في محاولة لبث الطمأنينة وترويض العامل النفسي في الأزمة المالية العالمية أصدرت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبري في الأسبوع الماضي بيانا متفائلا فحواه أن الاقتصاد العالمي سيبدأ بالنهوض هذا العام - 2009 - حتي وأن كانت المخاطر لا تزال قائمة. تعهدت الدول بتحاشي فرص القيود علي التجارة العالمية وكأنها تقول إن فرض القيود علي التجارة العالمية سيؤخر الانفراج في الأزمة العالمية. وهنا يبرز السؤال.. إذا كانت الأزمة مرشحة للانفراج إذا التزمت الدول بعدم فرض قيود حمائية علي التجارة العالمية فما التي ستنحسر عنه الأزمة أولا الدول الغنية أم الأخري الفقيرة. أن وطأة الأزمة علي الدول الفقيرة أشد وأقسي نظرا لأن الدول الغنية المستقرة اقتصاديا "وسياسيا" لديها من الأدوات والوسائل ما تستطيع به دفع أضرار كثيرة عن مواطنيها، كما أن الدو الغنية لديها احتياطيات تكفي للصمود في وجه الأزمة وتجاوزها بتعويض الخسائر وتجاوز مشكلة الديون المعدومة المتفاقمة بسبب انهيار البورصات وتدني الأوراق المالية ناهيك عن الوقوع في عمليات النصب العالمية التي أدت إلي تبخر مليارات وتريليونات من مدخرات الملايين حول العالم. في اجتماع الدول السبع الكبري أعلن وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية في المجموعة أن الاقتصاد العالمي ربما يكون قد أجتاز أسوأ مرحلة في الركود علي الرغم من أن الانتعاش لم يتأكد بعد. تضم دول المجموعة الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وايطاليا واليابان. إن الظلام الذي خيم علي الاقتصاد العالمي علي حد قول وزير الخزانة الأمريكي ليس علي وشك الانتهاء بعد مرور عدة أشهر، وربما لا تظهر بوادر حقيقية لظهور فجر اقتصادي جديد قبل الخريف المقبل، وهو وقت ليس بالطويل مقارنة بالتوقعات التي سادها التشاؤم مع بداية الأزمة. الدول الغنية سوف تري النور عند انتهاء فترة الأظلام قبل غيرها حيث تتمتع بقدرة علي التعافي حيث النظم مستقرة والآليات متعارف عليها ربما يتداخل معها نوع من الرقابة الحكومية المحدودة علي نشاط القطاع المالي للتدخل وقت اللزوم وتجنب وقوع الكارثة.. أما الدول الفقيرة أو النامية فربما يظل الظلام سائدا فيها لبعض الوقت نظرا لفروق التوقيت بين القدرة وعدم القدرة، وبين الاستقرار، وعدم الاستقرار. الدول الغنية تعتقد أن الأزمة ستبدأ في الانحسار حين تتحسن التجارة العالمية بمعني أن يعاد فتح الأسواق التي أغلقت وزيادة تدفقات السلع والخدمات التي تنتجها الدول الأجنبية الغنية إلي أسواق الدول الفقيرة. المشكلة أن أسواق الدول الفقيرة تحتاج إلي عملية انعاش قوية حتي تعود قوة الطلب إلي فعاليتها السابقة، ولن يتأتي ذلك دون دعم قوي من الدول الغنية يكون الغرض منه إعادة النشاط إلي الأسواق المطلوب منها أن تشتري. بالطبع لا يمكن الشراء علي النوتة لدول تريد المحافظة علي استقلالها.