الطريق الطبيعي والسهل والمنطقي لانهاء الحصار الذي فرضته إسرائيل علي قطاع غزة هو الغاء مبرراته ، الحصار فرضته اسرائيل علي القطاع بسبب انشقاق حركة حماس علي شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية لخلاف بينهما علي أشياء كثيرة. لن أناقش أوجه ذلك الخلاف ولا أسبابه باعتبار ذلك شأنا فلسطينيا، ربما كانت حماس محقة من وجهة نظر البعض في خلافها مع فتح وربما لا تكون، المهم هو موقف وتأثير الخلاف علي أطراف أخري من بينها مصر ذات الحدود المشتركة مع قطاع غزة. الضغوط التي تمارسها حماس وأنصارها تستهدف مصر بالدرجة الأولي وتطالبها بفتح حدودها مع قطاع غزة لمساعدة حماس علي المضي قدما في تكريس انفصال غزة عن الضفة الغربية . يعني يطالبون مصر بالانحياز لحركة حماس في صراعها علي السلطة باستخدام شعب غزة رهينة للضغط انسانيا علي الشعب المصري وغيره من المجتمع الانساني. مصر اذا فتحت الحدود بالتعاون مع سلطة غير شرعية ، لغير الدواعي الانسانية ، تكون في الواقع منحازة لها وموافقة علي توجهاتها ، وهذا افتراض غير مقبول فضلا عن أنه غير صحيح ، لماذا ؟ لأن الانفصال بين الضفة وبين غزة ليس في مصلحة القضية الفلسطينية من ناحية ولأنه يضر الأمن القومي المصري من جهة أخري . والاثنان معا يصبان في مصلحة اسرائيل التي تجد في ذلك منفذا للتخلص من مطلب إقامة دولة فلسطينية واحدة عاصمتها القدس ، كما تتخلص من الزامها بحل مشكلة عودة اللاجئين الفلسطينيين عن طريق توطينهم في البلاد المجاورة ومنها شبه جزيرة سيناء. السؤال هنا هو أليس من حق مصر أن تقلق علي أرضها وتسعي الي توجيه الأمور الي الوجهة الصحيحة؟ الاجابة المنطقية أن ذلك واجب وطني يجب عدم التراخي فيه مهما كانت المبررات التي يسوقها البعض في محاولة لدعم مطالب حركة حماس التي استولت علي الحكم في غزة بانقلاب عسكري. ان وضع اسرائيل كطرف في المعادلة بطريقة خاطئة متعمدة هو في الواقع نوع من الابتزاز المرفوض ، فلا يسوغ وجود اسرائيل كطرف في المعادلة تهاون مصر في حماية حدودها الدولية والتعامل مع عصابات التهريب الدولية والمحلية علي أنها حل لمشكلة سياسية في الأصل يرفض المتسببون فيها حلها ويطالبون غيرهم بما لا يقبلون به لأنفسهم. المطالبون بغض الطرف عن عمليات التهريب إنما يفكرون بمنطق العصابات وليس بمنطق الدول ذات الشرعية الدولية . لاحظنا أن مصر تفتح الحدود بين الحين والآخر تلبية للحاجات الانسانية علي مرأي ومسمع من العالم كلما اقتضت الضرورة ذلك ، أما غض الطرف عن التهريب عبر الحدود وعدم اتخاذ الاجراءات ضده فليس من شيم الدول المحترمة.