لماذا تخسر دائما معظم قضايا الاغراق هذا السؤال حاول أن يجيب عليه رجال الاقتصاد والاعمال وقالوا ان الخسائر التي تتعرض لها مصر في قضايا الاغراق سببها الرئيسي عدم وجود خبرات فنية متخصصة تحكم في القضايا المعروضة بالمحاكم الدولية ويرجع ذلك - أيضا كما يقول الخبراء - إلي اضافة تكاليف غير حقيقية للسلع المنتجة محليا مقابل السلعة التي سببت الاغراق، وطالبوا بوجود أجهزة ولجان مراقبة تقوم بالبحث والدراسة للانتاج المحلي وحساب تكاليفه الحقيقية والبعد عن العشوائية والتقديرات الجزافية، وحذروا من خطر الممارسات الضارة علي المستهلك والمنتج من خلال فئات محتكرة للسلعة إلي جانب التحذير من تجارة الترانزيت والتي أدت إلي غلق آلاف المصانع بسبب دخول سلع بطرق غير شرعية للأسواق عبر المنافسة بحجة انها بضائع لدول أخري علي البحر المتوسط، وتساءلوا هل من المعقول ان تربح شركات الاسمنت في اليوم 200 مليون جنيه أمام سمع وبصر الأجهزة المسئولة في الدولة دون أن تفعل شيئا. حساب التكاليف الإغراق معناه ان تباع السلعة المستوردة بالسوق المحلي أرخص من السلع المنتجة محليا بالرغم من أن هذه السلعة تحصل علي دعم ورعاية من الدولة.. هذا التعريف بدأ به الدكتور محمد يوسف رئيس جامعة بني سويف واستاذ الاقتصاد ويوضح ان معظم الشركات المنتجة في مصر تواجه هذه المشكلة نتيجة لعدم وجود نظام دقيق للتكاليف للعملية الانتاجية وان ما يطبق هو نظام مالي فقط وليس نظام تكاليف. ويشير د.يوسف إلي أن تحميل المنتج بتكاليف غير حقيقية من مصروفات واعباء تمويلية ومكافآت للقيادات العليا وغيرها يؤدي إلي رفع سعر المنتج النهائي في حين لو تم حساب تكلفة العمالة بشكل حقيقي مع تكلفة المواد الخام والشحن والنقل سيؤدي إلي وجود سعر معقول للمنتج وحقيقي. ويضيف رئيس جامعة بني سويف فيما يتعلق بقضايا الاغراق للحديد فإن سببها يرجع إلي أن المنتج النهائي يتحمل توزيع الارباح والمكافآت علي الرغم من ان انتاجه يعتمد علي خام مستورد بسعر مناسب ويستخدم وقودا وكهرباء وغازا مدعما ومع ذلك تظهر حالات الاغراق في هذا القطاع. الممارسات الضارة ويري د.محمد يوسف أن مشكلة الممارسات الاحتكارية لا تعتبر مشكلة وانما المشكلة في الممارسات الضارة التي تقوم بها الشركات بقيامها بحجب السلعة في الوقت الذي يوجد طلب عليها وفي نفس الوقت تحكمه في هذه السلعة والسيطرة عليها مما يجعلهم يحققون أرباحاً خيالية وليست من حقهم ويترتب علي ذلك ضرر علي مستوي الاقتصاد والمستهلك والسوق. ويطالب د.يوسف بتفعيل دور الأجهزة الرقابية وعمليات الاشراف من قبل المجتمع المدني بحيث يكون له دور وقدرة علي اثبات هذه الممارسات الضارة، وكشف الاغراق مع ضرورة وجهود أجهزة فنية وقانونية متخصصة تعمل علي كشف ما يقوم به المحتكر من تزوير المستندات سواء من الداخل او الخارج حتي يهرب من الاتهام بالاحتكار واثبات الضرر، مطالبا بالتدخل بالوسائل التكنولوجية الحديثة في عمليات التحري حول صحة المستندات التي يقدمها المحتكر عن طريق أجهزة الاتصال بالموردين بالخارج والحصول علي معلومات حول السلعة وسعرها وتكلفتها وحالة ما اذا كانت مدعمة أم لا. اما الدكتور شريف دلاور استاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني فيري ان معظم الناس تظن ان الاغراق هو ان السلع تباع بأقل من السلعة المعروضة في السوق، وهناك من يعتقد أن الاغراق هو ان هناك كميات ضخمة من السلع المستوردة تغطي السوق وتباع بأفضل من السعر المعروض إلا أن الواقع غير ذلك وهو ان الاغراق هو شدة الضرر الذي يقع علي المنتج المحلي المنافس والذي يؤدي هذا الاغراق إلي خروجه نهائيا من السوق، وهذا ما ترفضه قوانين التجارة العالمية ودول الاتحاد الاوروبي. التكلفة الحقيقية ويرجع دلاور سبب خسارة مصر لكثير من قضايا الإغراق إلي عدة أسباب اهمها ان السلعة المحلية حينما يطلب منها تقديم المستندات الدالة علي التكلفة فإن صاحب هذه السلعة يضع تكلفة غير حقيقية للسلعة من عمالة ونقل وجمارك وغير ذلك الي جانب ان ما يتم تقديمه من مستندات حول الخامات والطاقة المستخدمة ليس صحيحا، وهذا يرجع إلي عدم وجود أجهزة فنية متخصصة في قضايا الاغراق تقوم بالبحث والتأكد من المستندات المقدمة حول تكلفة المنتج الحقيقية. الخبرات ويضيف استاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية إلي جانب مسألة الخبرة هناك حسابات اخري وهي اننا لا نريد ان نحكم علي دولة اجنبية بأنها تسببت في الاغراق لسلعة معينة خوفا من مسألة المعاملة بالمثل اذا ما اخطأت احدي شركاتنا وقامت بتصدير سلعة لهذه الدولة بنفس الاسلوب. المعاملة بالمثل ويوضح شريف دلاور ان بعض الدول ومنها مصر تراعي جيدا مسائل قضايا الاغراق وتتحري شدة الدقة والفحص فيها قبل الحكم حتي لا تخترق الاتفاقيات الثنائية من ناحية ومن ناحية اخري حتي لا تفاجأ بمسألة المعاملة با