تعتبر جرائم الاختلاس التي يقوم بها بعض الموظفين في البنوك من ابرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي خلال الفترة القادمة بعدما تنامت الظاهرة في الآونة الاخيرة فأصبحنا نسمع دون وجود بيانات رسمية من قبل البنوك عن اجبار موظفين علي الاستقالة بعد كشف اختلاسهم للاموال سواء من خلال ماكينات الصراف الآلي او من قبل الحسابات وايا كانت الطريقة التي تتم بها عمليات الاختلاس فإن الغاية واحدة وهي السرقة ولكن العجيب في الامر ان معظم الوقائع التي تمت فيها عمليات اختلاس كانت تتعلق بموظفين يعيشون احوالا مادية ميسرة الي حد كبير وبالتالي صعوبة ايجاد مبرر لمثل هذه العمليات ويبدو ان المشكلة لا تتوقف علي ذلك بل تمتد لعدم اتخاذ اجراءات رادعة ضد هؤلاء الموظفين حيث تكتفي البنوك باجبارهم علي الاستقالة ويكون من السهل بعد ذلك الانتقال الي بنك آخر بنفس النزعات النفسية المشوهة لتتكرر العملية علي نفس النسق. "الاسبوعي" طرح القضية علي الخبراء لرصد آرائهم حول تنامي هذه الظاهرة فقد شهد احد البنوك الكبري ثلاث حالات اختلاس في اقل من 7 أشهر وشهد اخر حالتين في 4 أشهر وشهدت ثالث حالة واحدة قبل اسبوعين الظاهرة المتنامية لم تكن كبيرة في القطاع المصرفي علي مدار السنوات السابقة مقارنة بدول اخري في المنطقة. الخبراء من جانبهم اختلفوا في تفسير ما يحدث معتبرين ان المجتمع يشهد تغيرات كبيرة يلزم معها الاهتمام بالتقييم النفسي الدوري للموظفين وتقييم ادائهم واستحداث وسائل جيدة في اطر التقييم التي تجريها ادارات الموارد البشرية داخل البنوك بالاضافة الي ضرورة تطوير النظم الرقابية داخل البنوك لتكون اكثر قدرة علي استقراء الاحداث ورصد الاختلاسات في وقت اقصر. قال الخبير المصرفي هاني أبوالفتوح ان الظاهرة متنامية بالفعل ومثيرة للقلق وأرجع ذلك إلي الضغوط التي يشهدها الشارع المصري والتحول الكبير في النمط الاستهلاكي الذي يشهده المجتمع دون ان يستطيع ان يساير هذه التغيرات الأمر الذي يجعل الموظف يعيش داخل ضغوط حياتية تدفعه الي الاقدام علي مثل هذه الخطوات غير المحسوبة فالمشكلة الأساسية تكمن في التطلع الكبير الذي يفوق القدرات المتاحة لدي الافراد. أشار الي ان صور التحايل مختلفة وتتم في غالبية الأحيان بطريقة احترافية وأبرزها نظام الجمعيات الذي قد يتبعه بعض الموظفين من خلال الاختلاس من حسابات من العملاء والقيام بالسداد من خلال التنقل بين عدد من الحسابات شهريا تبادلات من خلال عملية تباديل وتوفيقات يتم من خلالها الانتقال السريع من جانب إلي آخر وعادة ما يتم استهداف العميل ذي الثقافة المصرفية الأقل مستغلين جهله في متابعة كشف حسابه الذي قد يصدر بالانجليزية وقد يعجز البعض عن متابعته. طالب أبوالفتوح بإعادة النظر في انظمة التعيينات المتبعة في البنوك من أجل تحقيق قدر أكبر من الاحترافية في انتقاء الموظفين الاسوياء وذلك من خلال تدقيق الاستقصاء عن الموظف ولاسيما في الوظائف الحساسة التي تتطلب مزيدا من التدقيق والتمحيص قبل انتقاء الموظف من خلال الاستقصاء عنه في اوساط اصدقائه والمقربين له للتعرف علي شخصيته بصورة أكبر حتي لا يتعرض لضغوط قد تساعده علي ارتكاب ما هو أفظع من الاختلاس مشيرا الي ضرورة تطوير انظمة الرقابة داخل البنوك لتكون اكثر احترافية وقدرة علي رصد الاحداث قبل تفاقمها. اختبارات نفسية وفي ذات السياق يؤكد ماجد الصفتي خبير الموارد البشرية بأحد البنوك علي ضرورة اجراء اختبارات نفسية للعاملين داخل القطاع المصرفي وبطريقة تسمح بانتقاء أفضل الموظفين الاكفاء في هذا الصدد مع مراعاة إجراء التقييمات الدورية للموظفين للتأكد من مدي التغيرات التي تطرأ علي سلوكهم وتصرفاتهم في ضوء متغيرات متسارعة تفرضها عليهم العولمة والانبهار الذي يتسبب في حدوث مثل هذه التغيرات علي السلوك النفسي للموظفين. اضاف الصفتي ان مثل هذه الاجراءات لابد ان تدعم بضوابط اخري خاصة بمزيد من الرقابة علي انظمة العمل داخل البنوك وهو جزء من إدارة المخاطر لتكون اكثر احترافية في رصد أي تلاعب تلوح بوادره في الافق. ويؤكد الدكتور سامي ابراهيم رئيس شركة فيوتشر فجن للموارد البشرية ان أي متخصص في إدارة الموارد البشرية لابد أن يضع نصب عينيه ثلاثة عوامل اساسية لاستراتيجية التعيينات داخل الشركات والبنوك وغيرها أولا المهارات وهي تتعلق بمدي استطاعته علي التأقلم مع الوظيفة من خلال المهارات المكتسبة وهي قد تتعلق باللغة والكمبيوتر وخلافه ثم يأتي دور الخبرة ومدي قدرته علي القيام بوظيفة معينة مثل انتقاء محاسب يتم من خلال قدرته علي انشاء قوائم مالية وخلافه ثم يأتي العامل الثالث وهو اختبار الطبائع الشخصية ومدي الضغوط التي يمكن ان يتعرض لها الموظف وعادة ما يتم هذا الاختبار علي مدار ثلاثة اسابيع وإذا تم التركيز علي هذه العناصر سيتم تفادي وجود عناصر غير مؤهلة ووجود أي منها فيما بعد انما يدل علي خطأ وقعت فيه إدارات الموارد البشرية لدي انتقائها للموظف. أدلة اتهام ويؤكد محب الغرباوي المحامي انه غالبا ما تكون عمليات الاختلاس من البنوك سريعة الاكتشاف حيث يقوم البنك بعدد من الاجراءات الداخلية أهمها التأكد من وقوع العملية وابلاغ الادارة العليا "تسلسليا" والمحافظة علي ادلة الاتهام وابلاغ الشرطة "هنا تبدأ الاجراءات النظامية" والمتهم يوقف في مثل هذه الجرائم ويحقق معه من قبل الشرطة وتقام عليه دعوي الحق العام ولكن في معظم الاحيان لا تسير الأمور علي هذا النسق فأحيانا تقوم بعض البنوك وحرصا علي سمعة البنك أو مدير فرع البنك أو المدير الاقليمي للبنك بالاستعادة المبلغ المختلس وتسوية الأمر مع الموظف ولكن مثل هذا الموقف يحتاج للسرعة في التصرف وفي بعض الاحيان لا تخطر الإدارة العليا للبنك ومثل هذا التصرف مخالف عموما للنظام والمدير عندما يقوم به فغالبا لخشيته ان يلحق به جزء من المسئولية في مثل هذه العمليات ومن الممكن ان يقوم العميل بعمل تسوية بالمبلغ ويتم ادخاله في بند ديون معدومة السداد مع أول ميزانية.