في الوقت الذي تراهن فيه اقتصادات العديد من الدول علي منظومة الأقراض المتناهي الصغر لتقليل تداعيات الأزمة المالية العالمية خلال السنوات القادمة لاحداث حراك في الأسواق مازال الاقراض المتناهي الصغر في مصر يعاني القصور الشديد ويحدث ذلك علي الرغم من الجهود المبذولة لاحيائه وبناء هيكل له حيث مازالت خطوات نموه تسير علي استحياء وتحتاج إلي مزيد من الدعم في ظل بحثه الدءوب عن اب شرعي يحتضنه ويتبناه حيث مازال هذا القطاع يحتفظ باشكال تقليلدية له مع وجود فجوة تمويلية تقدر بنحو 90% معتمدا في تمويله علي ثلاثة منابع رئيسية هي الصندوق الاجتماعي للتنمية والجمعيات الخيرية التابعة لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي بالاضافة إلي جهود فردية من قبل بعض البنوك مثل بنك الإسكندرية حيث مازال القطاع المصرفي بعيدا عن مفهوم الرعاية الاشمل لهذا القطاع. ويؤكد الخبراء ضرورة أن تضطلع البنوك خلال الفترة المقبلة بدور أكبر في دعم هذه المنظومة وتطويرها في ضوء استحواذ الجهات الأجنبية المانحة علي حصة كبيرة من هذا السوق مشيرين إلي ضرورة ان يواكب ذلك الحوافز الأخيرة التي قدمها البنك المركزي وجهود وزارة الاستثمار لتنمية القطاع. وكما يوضح محمد صالح مدير عام إحدي الجمعيات المهتمة بتنمية المشروعات متناهية الصغر فالبنوك هي السبب الرئيسي في اللجوء إلي الجهات المانحة بعدما فقدنا الأمل في تعاونها المثمر وعندما نجحت الجمعيات في تحقيق نجاح كبير في هذا المجال بدأت البنوك تدخل إلي المنظومة بعدما ثبت ان هذه المشروعات تحقق أرباحا عالية ويشير إلي الشروط المتشددة التي تضعها البنوك خلال أسعار الفائدة المبالغ فيها والتي تصل في بعض الأحيان إلي 53% باعتبارها أحد العوائق أمام زيادة دور البنوك خلال الفترة القادمة في هذا المجال وهو أمر يجعلنا نستبعد استنساخ بديل مصري لبنك جيرامين الذي لم يضع الربح غاية له بل اعتبره وسيلة وهذا هو سر النجاح محملا المسئولية كاملة للقطاع المصرفي في تأخير نمو هذا القطاع بسبب تقاعسها وتشددها. صعوبات أمام البنوك ويقول هاني أبوالفتوح الخبير المصرفي ان البنوك تواجه صعوبات وتحديات في طريق اختراق منظومة الاقراض المتناهي الصغر والتي تتطلب انتشارا جغرافيا كبيرا وهو أمر قد يصعب تحققه في ضوء ضوابط المركزي في توسعات الفروع حيث يتطلب إنشاء أي فرع 20 مليون جنيه أو بمعني اخر فانه إذا كان رأس مال البنك 500 مليون جنيه فهذا يعني انه يستطيع افتتاح 25 فرعا فقط معتبرا ان نجاح البنوك في دعم هذه المنظومة يتطلب دورا أكبر للبنوك العامة مثل البنك الأهلي وبنك مصر وبنك القاهرة ويشير إلي ان ذلك يأتي في ضوء قدرة هذه البنوك علي التغلغل وليس المقصود به زيادة عدد الفروع بقدر ما هو استهداف للطبقات التي يمكنها الاستفادة من هذه المشروعات وهي الميزة النسبية التي تمتلكها البنوك العامة مشيرا في ذات الوقت إلي ان دولا مثل الهند وبنجلاديش لديها 600 فرع متخصصة في منح هذا النوع من الائتمان ومملوكة للدولة وبالتالي تكتمل اطراف المنظومة من صندوق اجتماعي مقترن بجهود مكملة له من البنوك والجمعيات الأهلية وهكذا. كما يري محمود عبد اللطيف رئيس بنك الإسكندرية وصاحب إحدي التجارب في تقديم خدمة الاقراض المتناهي الصغر انه لديه ما يقرب من 6 آلاف موظف وكانت هذه الزيادة تمثل عبئا علي البنك مما اضطر الإدارة إلي الاستفادة من هذه العمالة من خلال تقديم التمويل المتناهي الصغر مستفيدا من الانتشار الجغرافي الذي يتمتع به بنك الإسكندرية. وأوضح عبد اللطيف ان بداية التجربة كانت في محافظة المنيا وواجهنا مشاكل في بداية الأمر تتعلق بعدم القدرة علي الوصول إلي أصحاب المشروعات متناهية الصغر وعلي الرغم من ذلك فان التجربة مازالت في مهدها حيث لم يتجاوز عمرها العام والنصف العام حتي الآن ومازالنا نحتاج إلي مزيد من الوقت لشيوع هذه الثقافة ووصولها إلي أكبر قدر ممكن من العملاء. وأوضح عبداللطيف ان خدمة الاقراض المتناهي الصغر تخاطب شرائح مختلفة من المجتمع ولاسيما أصحاب الدخول المتغيرة والدنيا ويسوق مثالا علي ذلك ببائعة الخضار التي يبيع لها التاجر بالفائدة حيث يتم اختيار أقل سعر في السوق ويتم منحها قرضا بذلك. واعترف عبداللطيف انه علي الرغم من قصر عمر التجربة إلا أن 90% من فروع البنك والتي تغطي جميع محافظات الجمهورية تقدم التمويل اللازم للقروض المتناهية الصغر والتي بلغت حتي الآن 120 ألف قرض. ويوضح عبداللطيف ان المحفظة الائتمانية للبنك تبلغ 14 مليار جنيه تمثل القروض المتوسطة من المحافظة 3.5 مليار جنيه. وفي ذات السياق يؤكد حسام ناصر رئيس بنك التنمية الصناعية ان التعامل مع القروض المتناهية الصغر تم تجاهله لعقود نتيجة ان النظام المصرفي لم يكن مؤهلا للتعامل معها ويضيف ان النظام لا يقتصر علي البنوك فقط ولكن يتضمن ايضا الخبرات المتنوعة من الموظفين والعملاء لان هذه العملية يكتنفها مخاطر كبيرة لأنها تتعامل مع كيانات صغيرة قد تختفي بين ليلة وضحاها ولابد للبنوك ان يكون لها دور أكبر حيث تتجنب مشكلة الاختفاء لهذه النوعية من المشروعات.