وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان بقرية بخانس    بايدن يوجه بإعادة تقييم شامل لانتشار القوات الأمريكية في الشرق الأوسط    السفارة المصرية في بيروت تطالب المصريين بلبنان الراغبين بالعودة بتسجيل بياناتهم    "600 مشجع زملكاوي داخل غرفة جعلونا نبكي".. شيكابالا يوجه رسالة مؤثرة بعد الفوز بالسوبر    "أنا ويل سميث".. شيكابالا يكشف تفاصيل حديثه مع تركي آل الشيخ    سموحه يهنئ الزمالك بالفوز بالسوبر الإفريقى    "منشأ العضلة".. الزمالك يكشف تفاصيل إصابة صبحي في الأمامية    جوميز: الزمالك يستحق التتويج بالسوبر.. والفوز على الأهلي له بريق خاص    خبير تحكيمي: ضربة جزاء الأهلي صحيحة والشحات يستحق الطرد    عضو الزمالك عن التتويج بالسوبر الإفريقي: رد على المشككين    زيزو: قرار البقاء في الزمالك الأعظم في حياتي.. وكنت سأسدد الركلة الخامسة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    نبيل الحلفاوي يوجة رسالة للزمالك بعد فوزه بلقب السوبر الإفريقي    نشرة التوك شو| تحسن في الأحوال الجوية والشعور ببرودة الطقس أوائل أكتوبر    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    عيار 21 الآن يسجل تراجعا جديدا.. أسعار الذهب اليوم السبت «بيع وشراء» في مصر بالمصنعية    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «هتشوفوا الصيف والشتا».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم السبت (تفاصيل)    جيش الاحتلال: سنوجه ضربات جديدة لمبانٍ استراتيجية تابعة لحزب الله    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    أول تعليق من أحمد العوضي بشأن تعرضه لوعكة صحية    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    عباس شراقي يُحذر: سد النهضة قد ينفجر في أي لحظة    «زي النهارده».. وفاة رئيس الفلبين فرديناند ماركوس 28 سبتمبر 1989    برج الدلو.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: علاقة سابقة تسبب لك مشكلات    مجلس بلدية صيدا بلبنان: آلاف النازحين يفترشون الطرقات ولا يجدون مأوى    جامعة الأزهر تحتفي بالقيادات النسائية وتبرز دور المرأة في المجتمع    مقاول يتهم رئيس مجلس مدينة أوسيم بخطفه واحتجازه والاعتداء عليه والأمن يحقق    بلينكن: أمريكا ستتخذ كل الإجراءات للدفاع عن مصالحها في الشرق الأوسط    إضاءة أهرامات الجيزة وتمثال أبوالهول احتفالا باليوم العالمي للسياحة    إضاءة أهرامات الجيزة وتمثال أبوالهول لمدة ساعتين احتفالا باليوم العالمي للسياحة    "مش هفتي في قانون الكرة".. مراد مكرم يعلق على مباراة الأهلي أمام الزمالك في السوبر الأفريقي    وزير الخارجية: من غير المقبول إفلات دولة ترى نفسها فوق القانون من العقاب    جامعة كفر الشيخ تستعد لاستقبال طلابها في العام الجامعي الجديد    حماس تندد بخطاب نتنياهو في الأمم المتحدة    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    إصابة طفلة بحروق نتيجة صعق كهربي بالواحات البحرية    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية على مدار يومين بقرية دكما    «مياه مطروح» تنظم الندوة التوعوية الثانية بالمسجد الكبير    الوزارة فى الميدان    افتتاح المسجد الكبير بقرية «التفتيش» في سيدي سالم    العمل والإتحاد الأوروبي يبحثان إعداد دليل تصنيف مهني يتماشى مع متغيرات الأسواق    "الصحة" تطلق تطبيقًا لعرض أماكن بيع الأدوية وبدائلها    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    سياسية المصرى الديمقراطى: نحن أمام حرب إبادة فى غزة والضفة    اتهام بسرقة ماشية.. حبس المتهم بقتل شاب خلال مشاجرة في الوراق    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    استشاري تغذية: الدهون الصحية تساعد الجسم على الاحتفاظ بدرجة حرارته في الشتاء    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    محافظ الفيوم يعلن نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طامية المركزي    بلغة الإشارة.. انطلاق النسخة الثانية من ماراثون يوم الصم العالمي بالإسكندرية (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترابي : ظلمنا جنوب السودان والحركة الإسلامية فشلت في الحكم الحلقة «1»

بينما بدأ العد التنازلي لاستفتاء تقرير مصير جنوب السودان بانتهاء فترة تسجيل اسماء الجنوبيين في الاستفتاء المقرر في 9 يناير .. رصدت "روزاليوسف" في جولة بالخرطوم " العاصمة السودانية " وفي مدينة جوبا " عاصمة الجنوب " اجواء من التوتر والحذر بين الجانبين خوفا من ردود افعال غير محسوبة في حالة اذا ما انتهي الاستفتاء للانفصال .
وبات مصير السودان ومستقبله بعد حدث 9 يناير الفاصل في تاريخة قضية تفرض نفسها علي كل سوداني بما في ذلك ان هناك تحركات جديدة من اطراف مختلفة مثل الحركات المتمردة في دارفور في طريقها للسير علي نهج الحركة الشعبية في طلب تقرير المصير ايضا .. وتنقل " روزاليوسف " في سلسلة حلقات من العاصمتين الجنوبية والشمالية الواقع علي الارض وتداعياته بما فيها المصالح المصرية .
في لقاء إمتد لنحو ثلاث ساعات في منزله اعترف الزعيم السياسي والاسلامي السوداني حسن الترابي أن حكومات الخرطوم السابقة ظلمت جنوب السودان وتحديدا منذ الاستقلال في عام 1956 .. واشار الي ان الحكومة الحالية تمادت في الخطأ وزادت بسياساتها ما اسماه ب" الطين بلة " حتي سينتهي الامر الي انفصال الجنوب عن الشمال في استفتاء تقرير المصير المقرر في 9 يناير المقبل .
وقال الترابي ان طبيعة تكوين الشعب السوداني غير قائمة علي امة واحدة وانهم متفرقون ما بين ثقافات وقبائل مختلفة ، لافتا في نفس الوقت إلي ان ما يحدث في الجنوب استثار شهية الحركات المتمردة في دارفور التي بدات تتحرك لطلب تقرير المصير هي الاخري ،معتبرا ان هذا الخيار هو الاقرب .
وفي شهادة من شخصية مؤثرة في تاريخ الحركة الاسلامية عالميا اكد الترابي ان الحركة الاسلامية فشلت في تجربتها في الحكم وانها اخفقت في تطبيق الشريعة الاسلامية بدليل ان حكومة البشير رفعت شعار الشريعة في حين انها تقبل اموال الربا بحجة تنمية موارد الدولة ، لافتا في نفس الوقت الي انه لاعلاقة باخوان مصر ودائما ما يحسب عليهم وهو بعيد عنهم علي حد قوله .
بداية كيف تحلل الوضع السياسي الراهن في السودان قبل شهر من استفتاء تقرير مصير جنوب السودان ؟
- السودان في الاساس ليس مجتمعا واحدا أو أمة واحدة.. وعند دخول محمد علي باشا السودان حاول أن يتجه إلي الغرب والجنوب لتأمين مسار النيل إلي مصر باعتبار أنها لاتملك موارد مياه أخري غير ذلك النهر.. ومن بعده الاحتلال البريطاني ولم يتبين لنا هذا الابتلاء حتي نبدأ معالجته بأن نوزع السلطات ونربط القطاعات والمناطق بالمواصلات كما ترتبط أجزاء الإنسان ببعضها الرأس والاطراف والجسم.. وعليه أصبحت الفوارق فاحشة ثقافية حيث لم نرتبط ببعض واقتصادية من منطقة لأخري، وهكذا اصبحت بنيتنا محلية ووفقا لنزاعات قبلية محلية.
ومع الوعي والاتصال العالمي اشتدت المسألة واتضحت أبعادها أكثر.. وهذا هو السبب الرئيسي في الأزمة حيث كلما تظهر مشكلة ونبحث لها عن حل تظهر مشكلة أخري وما يحث الآن هو نتاج لأزمات السودان ككل والتي تظهر جليا في استفتاء تقرير مصير الجنوب.
عدم الترابط والتداخل بين الشعب السوداني أزمة ترجع لطبيعة التكوين الخاصة بالشخصية السودانية أم لأسباب خارجية؟
- الأزمات التاريخية لا نسأل عنها، ولكن تسأل عن ماذا تفعل مع الواقع.. ولكن نحن ليس لدينا تاريخ قديم عن قوم اختلطوا واندمجوا.. ولكن نحن اخطانأ في أننا لم نتبين هذا الأمر ونتعامل معه أو أن نخطط لأن نصل بعضنا بعضا ونتفاعل معه ونتزاوج ووسائل التحرك بالثروة الخاصة والثروة العامة بمميزات من العدالة بحيث يتقارب مستوي الناس وحتي لا يتباعد بطريقة فاحشة.
وطبيعي أنه إذا حدث خلل وضعفت وحدتك تأتي العواصف من الخارج بشكل متدافع، في ظل رغبة الأوروبيين والغربيين بألا يمتد العرب بلغاتهم عبر النيل وحجب شمال أفريقيا.. والسودان له تسعة جيران وبالتالي فإن التدخلات الخارجية من كل مكان فقد يدخل أخ أو عدو، كما ان هذه الاطراف الخارجية التي تتدخل في شئون السودان كلما ضعفنا اشتدت، وهذه أزمة الجنوب.
وهل هذا يبرر خيار الانفصال للجنوب؟
- هذا نهايته استقلال الجنوب .
وهل يمكن أن يتكرر الأمر في منطقة أخري ما دام السودان يعاني من ضعف الترابط السكاني؟
- يمكن أن يتكرر أمر تقرير المصير في منطقة مثل دارفور وهو مسار يمكن أن يتصاعد في الفترة المقبلة.. لأنها كانت دولة مستقلة ودخلت السودان كرها ومندمجة بالهجرة كمسلمين إلي شرق السودان وقت الثروة المهدية.. والفوارق الثقافية ليست فوارق دين والفوارق الاقتصادية أيضا، فالجنوب كان عاديا وقت خروج الإنجليز ولكن نحن أهملناه سنين طويلة، بينما دارفور كانت عاملة حيث كانت دولة ولديها عمال وكذلك الشرق.
وكيف تري نتائج عملية الاستفتاء وتحديدا في حالة ما وقع الانفصال. هل احتمالات عودة الحرب بين الشمال والجنوب واردة؟
- الاستفتاء اتفقت عليه جميع القوي السياسية في السودان سواء في المعارضة أو الحاكمة.. فالسلطة كانت لديها نزعة دينية وقالت إن الزواج طوعي والتجارة طوعية والمواطنة وحرية الهجرة أيضا.. من هذا المنطلق ومن مبدأ عالمي الآن أصبح في الأمم المتحدة حق تقرير المصير لكل بلد تحت بند حقوق الإنسان.. فأي قطعة كبيرة يريد فيها شخص أو منطقة معينة تقرير مصيرها تمنحها ذلك الحق، والقوة الخارجية وافقت علي تقرير مصير الجنوب لأنها كانت متحالفة مع الراحل جون جرنج في اريتريا..فاتفقنا جميعا.
ونظرا إلي أن حكامنا لا يخططون.. مشكلة اليوم تحل باليوم.. وبعد أن وضع ميعاد الاستفتاء كان يمكن ان نجتهد لتشجيع الناس علي الوحدة.. فلم نر وزيرا واحدا من الحكومة الاتحادية ذهب إلي الجنوب فقط كان يزوره رئيس الجمهورية ليوم واحد دون أن يبيت هناك رغم أنه كان يبيت مثلا في زياراته للدول الخارجية مثل مصر وليبيا.
نتيجة لذلك شعر الجنوب بأن الشمال لا يريد أن يتصل معهم، وقالوا مثلا لماذا لا يأتي وزير الزراعة أو وزير التعليم من الشمال لمناقشة الأوضاع والمشاكل في الجنوب.
ولكن حكومة الخرطوم تقول إنها كثيرا ما قدمت دعما للجنوب من أجل التنمية وصرفته حكومة الجنوب علي تسليح الجيش وتجهيزه. بماذا تفسر ذلك؟
- هم لم يقدموا شيئاً للجنوب.. قدمت فقط ما فرضته اتفاقية السلام من قسمة البترول، لكن كحكومة قومية يجب أن تكون لها مشاريع في الصحة والتعليم والزراعة بجميع أنحاء السودان من موظفي الدولة الاتحادية ومن ميزانيتها وليس من ميزانية هذه الولاية أو هذه المنطقة.. كما أن الجنوبيين غير مطمئنين للشماليين لأنهم لايعلمون كم من البترول يصدر للخارج حتي يحددوا نصيبهم منه.
إلي أي مدي تتحمل حكومة الخرطوم مسئولية الانفصال؟
- الانفصال بدأ منذ الاستقلال في 1956 باعلان التمرد ونحن اخطأنا، والأكثر من ذلك تمادي هذا الخطأ وبدأ يتفاقم الأمر.. فالجنوب الآن انغرست في نفسه أن هذا "يقصد الشماليين" يحتقرنا ويظننا عبيدا ويظلمنا.. وإذا وظف البعض منهم يهمشهم أيضا وكأنهم ديكورا فقط.. وأي بلد سيظلم بهذه الطريقة سيفعل ذلك ويطلب حق تقرير المصير.
ولكن الحكومة الحالية جاءت في آخر الطريق وكان يمكن لها أن تجتهد وألا تزيد "الطين بلة" ويتفاقم الأمر إلي أن نصل إلي تقرير المصير.. حيث استمرت في حرب طويلة مع الجنوبيين، كما أن الجنوب يقول إن الحكومة دعمت قبائل واطرافا لديهم بأسلحة بهدف بث الفتنة بينهم.
حكومة الجنوب تبرر طلبها بتقرير المصير والانفصال بأن حكومة الخرطوم دائما ما تريد أن تفرض عليهم الشريعة الإسلامية وهم ينتمون إلي ديانات متعددة.. بجانب مسألة التهميش. كيف تري ذلك؟
- الشريعة الإسلامية بدأت مع حكم جعفر النميري، ولم تطبق بالجنوب فالخمرة مثلا لم تمنع من هناك وكذلك قضية الزواج.. أما الجنوبيون في الشمال فلم يلتزموا بها.. ولكن إخواننا الجنوبيين روجوا لقضيتهم بأنها مشكلة دينية وعقائدية وعليه ذهبوا لأفريقيا وقالوا نحن افارقة وأولئك عرب.. وعليه ظن الافارقة أننا كشماليين فاتحي اللون مثل السعوديين نؤذي من هم أسود في البشرة دون ان يعلموا أن هناك جنوبيين في الشمال.
وإذا ذهبوا إلي أوروبا فهناك القضية العرقية لا تلقي اهتماما كثيرا بقدر المسألة العقائدية حيث كانوا يقولون أنهم مسيحيون وهؤلاء مسلمون يريدون أن يفرضوا علينا ديانتهم.. رغم أن الخرطوم بها كنائس وبجوار القصر الجمهوري وتعمل بحرية.. لكن هذا ترويج والغربيون لعبوا علي هذه القضية في شكل حقوق إنسان وحرية العقيدة ولكن هم يستهدفون أغراضًا أخري فهم لا يريدون أن تمتد الثقافة العربية إلي قلب أفريقيا.. في حين كان اخواننا العرب مبليين من كل جانب فهناك القضية فلسطين من جانب والعراق.. حتي أن المسلمين الآن يدعون للانفصال ويؤيدونه.
وبماذا تفسر ذلك الموقف من مسلمي الجنوب رغم أن حكومة الخرطوم تطبق الشريعة؟
- الآن حكومة الخرطوم لاتطبق الشريعة، حتي المشروع الحضاري الذي كانت تتحدث عنه سقط.. فهي تطبق فقط ما كان يطبقه النميري من منع الخمرة ووضع حدود نظراً وحرم الربا نظرا لاعملا.. فالحكومة عندنا تأكل الربا والشيوخ يبررون ذلك للحكومة بضرورات التنمية في الدولة وبالتالي فإن الشريعة غير مطبقة.
هناك عدة قضايا عالقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قبل الاستفتاء تنذر بعودة النزاع المسلح بينهما علي خلفية الاستفتاء. كيف تري ذلك؟
- من الصعب علي هذه الحكومة أن تبادر بحرب لأن هناك 10 الآف جندي دولي يحرسون الجنوب بما يعني أننا سنحارب العالم كله ووقتها لن نعرف مصيرنا في ظل العقوبات المفروضة علي الحكومة ولم تنفذ حتي الآن، فضلا عن أن رئيس الجمهورية ملاحق من المحكمة الجنائية الدولية.. والجنوبيون نفسهم بلد جديد ولا يوجد به تطور أو بنية أساسية ولا يمكن أن ينفقوا أموالهم كلها علي جيش ويريدون إحداث تنمية لتوفير فرص عمل.. ولكن يمكن الشيطان أن يغري كل طرف بان يكيد للآخر إذا كانت الحدود بينهما بها توترات.
تحركت الحركات المتمردة في دارفور إلي الجنوب بقواتها. كيف تري ذلك المشهد؟
- دارفور كانت تشتكي منذ الاحتلال البريطاني، فهي كانت دولة مهمة قديما وبعد أن ضمها البريطانيون إلي السودان اهملوها دون أن تشهد تنمية أو تعليم وتركوها هكذا مظلومة منقوصة.. وعندما شعرت أن الترجيات والتوسلات لا تثمر كثيرا.. وشعرت دارفور أن الحكومة اضطرت لأن تفاوض الجنوب وتتجاوب معه لأنه حمل السلاح وساندته أطراف دولية حتي لم تستطع الحكومة أن تهزمه فقالوا نفعل نفس الشيء فحاربوا الحكومة، وبمجرد إعلان الحرب اضطرت الحكومة أن تفاوضهم واتفقت مع ميني اركو ميناوي قائد جيش التحرير لكنها اهملته وعليه انقلب عليها مرة أخري.. وبعد ان قالت نساعد اللاجئين طردت كل المنظمات الكبيرة التي كانت تقوم بجهد اغاثي، وبعد أن ذهبت للدوحة للتفاوض اهملتهم.. ومن ثم بدات تراود هذه الحركات قليلا فكرة تقرير المصير أيضا خاصة أنهم كانوا دولة بذاتها.
ذكرت ان الحكومة الحالية ظلمت الجنوب وتمادت في اهماله إلي أن وصل الأمر لحق تقرير المصير. وفي بداية حكم الانقاذ كنت مسئولا بالدرجة الأولي عن سياسات تلك الحكومة.
إذن تتحمل جزءاً من مسئولية الانفصال؟
- ولكن من اتي بالحكم الفيدرالي فمنذ 1964 ونطالب بالحكم الاقليمي لأن السودانيين لا يعرفون الحكم الفيدرالي ومن أول يوم لنا قسمنا السودان إلي 26 ولاية، لكن العسكريين المسيطرين علي الحكم يرون أن البلد تابع لهم مثل الجيش، فالجميع يجب ان يتبع المشير، وقلنا أنه لابد من حرية للناس لأن السودانيين لا يمكن أن يتحدوا بالقوة فهم أوسع من أن تسعهم قوة مهما كانت فكان ردهم - يقصد العسكريين الذين شاركوه في انقلاب 1989 علي حكومة الصادق المهدي - أنهم يريدون الضبط والربط .. وقلنا انه لابد من نواب وشوري باعتبار أن ذلك من أدبيات الشريعة الإسلامية.
ولماذا لم تطبق تلك الأفكار وانت المحرك الأساسي للسياسات وتوجهات حكومة الانقاذ الاولي تحديدا؟
- لذلك اختلفنا وانقسمنا.. ولم يكن الخلاف علي مناصب أو غيره لأن هذه الثورة قامت بها الحركة الإسلامية ولو كنت مسئولا عنها لكنت رئيسا للجمهورية، ولكن ما حدث أن من قام بهذه الثورة لم يكونوا يعرفون بعضهم وتحركت قوات من الصفوف المتوسطة لا يعرفها أحد وخرجوا دون أن يعلم أحد انهم اسلاميون ولاقوا تعاطفاًَ كبيراً وبعدها اتضح الأمر أنهم لم يكونوا ضمن الحركة الإسلامية.
ولكن الخلاف الاساسي معهم اننا لا نريد أن نرجع بالإسلام إلي الخلافات الاموية التافهة أو العباسية بعيدا عن المبادئ الأساسية للشريعة.. فاليهود في المدينة كانت لهم الحرية في العيش والتعليم وحكمهم اللامركزي.. وعليه كنا نطالب بالشوري الحاكمة والملزمة وهي مبدأ ديني مطبق في معظم الدول في شكل حقوق الإنسان والحرية للشعب والمواطنين ولذلك اختلفنا مع الحكومة وفارقناهم.
أين دور أحزاب المعارضة في السودان ولماذا لايظهر لها تأثير علي الساحة؟
- الأحزاب متواجدة ولكن الحكومة لا تلتفت لمن يعمل بشكل سلمي.. وحزب المؤتمر الشعبي الوحيد الذي له فرع في الجنوب.
إذا كان لكم فرع في الجنوب فأين دوركم وتحركاتكم الخاصة بالوحدة؟
- بدون مبالغة لو كنا نحكم السودان ماكان سينفصل الجنوب لأننا نعلم كيف نتعامل معهم لأن الانفصال له اضرار ومنافع ويستقبلوننا في الجنوب افضل من أي قوة سياسية أخري . تجارب الحركة الإسلامية في الحكم لم تحقق نجاحا، بل كانت لها تداعيات أضرت باستقرار دولها مثلما حدث في السودان ومع حركة حماس في فلسطين. كيف تري ذلك؟
- نعم لم تحقق نجاحا.. لكن حماس مسكينة فلا توجد دول مؤثرة عليها فقط ولكنها لا تمتلك مقومات البنية الأساسية من الخدمات مثل المياه والتليفون والكهرباء.. وفي السودان اخطأنا حيث قلنا لو قمنا بثورة شعبية فالعالم كله سيقف ضد الإسلام بجانب 9 أبواب - هي الدول المجاورة للسودان - ستفتح عليهم النيران والغرب ما يقبل أصلا الحركة الإسلامية فالديمقراطية عندهم إذا نتجت عنها ارادة دينية أو وطنية يقفون ضدها لإسقاطها وعليه قلنا نتقيهم بأن نخطط للثورة سريا وعسكريا بعيدا عن الدم وكأنه انقلاب عسكري وعليه لاقي تأييدا عربيا وغربيا وبعد عام ونصف العام وعندما طلبنا تطبيق الشريعة بدأ الخلاف فوجدنا مثلا ان المال العام نجد أن النبي حث علي إنه لا يجب ان يمس المال العام ولابد أن يحاكم كل من يسرق منه والحريات والشوري لابد ان تطبق
وفي الغرب لا يفرقون بين الأشخاص هم يرون الأصولية واحدة وعليه كانوا يقولون الترابي والخوميني ولايعرفون عمر البشير.
ولماذا يربط اسمك دائما مع شخصيات أصولية وجهادية مثل أسامة بن لادن والخوميني؟
- هذه اخطاء الغرب.. فقديما كنا نربط بين الشيوعيين لينين وماركس واستالين ولانعرف الفوارق بينهم، كما ان الناس دائما يحبون ان ينسبوا إلي رمز.. وعليه كانو يقولون إن الترابي باب الشر وباب الإرهاب الاسود ومموله رغم أن أسامة بن لادن جاء إلي السودان كمستثمر سعودي وقام ببناء مطار وشارع رئيسي للحكومة ويعمل في الزراعة ورغم ذلك لاعلاقة لي به كما أنه ليس إسلاميا أصوليا ولكن المصريين الذين رافقوه هم من نقلوا له الأفكار الجهادية مثل الظواهري وهو الرجل الثاني في القاعدة.. وفي النهاية بن لادن تاجر ومستثمر وأرسله السعوديون والأمريكان لكي يقاتل مع الافغان.. وعندما جاء إلي السودان ضغط الغربيون علي الحكومة كثيرا لكي تطرده ويذهب إلي أفغانستان.
نعم خرج من السودان ولكن ترك بذرة الجهاد الإسلامي والإرهاب في السودان؟
- كل الجهاديين خرجوا من السودان.. وضغطت عليهم الحكومة لكي تطردهم.
إلي أي مدي يمكن أن يختلط الدين بالسياسة؟
- الدين والسياسة لا يختلطان.. فنحن لدينا رب واحد، وإذا كان ذلك الرب لا يهديني في السياسة ولايهديني في آلية ادارة المعيشة او لا يهديني كيف أدير نفسي فهو ليس جديرا بأن يعبد.
وكيف إذن نقيم حزبا علي أساس ديني؟
- طبعا.. فقال الله "من لم يحكم بما انزل الله فهو كافر" وهناك عشرات الآيات بالقرآن تتحدث عن ذلك.
وأين هنا قاعدة "مناط الاحكام" الفقهية بان تطبق مبادئ الشريعة وفقا لظروف الواقع؟
- نعم كل عصر فيه اجتهاد وفقا لأصول الدين.. ونحن كمسلمين كانت بداية التعامل مع اليهود من مكة بدون أذي أو سوء دون أن تكون هناك حقوق انسان أو أمم متحدة، والمسيحيون أيضا يدخلون في مسجد الرسول.. وبالتالي لا يوجد شيء اسمه خلط الدين بالسياسة فالله الذي أعبده أو لا اعبده.. فلو اقنعتني بان الله لايعرف السياسة أو المعاش أو كيف أدير نفسي أو اقتصادي فلا اعبده.
والأحزاب الإسلامية كلها تعمل بالسياسة ولكن لم يكن هناك مالكية أو شافعية أو غيرهما.. فقد تختلف تلك الأحزاب في الاجتهادات في كيف نبني علاقات مع الخارج وكيف نواجه مشكلة اقتصادية معينة.
ولكن المسلمين أنفسهم يختلفون علي هذه الأحزاب وهذا أمر خطير لأنه سينعكس في النهاية علي صورة الإسلام؟
- ليس لدينا هذا الامر في السودان وهذا من أساسيات الدين فالمدينة كان فيها حزب الشيطان ولم يقل الدين اضربوهم وإنما قال انهم الخاسرون.
بماذا تفسر التوتر الدائم بينك وبين القاهرة منذ أن كنت مسئولا في حكم الانقاذ الأول وحتي الآن؟
- نحن نحسب علي تيار الاخوان في مصر الذي يعارض الحكومة المصرية ونحن نضاف إليه دون أن يكون لنا علاقة به.. ورغم ذلك زرنا القاهرة كجبهة قومية إسلامية بدعوة رسمية ولم نر سوء معاملة وتباحثنا مع اطراف كثيرة في القاهرة من الأزهر والكنيسة القبطية.
لكن هناك انتقادات لك باعتبارك كنت وراء حادث محاولة اغتيال الرئيس مبارك في اديس ابابا؟
- هذا غير صحيح.. والرئيس مبارك يعلم من وراء هذا الحادث وانا لست منهم.
ولكن من وقت لاخر تصدر تصريحات تهاجم بها المسئولين المصريين والتي كانت آخرها انتقادك لوزير الخارجية أحمد أبوالغيط؟
- غير صحيح انني انتقدت وزير الخارجية.. وكل ما قلته أنه لو درس القانون لوجد أن الكونفيدرالية لم يعد معمولا بها في العالم لانها مصطلح قديم ويستخدم مع النقابات المستقلة التي يريد توحيدها.. وقديما جاء نابليون بالكونفيدرالية في شكل ديكتاتورية فاشلة لأنه لو انفصلت الدولتان عن بعضهما يمكن أن تتحاربا أوتتسالما.
كثيرا ما يتم الربط بينك وبين التواجد الشيعي والإيراني في السودان بماذا تفسر ذلك؟
- لأنني الوحيد في العالم الإسلامي الذي يقول انني لست شيعيا أوسنيا.. الرسول "ص" كان شيعيا ام سنياً؟.. فانا اشايع كل رجل يسير علي خط صحيح.. وعلي سنة كل صالح فهذه طوائف مثل الكنائس فسيدنا عيسي هل كان كاثوليكيا أو أرثوذكسيا؟.. كان فقط عبد الله.. ولذا يري الشيعة انه ليست لي عصبية ضدهم وكذلك السنة فأنا لست من هواة المذاهب واقرأ في كتب الجميع.. فأنا اعمل بالآية: "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.