هذا التساؤل ليس مصدر قلق علي الاطلاق للقادة الإسرائيليين بكل ألوان طيفهم.
الآن وقد حسمت نتيجة الانتخابات التمهيدية الاميركية على صعيد «الحزب الجمهوري» وصارت على وشك الحسم على صعيد «الحزب الديمقراطي» تبرز ثلاثة أسماء: «الجمهوري» جون ماكين و«الديمقراطيان» باراك أوباما والسيدة هيلاري كلينتون. بالتالي يمكن القول دون أي تردد ان أحد هؤلاء الثلاثة سيكون الرئيس القادم المنتخب للولايات المتحدة عند إجراء الانتخابات الرئاسية في نوفمبر وذلك بعد أن تحدد النتيجة النهائية لمسلسل الانتخابات التمهيدية الجارية فوز أوباما أو كلينتون ليكون منافس الحزب الديمقراطي ضد جون ماكين.
ما يسعد القادة الإسرائيليين ويجعل قلوبهم مفعمة بالسكينة والاطمئنان أن الشخصيات الثلاث المتطلعة إلى منصب سيد البيت الأبيض ورئاسة القوة العظمي الأولى في العالم يتعاركون بين بعضهم البعض حول من هو أشد حبا وإخلاصا والتزاما نحو الدولة اليهودية إلى درجة التسول السياسي وابتذال النفس.
مع نقلات الحملات الدعائية المرافقة للانتخابات التمهيدية ظل كل من هؤلاء الثلاثة حريصا على عرض نفسه كصديق وفيَّ لإسرائيل، ولكن ما إن لاحت مقدمات الاحتفال بالذكرى الستين لانشاء الدولة الاسرائيلية حتى بلغت الخطب والتصريحات الصادرة عن كل منهم مستوى الهستيريا في سعي كل واحد منهم للتفوق على الآخر.
في أحد الاحتفالات الاميركية بعيد ميلاد الدولة اليهودية قال أوباما ان المهم في هذه المناسبة توجيه رسالة إلى كل العالم مفادها «أننا نقف وسنقف إلى جانب إسرائيل».
لم يشأ أوباما أن يراعي الحد الأدني لضبط النفس الذي ينبغي ان يتحلى به سياسي ناضج فقد هتف قائلا: «نريد أن تبقى اسرائيل ليس فقط لمدة 60 عاما وانما 600 عام»!
وبالطبع كان الخطاب موجها بالدرجة الأولى نحو قيادات الحركة اليهودية الاميركية التي يعلم أوباما أن استرضاءها هو الشرط الأول الذي ينبغي ان يتوافر لدى كل من يطمح إلى دخول البيت الأبيض. هذا هو الهاجس الذي دفعه لأن ينتقل بخطابه من دائرة المدح إلى دائرة الوعد. فقد أعلن على الملأ: «أتعهد أمامكم بأنني سأفعل كل ما في وسعي ليس فقط لضمان أمن إسرائيل بل ايضا لضمان ازدهار شعب اسرائيل ومواصلة البناء على النجاح الهائل الذي تحقق قبل 60 عاما».
في هذا الصدد أيضا أصدرت السيدة كلينتون بيانا قالت فيه إن اسرائيل والولايات المتحدة توحدهما قيم مشتركة وروابط صداقة قوية».
وسارع الجمهوري ماكين إلى مجاراة المرشحة الديمقراطية فأصدر بدوره بيانا قال فيه: «يجب ألا يشك أحد في انه رغم استمرار التحديات فان اسرائيل ستبقى وتزدهر».
لم يأت أحد من هؤلاء السياسيين الكبار الثلاثة على ذكر العرب والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لكن المغزى بالطبع واضح فكل واحد منهم لن يكون له هاجس أعظم إذا تولى أمر الرئاسة الاميركية سوى أن يكون رهن إشارة اسرائيل ومن ورائها الحركة اليهودية الاميركية.
الآن يقول الرئيس الفلسطيني أبو مازن إنه يستبعد قيام دولة فلسطينية خلال ما تبقى من عهد إدارة بوش. فماذا يقول لشعبه عن توقعاته لعهد ما بعد بوش: عهد ولاية ماكين أو أوباما أو هيلاري كلينتون؟