خبطتان في الرأس، بل في القلب، تلقتهما الجماعة الصحفية المصرية، والعربية، حيث فقدت في غضون أيام قلائل اثنين من فرسانها: صلاح الدين حافظ بالامس ثم كامل زهيري اليوم. ومثلما كان صلاح الدين حافظ نقابيا عظيما، كان كامل زهيري نقيبا للنقباء بحق..ليس فقط لأنه هو الذي صاغ القانون الحالي لنقابة الصحفيين، أو الذي ترك بصماته علي معظم ادبياتها وعلي معظم مواقفها المجيدة دفاعا عن حرية الصحافة، بل ايضا لانه كان في مقدمة المدافعين عن بقاء النقابة ذاته ،عندما كان هذا البقاء مهددا بقوة حين حاول الرئيس الراحل انور السادات العصف بها وتحويلها الي "ناد" وباءت هذه المحاولة بالفشل وخرجت الجماعة الصحفية منتصرة. وبعد أن فشل تحالف الاستبداد والفساد في القضاء علي "وجود" النقابة حاولوا اختراق هذه القلعة الحصينة والنيل منها عن طريق شعار خبيث هو "تطهير جدول نقابة الصحفيين"، في تحرك ماكر للتخلص من الخصوم السياسيين. لكن كامل زهيري كان لهم بالمرصاد ورفع شعاره الخالد "عضوية النقابة مثلها مثل الجنسية لايمكن اسقاطها" وما من معركة تخص حرية الصحافة الا وكنت تجد كامل زهيري في صفوفها الأمامية، حتي عندما اعتلت الصحة ووضع الزمن أحماله الثقيلة علي كاهل المحارب القديم. وكان مجرد رؤية كامل زهيري متكئا علي عصاه ومتحاملا علي نفسه ومتحديا كل الامراض وأحكام الشيخوخة ، التي هي اقسي من الاحكام العرفية، كفيلا بأن يفجر حماس الشباب الصحفيين. و مثلما كان صلاح الدين حافظ كاتبا محترما كان كامل زهيري سدا منيعا امام الافكار الانهزامية والعدمية وظل حتي آخر نفس مدافعا صلبا عن الكرامة الوطنية والاستقلال الوطني والامن القومي المصري والكرامة العربية ومثلما بدأ صلاح الدين حافظ حياته بكتابة الشعر والاهتمام بالادب ، كان كامل زهيري كاتبا صحفيا من الطراز الرفيع، واديبا وشاعراً ، وفوق ذلك كله فنانا تشكيلياً يمسك القلم بيد والفرشاة بيد أخري يرسم لوحات بديعة حافلة بالاحساسيس المرهفة والمشاعر المدهشة . باختصار .. الضربة التي تلقتها الجماعة الصحفية المصرية في الأيام القليلة الماضية تقصم الظهر حيث تفقد اثنين من فرسانها النبلاء الذين يمثلون ضمير المهنة وضمير الأمة في وقت هي أحوج ماتكون فيه الي الفرسان الشجعان والحكماء . [email protected]