أثارت خطوة إقبال عدد من الصناديق لاستثمار أموالها في مصر ردود أفعال واسعة في أوساط الخبراء فبينما رحب البعض بهذه الخطوة علي اعتبار انها مؤشر مهم عن مناخ الاستثمار قلل البعض الآخر من أهمية الخطوة معتبرين ان الصناديق السيادية لا تعدو كونها حربا جديدة بين الكتل الاقتصادية المتناحرة علي مستوي العالم وبين إختلاف ردود الأفعال طرح "الأسبوعي" أيضا تساؤلا علي الخبراء حول عدم اقبال مصر علي انشاء مثل هذه الصناديق حيث أكد الخبراء أن الأهم في الوقت الراهن هو جذب رؤوس الأموال وليس تصديرها. نشأة الصناديق السيادية تعود إلي عقود الخمسينيات من القرن العشرين، إلا أنها شهدت نموا مزدهرا علي المستوي العالمي خلال السنوات الخمسة عشرة الماضية، وتشير الاحصاءات المتوافرة عن تلك الصناديق إلي أن حجم رؤوس أموالها الاجمالي كان يبلغ علي أقصي تقدير، نحو 500 مليار دولار أمريكي في عام 1990 واصبح 3 تريليونات دولار أمريكي في عام ،2007 ومن المتوقع ان يصل إلي نحو 12 تريليون دولار أمريكي بحلول عام ،2015 في ضوء الاتجاه العام الأكثر احتمالا لنتائج الحساب الجاري العالمي، ومن ثم أرصدة الاحتياطي الرسمي العالمي المتوقعة خلال هذه الفترة المستقبلية، وحاليا تمتلك أكثر من 20 دولة علي مستوي العالم صناديقا للثروة السيادية اضافة إلي ست دول اخري أعربت عن رغبتها في تأسيس صندوق سيادي، ويقع أكثر من 50% من اجمالي هذه الأصول في حوزة صناديق الثروة السيادية التابعة للدول الرئيسية المصدرة للبترول والغاز الطبيعي وتأتي الإمارات العربية المتحدة والنرويج والصين والكويت وروسيا وسنغافورة من بين الدول التي تضم أكبر الصناديق السيادية علي مستوي العالم، اضافة إلي كل من كندا، ترينداد، توباجو، ايران، بروناي، وكازاخستان. وتستحوذ أكبر خمسة صناديق علي المستوي العالمي علي ما نسبته 70% من اجمالي الأصول المستحوذ عليها لجميع الصناديق، بما يعني أن حيازات الاصول متركزة في 25% من هذه الصناديق، ويتركز ثلث اجمالي الاصول في حوزة صناديق الثروة السيادية لدول آسيوية وعربية خليجية ودول المحيط الهادئ، بما في ذلك الصين واستراليا وسنغافورة. مؤشر إيجابي من جانبه يؤكد هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي ان الصناديق السيادية تعد من أفضل أنواع الصناديق حول العالم وان ظهور تلك الصناديق في هذا الوقت يعد مؤشرا ايجابيا في عالم أسواق المال، نظرا لأنها تستثمر أموالها التي تعد بالمليارات في استثمارات مباشرة وغير مباشرة خاصة اتجاهه إلي انتقاء فرص استثمارية جيدة في أوقات معينة فهي تفيد في اجتناب دورات الرواج والكساد في بلدانها المنشئة، وتسهل ادخار عائدات الفوائض التي تحققها المالية العامة من صادرات السلع وعمليات الخصخصة تم تحويلها للأجيال التالية، وتسمح صناديق الثروة السيادية أيضا بمزيد من التنويع في أصول الحافظة وبزيادة التركيز علي العائدات مقارنة بما يحدث عادة في حالة الأصول الاحتياطية التي يديرها البنك المركزي ومن ثم الحد من تكاليف الفرصة البديلة لحيازة الاحتياطيات، مشيرا إلي أن أي استثمارات من الصناديق السيادية تكتسب أهمية متزايدة في النظام النقدي والمالي الدولي، كما انها من الممكن ان تساعد في رفع الكفاءة التوزيعية للايرادات المتحققة من الفوائض السلعية في البلدان المختلفة. ويلتقط أطراف الحديث الدكتور عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار قائلا إن دخول الصناديق السيادية في هذا الوقت يعد مؤشراً ايجابيا يدل علي أن السوق المصري من الأسواق الواعدة والجاذبة للاستثمار مشيرا إلي أن التأثير الأكبر سوف يعود علي البورصة المصرية والتي لا تزال تحتاج إلي مزيد من السيولة وبالتالي فإن تأثير دخول الصناديق سوف يظهر واضحا عندما يبدأ النشاط الفعلي لهذه الصناديق. وأكد خليفة أن استثمارات الصناديق السيادية سوف تسهم في انعاش البورضة المصرية الأمر الذي سوف يدفع السوق اتخاذ اتجاه صاعد في المدي الطويل، لافتا إلي أن المؤسستين السنغافورتين أبدتا رغبتهما للاستثمار في مصر خلال الفترة القادمة سواء في مجال الاستثمار المباشر أو البورصة، مشيرا إلي أن المؤسستين وضعتا بالفعل منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ضمن خطتهما الاستثمارية القادمة. عدم الشفافية ومن جهة أخري أكدت الدكتورة مني المصري أستاذ التجارة الدولية بجامعة القاهرة ان الصناديق السيادية ليست استثمارا في الاقتصاد بقدر كونها استثمارا سياسيا للدول المنشئة مقللة في ذات الوقت من أهمية تواجد مثل هذه الصناديق علي أرض مصر معتبرة أن الأهمية الأكبر لمثل هذه الصناديق لا تعود إلا علي الدول المنشئة بصورة أساسية خصوصا انها طوق نجاة لاقتصادياتها المخنوقة بعد الإعصار المالي الضخم الذي ضربها بداية العام.