في يوم واحد فقد 4500 شخص من ابناء العاصمة البريطانية لندن وظائفهم بسبب افلاس بنك ليمان برذارز الامريكي ولان لندن كانت هي اكبر مركز مالي في العالم فقد كان طبيعيا ان تضربها الأزمة المالية العالمية بقسوة اكثر من غيرها، وتقول مجلة "تايم" ان لندن استطاعت ان تؤكد وجودها خلال الخمسة عشر عاما الاخيرة باعتبارها العاصمة الاولي للمال في العالم تاركة وراءها فرانكفورت وباريس ولم يكن ينافسها علي هذا المركز المتميز سوي مدينة نيويوركالامريكية، وحيثما يكون المال ستكون هناك بالطبع الاستثمارات والوظائف والرخاء الذي يجذب المزيد من الوافدين ولكن هذا كله بدأ يتبخر سريعا خلال الازمة المالية العالمية الراهنة حتي ان مجلة "نيوزويك" قد وصفت هذه الايام والايام القادمة بالنسبة لمدينة لندن بأنها "ايام سوداء". لقد كانت لندن هي قبلة كبريات البنوك الامريكية وكذلك بنوك اوروبا الرئيسية وتقول الارقام ان 70% من السندات الدولية وثلث تجارة العملة في العالم ونحو نصف الاوراق المالية العالمية كانت تتداول في لندن، وحتي صناديق التحوط وشركات التخارج هرعت الي العمل في تلك المدينة، وكان ابناء الاوليجاركية الروسية الجديدة يرسلون اطفالهم الي مدارس النخبة في لندن ويسجلون شركاتهم في بورصتها، وتذكر ارقام مجلة "نيوزويك" ان لندن اصبحت مأوي لنحو 254 بنكي اجنبيا متفوقة في ذلك علي نيويورك وفرانكفورت، وفي العام الماضي كانت 80% من الاصول الاوروبية ونحو 20% من الاصول في العالم تدار من لندن بل ان 43% من المشتقات العالمية البالغ حجمها 500 تريليون دولار كانت تتداول في اسواق المال اللندنية. وفي العام الماضي ايضا شهدت بورصة نيويورك 177 من اصدارات الاسهم الاولية التي تقوم بها الشركات الاجنبية، أما في العام الحالي فإن الازمة المالية العالمية خفضت هذا الرقم حتي الآن الي 30 اصدارا اجنبيا فقط ويقول اندرو هيلتون الخبير في مركز الابتكار المالي CFI ??. HBOS ونورثرن روك وبرادفورد آند بنجلي ولم تفلح محاولات الحقن النقدي الحكومي حتي الآن في وقف تداعيات الازمة المالية وترسم اوكسفورد ايكونوميكس المتخصصة في التنبؤات الاقليمية والاستشارات الحكومية صورة اكثر سوادا للازمة فهي تتوقع استمرارها حتي عام 2010 وان يفقد 110 آلاف شخص من سكان لندن وظائفهم خلال تلك السنوات المريرة، اكثر من ذلك فإن من سيبقي في العمل سيعاني كما تقول مجلة "تايم" من خفض الاجور والحوافز وسيكون للازمة المالية تداعياتها المؤكدة علي قطاع الاسكان ولذلك فإن اوكسفورد ايكونوميكس تري ان تفاقم ازمة الائتمان عما هي عليه الآن سيكلف مدينة لندن اختفاء 150 ألف وظيفة في العام القادم 2009 وحده ورغم ان هذه ليست اول ازمة تمر بها لندن وانها لن تكون الاخيرة فإن الناس تتخبط، فالبعض يري انها ازمة قابلة للشفاء السريع في حين يري البعض الآخر انها ستطول وستمتد الي قطاعات اخري كثيرة في المدينة المنكوبة ولكن الامر المؤكد بطبيعة الحال هو اننا لا نزال في بداية الهبوط وانه لا احد يستطيع ان يخمن كيف ستمضي بنا الامور ولا متي ستنتهي الازمة المالية ولا متي تسترد لندن دورها كعاصمة للمال في العالم؟!