لاتزال الأزمة المالية العالمية تلقي بظلالها علي مودعي البنوك الذين باتوا يعيشون في جو من القلق والارتباك رغم التطمينات المستمرة سواء الصادرة عن الحكومة أو البنك المركزي، وربما يرجع هذا القلق إلي استمرار تداعيات الأزمة علي البنوك والأسواق العالمية. قلق بعض المودعين حول مستقبل الأزمة ومصير البنوك العالمية، أما الحيرة فتنبع من فشل هؤلاء في الوصول لمكان آمن يستثمرون فيه هذه الأموال إلي جانب البنوك خصوصا بعد انهيار البورصات العالمية والتي أثرت بالسلب علي البورصة المصرية التي كان يمكن أن يتجه إليها بعضهم فضلا عن التذبذبات التي أصابت سوق العقارات وقطاع التجارة وهو ما دفع بعض العملاء نحو سحب ودائعهم من البنوك الأجنبية والخاصة التي شهدت بعض حالات السحب في الأسابيع الماضية مقارنة بالبنوك العامة والتي راح عملاؤها يتنقلون بين أوعيتها الادخارية المختلفة باحثين عن الوعاء الأكثر أمانا والأعلي عائدا. وقال وائل سلامة مسئول الإيداعات بأحد البنوك العامة إن العميل يهمه في المقام الأول أن تصبح ودائعه آمنة ويحصل علي سعر فائدة أعلي والبنك الذي يتعامل معه يقدم له الجانبين ولذلك فلا يوجد داعي لسحب أمواله من البنك ولكن في الغالب ما يحدث في هذه الفترة هو كثرة تنقل العملاء بين الأوعية الادخارية المختلفة بحثا عن الوعاء الأكثر أمانا والأعلي فائدة. وأضاف وائل سلامة أن بعض البنوك قد شهدت بالفعل إقبال بعض العملاء علي سحب أموالهم من البنوك التي لها علاقة أكثر بالبنوك العالمية التي أصيبت بالخسائر وإيداعها في البنوك العامة أو الخاصة المصرية.. وبالنسبة لسحب العملاء ودائعهم من البنوك واتجاههم للاستثمار في مجال آخر أكثر أمانا قال إنه طبقا لمعلوماته الشخصية فإن هذا لم يحدث نظرا لأن القطاعات الجاذبة للاستثمار غير مستقرة بعد الأزمة، فقطاع العقارات قد أصابه الركود وقطاع التجارة غير متوازن مما يجعل البنوك هي ملجأهم الأول والأخير. أما عاصم سعد مسئول الشهادات ببنك مصر فيقول إنه بالنسبة لتأثير الأزمة علي العملاء وما أحدثته لديهم من قلق وحيرة فإنه خرج بنتيجة تكاد تكون في صالحهم وهي أن الكثير منهم أخذ يتجه إلي تنويع سلة استثماراته لتقليل مخاطرها أو توزيعها بحيث إذا أصاب أحدها خسارة كقلة ربح الأخري وقد شهد البنك إقبالا علي الشهادات مؤخرا نظرا لارتفاع سعر العائد عليها. أما صباح رمضان مديرة العمليات المصرفية بالمصرف العربي الدولي فتقول إن الوارد للبنك من ودائع وتحويلات أكثر من الصادر أو الخارج منه حيث يستقبل البنك العديد من العملاء الذين قاموا بفتح حساب لديه والذين كانوا عملاء لبنوك أخري بالإضافة إلي قيام العديد من عملاء البنك والذين لديهم حسابات في بنوك خارجية بتحويل أموالهم إلي المصرف. وعلي المستوي الداخلي المصرفي فحركة تنقل العملاء بين الأوعية الادخارية المختلفة به ضعيفة وإن كان يغلب عليها التحويل من عملة لأخري مثل التحويل من الدولار لليورو وهو الأكثر نتيجة المخاطر التي تحيط بالدولار في هذه الأيام. أما دينا أسامة نائبة المدير بخدمة العملاء ببنك أبوظبي الوطني مصر فتقول إن كثيراً من العملاء بالبنك قاموا بتحويل ودائعهم بالجنيه إلي ودائع دولارية للاستفادة بفارق العملة نظرا لأن الكثير يظن بأن الدولار في طريقه للصعود مرة أخري. ومن ناحية أخري تشير دينا أسامة إلي أن البنك لم يحدث به كسر لأي وديعة من ودائع العملاء وإن كان ذلك يحدث علي الأكثر لبنوك أجنبية أخري عاملة في مصر ولكن بنك أبوظبي يشهد طفرة قوية في السوق العربي والمصري. أما جاسر أحمد مسئول عن الإيداعات بأحد البنوك الخاصة فيري أن الودائع الدولارية قد شهدت هجوما لكسرها من قبل العملاء وتحويلها إلي ودائع مصرية واستثمار هذه الأموال في شراء وثائق في صناديق الاستثمار ذات العائد اليومي نظرا لأنها بالعملة المصرية وهو ما يتفق مع أهواء العملاء المتخوفين من الدولار بعد هذه الأزمة التي أطاحت بالكثير من البنوك والعملات في طريقها.