعينيات كما ان هناك مشكلات حدثت في شركات تتبع في الاصل القطاع الخاص. وفسر وجود حالات خصخصة غير ناجحة بعدة اسباب، اهمها سوء اختيار المستثمرين لعدد من معاونيهم ومدراء اعمالهم الذين لم يكونوا علي قدر من الكفاءة والخبرة يؤهلهم لحسن ادارة هذه الاعمال، ومحاولة بعض المستثمرين التخلص من العمالة حتي تخلو لهم الشركات كأراضي فضاء يمكنهم استثمارها في النشاط العقاري. ولفت الي ان جزءا من المشكلات التي تعيق الخضخصة يتعلق بمدي قدرة المجتمع علي تحمل التكلفة الاجتماعية لعملية الخصخصة، خاصة اذا تطلب الامر تمويل المعاش المبكر لحصص العمالة الزائدة عن حاجة العمل في بعض المشروعات المعروضة للبيع. وعن اسباب رفض بيع اي من شركات قطاع الاعمال لمستثمر رئيسي، قال وزير الاستثمار ان المستثمر الرئيسي يحرص علي زيادة ارباح شركاته حتي اذا كانت تدر ارباحا وعائدا طيبا، وبالتالي فإنه يتجه الي تقليص حجم العمالة الي الحد الادني، او وقف بعض خطوط الانتاج او التركيز علي انتاج اصناف تدر ربحا اكبر وكثيرا وتؤدي هذه السياسات الي قلق وتوتر اجتماعي داخل المنشأة. وفي السياق ذاته، اضاف ان عددا من الشركات الباقية في حوزة الدولة في وضع احتكاري عام مثل شركة الالومنيوم المصرية التي تنتج 95% من حجم الانتاج الكلي وشركات السكر حيث لا يجوز ان تستبدل حتكارا عاما باخر خاص، كما ان الحكومة لا تستطيع ان تجعل فلاحي الصعيد جميعا رهن ارادة مستثمر رئيسي. واشار الي ان الاستثمار الخاص عادة ما يكون اكثر كفاءة من الاستثمار العام لكن التكلفة الاجتماعية العالية نتيجة بيع الشركات لمستثمر رئيسي تلزم الحكومة باتخاذ القرار السياسي الصحيح حفاظا علي مصالح فئات واسعة في المجتمع سوف تتأثر بقرار البيع. واضاف الي هذه الاسباب المناخ الاعلامي السائد الذي ينفر من استبدال الملكية العامة في مشروعات بعينها بملكية خاصة. ومن جانبه اكد شريف نور الشريك المسئول عن الاستشارات المالية ببيكو تيلي علي ضرورة ان تستأنف الحكومة برنامج الخصخصة وان تنهي ما بدأته عام 1992 بعد صدور قانون شركات قطاع الاعمال العام مشيرا الي انه من اهم الدروس المستفادة من تطبيق البرنامج فيما مضي هو عدم منح المستثمر اراضي الشركات وهو الامر الذي يستدعي العمل علي منح الاراضي كحق انتفاع فقط والتشديد علي منح العمال حقوقهم التي تجاهلها المستثمرون في العديد من الصفقات.