في احدي رحلات المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة سأل الوزيرمسئولا بشركة أسبانية تعمل في مجال الغاز حول ما تقوم بسداده هذه الشركة من نسبة ضرائب لحكومة بلادها.. فكان رد المسئول أنهم يسددون 40%.. وهنا أخبره الوزير أن الضريبة في مصر لا تزيد علي 20% فقط. ربما هذه الرواية تثير العديد من علامات الاستفهام حول التسهيلات المتعددة للمستثمرين الأجانب والتي نظمتها القوانين دون الاستفادة الحقيقية من المستثمرين.. وبالأمس القريب حسمت اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب الجدل المثار منذ 2008 حول قرارات 5 مايو وتداعياتها علي الاقتصاد.. خاصة في القطاع البترولي والذي انتهي إلي اعفاء شركا تكرير البترول من الضرائب، وعملها ضمن نظام المنطقة الحرة، وذلك لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد طبقا للقانون وضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 97. ورغم أن المجلس استند في قراره علي الصالح العام وما لحق بشركات البترول والغاز التي تضررت من سداد الضرائب العام الماضي بعد الغاء نظام المنطقة الحرة إلا أن القرار لقي معارضة وتحفظات علي أساس أن شركات البترول تحقق أرباحا وأن الاستثمارات الأجنبية لن تتأثر في هذا المجال في الوقت الذي طالب المهندس سامح فهمي وزير البترول بحوافز اضافية لاعتبارات استراتيجية أهمها عدم اللجوء لاستيراد المواد البترولية من الخارج والتي من شأنها زيادة فاتورة الدعم علي الحكومة. إشعال الفتنة اعفاء شركات البترول العاملة بالمناطق الحرة قد يشعل الفتنة بين القطاعات الأخري التي ستطالب بنفس المعاملة وإلا التهديد بالرحيل أيضا علي غرار ما قام به "الخرافي" بعد الغاء الاعفاءات الضريبية علي شركاته العاملة بنظام المناطق الحرة، وتوجيه استثماراته إلي السودان. ربما كانت لهذه الخطوة العديد من الاعتبارات والدوافع الخفية وهي أن قطاع البترول يعد ثالث أهم مصدر من مصادر الدخل الأربعة الكبري وهي السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس والبترول. ولا خلاف أن صادرات البترول كانت تمثل في سبعينيات القرن الماضي 3% من إجمالي الناتج المحلي، و13% في الثمانينيات ثم تراجع إلي 3% في فترة التسعينيات نتيجة انخفاض الاحتياطات من البترول المتوقع أن يصل إلي 6.3 مليار برميل والمقدر انتهائها بالكامل بعد 15 عاما مقبلة. ايجابيات وسلبيات بصورة عامة فإن للقرارجوانب سلبية وأخري ايجابية.. فالسلبي هو الاضرار بالاقتصاد القومي حيث سنفقد الضرائب المحصلة علي هذا النشاط التي من شأنها زيادة الايرادات أما الايجابي في القرار فهو تشجيع الاستثمارات وتدفقها علي السوق المحلي.. ولكن يبقي السؤال هل ستتجه بعض القطاعات والصناعات الأخري للمطالبة والحصول علي حوافز مماثلة نعتقد ذلك؟ ولكن أيضا لماذا لا يمكن الاستفادة باتفاقية عدم الازدواج الضريبي الموقع مع عدد من الدول الأوروبية التي تسمح للشركات الاختيار في سداد الضرائب إما لدينا أو في دولها. عدة اعتبارات قد يكون الدكتور حمدي البنبي وزير البترول الاسبق أحد المناصرين لقرار اعفاء شركات تكرير البترول من الضرائب، وذلك للعديد من الاعتبارات المهمة وفقا لما حدده، حيث إن العملية الاستهلاكية لمشتقات البترول زادت عن الحد بحسب تعبيره في ظل الصعوبات التي تواجهها هذه الشركات، منها طبيعة عمل هذه الشركات التي تقوم علي تكرير البترول الذي يتطلب العديد من المراحل الشاقة لإنتاج هذه المشتقات، إذا ما قورنت بهامش الربح القليل للغاية، حيث إن العديد من الشركات تقوم بشراء البترول الخام بأسعار مرتفعة للغاية. تساءل قائلا ماذا لو تم شراء البترول الخام بأسعار مرتفعة، وقمنا بتكريره في هذه المراحل قد تتراجع الاسعار وبالتأكيد سوف تتعرض هذه الشركات للخسائر الفادحة مع هذا التراجع. لم يكن ذلك بحسب فقط وفقا القول للدكتور البنبي وإنما تستغرق معامل تكرير البترول وقتا طويلا في التصميمات وتجهيز أراضي المصنع وحينما قام عدد من الشركات بدراسة جدوي لإقامة عدد من المشروعات بالمنطقة الحرة لم تضع في الحسبان صدور قرارات بالغاء الاعفاءات والمميزات الممنوحة من قبل الحكومة والتي بمجرد صدورها أحدثت نوعا من الارتباك في الاستثمارات وبالتالي تخارج العديد من هذه الشركات من السوق المحلي. لميعف أيضا الدكتور البنبي المستهلكين من حجم المأزق نظرا لكثافة الاستهلاك الذي يقوم به عدد كبير من المواطنين في المشتقات البترولية المختلفة خاصة البنزين، واستخدامه وقودا للسيارات ولماذا بحسب طرحه للسؤال لا تكون هناك كروت لاستخدام المشتقات.