يبدو أن بولندا واقتصاداتها وسياستها العسكرية والاستراتيجية علي أعتاب مرحلة جديد، حيث تتحدي بكل قوة الازمة المالية العالمية من خلال تحقيق معدلات نمو مرتفعة وجذب للاستثمارات الاجنبية. وتطلق بولندا حاليا حملة جديدة في سياستها اعطتها عنوان "الحرية صنعت في بولندا" في إشارة إلي الاحتفال هذا العام بذكري أول انتخابات برلمانية حرة في بولندا كانت في 4 يونية عام 1989 وقد مر عليها 20 عاما، وبولندا تحيي ذكراها نتيجة للتغيرات الاقتصادية والسياسية التي تمت بعدها في أوروبا والعالم كله وأدت لسقوط الشيوعية في بولندا وبقية دول العالم من خلال حركة "تضامن" التي تزعمها الرئيس البولندي السابق ليخ فاونسا الذي كان أول رئيس منتخب في بولندا يعمل في ميناء جد انسك ويقود حركة "تضامن" العمالية نحو التغيير في بلاده. ومع مرحلة جديدة ايضا تحتفل بولندا هذه الايام بالتغيير الديمقراطي والاقتصادي نحو الافضل ومرور 65 عاما علي انتفاضة وارسو أكبر انتفاضة ضد القوات النازية المحتلة في بولندا أثناء الحرب العالمية الثانية عام 1944 ومن خلال الجيش السري البولندي "المقاومة" الذي يطلق عليه بالبولندية "اراميا كرايوفا" حيث كانت هذه القوات تحارب النازية التي احتلت بولندا ورغم الفشل في القضاء علي القوات المحتلة فإن الانتفاضة ظلت رمزا كبيرا للحماس والمقاومة والرغبة البولندية في الحرية والاستقلال والتغيير. ومع تولي ليخ فاونسا الرئاسة في بولندا بعد انتخابات حرة في البلاد بدأت بولندا في اقتصاد السوق والاقتصاد الحر وانضمت للاتحاد الاوروبي ليصبح بعدها يوجي بوزيك رئيس وزرائها السابق رئيسا للبرلمان الاوروبي. وكان لانضمام بولندا لحلف شمال الاطلنطي "الناتو" تأثير جذري علي شكل القوات المسحلة البولندية، والتغييرات التي طرأت بعد عام 1999 التي فاقت التوقعات وشملت جميع جوانب الأداء واقسام الجيش البولندي حيث اختلفت حاليا القوات المسلحة البولندية اختلافا واضحا عما كانت عليه منذ 10 أعوام حين انضمت للناتو وتحول جيشها من الناحية العددية والهيكلية فأصبح الجيش البولندي اقل عددا ولكن في الوقت ذاته اكثر تطوراً و فاعلية ومهنية ومن المنتظر ان تتخذ القوات المسلحة البولندية شكلها المهني البحت في 2010. وفيما يختص بتحدي الازمة المالية العالمية تمكنت بولندا من جذب مزيد من الشركات الاجنبية للاستثمار في قطاعاتها المختلفة ولعل ابرز هذه الشركات شركات السيارات والاتصالات وطورت بولندا من جهازها المصرفي ليجذب أكبر البنوك العالمية والاوروبية إلي جانب خطط لاستيراد الغاز من عدة دول غير روسيا وبالتالي تحقيق نمو أكبر في ظل أزمة مالية واقتصادية طاحنة لم تسلم منها أوروبا واكبر الاقتصادات العالمية الكبري.