جون ماكين، الإنسان، شخص مفلوت العيار. لسانه ليس حصانه، إنما كرباج سوداني.! ليس له كبير، إلا إذا نظر لنفسه فقط في المرآة.! يتخبط بلا معني إن لم يلعب دور العاصي المتمرد، وحتي علي حزبه السياسي.! الآن فقط يكابر ماكين وهو يقول: "إني أحاول أن أوحد الحزب الجمهوري".. لم يعد يقوي علي مواصلة التغريد وحده خارج السرب.! في رحلة بطائرته الانتخابية - ليست مستعارة من أحد! - جلست في الصالون أمامه بروك بوكانن تتنقل بعيونها الخضر بين الصحبة..فجأة داهمته أزمة النميمة.. قال بوكانن متطوعا بالسب العلني للمتحدثة باسمه: "بروك ثرية. لها رصيد ضخم تخبئه في جزر كايمان، كسبته من الاتجار في المخدرات. هي ابنة غير شرعية.. سكيرة.. متعددة الرفقة وأصدقاء الفراش"! عند الديموقراطيين، جون ماكين يمثل أقل الجمهوريين سوءا بين مرشحي الرئاسة.. يقف بصرامة ضد هجرة الأجانب إلي الولاياتالمتحدة.. ويبدو عند البعض أنه الأكثر ميلا لبناء تحالفات قوية بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي.. أما عند الجمهوريين أنفسهم فهو أقل الخيارات رفضا وامتعاضا.. وهو يحاول دائما أن يتجنب المشاكسة والرغبة في المخاصمة والقتال Pugnacity.! مارس الماضي، وفي "جاكت" المدفعية المضادة للطائرات، طار جون ماكين إلي بغداد.. زار تشكيلات القوات الأمريكية تحميه طائرات الهليكوبتر وحراسة كثيفة علي الأرض من القوات والمدرعات. وعاد بتقديرات متفائلة بنجاح القوات. وزادته الزيارة عنادا في التمسك بكسب تلك الحرب. وهو موقف فيه كثير من الحمق، مع شيء من نعرة البسالة علي الطريقة الأمريكية.! من مصلحة ماكين أن ينحرف قليلا عن موقف بوش في العراق.. وعلي بوش أن يشكره علي مساندته السابقة في مجلس الشيوخ.. مساندة له وللحرب في العراق.. إنما الآن، آن الأوان أن يمشي كل في طريق. أما بالنسبة لإيران وسوريا، فالموقف يختلف.. ماكين يعلنها صلدة كالجرانيت أنه: "لن يدخل في حوارات غير مشروطة مع كل من البلدين الدكتاتوريين".. ويضيف: "الولاياتالمتحدة سوف تدعم قوتها العسكرية في المنطقة، لكي تملأ اقتناع إيران بتصميمها الذي لارجعة فيه".. وكأنها بالنص كلمات لجورج بوش!! جورج بوش في فترتي رئاسته ارتكب جريمة..! قليلون يتذكرون بروتوكول السياسة الخارجية الأمريكية التي تحرم وتجرم الحوار مع الأعداء.. الرؤساء الأمريكيون، قبل جورج بوش، لم يحكموا في ظل هذا البروتوكول الجنائي.. ولذلك تحاور نيكسون مع الصين.. وريجان مع السوفييت.. وكانت السياسة الخارجية الأمريكية تقوم بمهمتها كاملة.. وجاءت النتيجة: تضاءلت الصراعات حتي تلاشت! بينما ظل البروتوكول إياه ساريا الآن.! ومازال بوش، ومن بعد ماكين، يضعان إيران وسوريا تحت السلاح الأمريكي، مثلما يضمنان مواصلة الحرب في العراق وأفغانستان.. ويضعان أغلبية معارضي أمريكا في الشرق الأوسط في فم التهلكة.! في الحرب ضد دفء الأرض.! يعترف جون ماكين بأن دفء الأرض مشكلة ملحة وهاجمة وأن علي العالم أن يأخذ بناصية المبادرة للبدء في حلها.. المشكلة سوف تزداد ضراوة.. وعلاجها سوف يطول.. وكلما تأخر العلاج أو تباطأ، استحال انجازه بأي كلفة كانت والعلاج عند ماكين ليس باستخدام الإيثانول كوقود حيوي، وإنما بتوظيف الطاقة النووية. ويعترف ماكين بأنه لا يمتلك - آنيا - أجندة مدققة لمعالجة مناخ الأرض، باستثناء بعض المبادرات التجارية البعيدة عن نهر الدراسة العلمية. مسألة بعقدة.. لكن ماكين يمكنه أن يعبر المنحني بمزيد من التفقه وتثقيف الذات.. أما بهذه الضحالة في المعرفة بالقضية والتضلع فيها، فإنه سوف يصبح من الصعب عليه التعامل مع زملاء في مجلس الشيوخ سبقوه في دراسة الموضوع والتفقه فيه.. السناتور الجمهوري جون وورنر استفاد كثيرا بالقانون الذي تقدم به وأصدره المجلس تحت عنوان "الأعمال البيئية والعامة لتأمين المناخ الأمريكي".. وتلزم أحكام القانون زراع الصوبات بتخفيض انبعاث العوادم الهوائية بنسبة تتراوح بين 60 و80% بحلول العام 2050.. ماذا يستطيع جون ماكين أن يفعله ليزايد علي قانون سناتور جون وورنر؟! فاتته الفرصة.. وربما فاتته فرص أخري أكبر.!