شهدت تعاملات المستثمرين الأجانب نشاطا قياسيا وإقبالا كبيرا علي الشراء خلال 15 جلسة متتالية من خلال عمليات شراء مكثفة في الأسهم المصرية وبخاصة القيادية والنشطة، وهو ما اجمع الخبراء علي أنه إشارة قوية ومؤشر إيجابي علي مدي ثقة المستثمر الأجنبي في البورصة المصرية وهوما سيؤدي خلال الفترة المقبلة إلي جذب المزيد من المستثمرين الأجانب للبورصة المصرية باعتبارها من أفضل الأسواق الناشئة بالمنطقة سواء علي مستوي الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا. أجمع الخبراء علي أن المستثمرين الأجانب هم أكثر اعتدالا وحنكة في تعاملاتهم بالأسواق الناشئة والمحلية والتي تعتبر مصر من بينها غير أن الاضطرابات التي تشهدها الأسواق الأوروبية والأمريكية من الحين للآخر وضعت تعاملات الأجانب تحت المنظار من قبل الكثيرين وأصبح الأمر أكثر خطورة عن ذي قبل خاصة وأن أي اضطرابات سلبية تنتاب البورصات العالمية يتجه وعلي الفور إلي المستثمرين الأجانب إلي أسواقهم الإقليمية لتغطية مراكزهم المالية هناك وهو ما يطرح سؤالا مهما وهو: هل هناك اخطار مع تزايد عدد الأجانب بالبورصة المصرية. البعض أكد أن التواجد الأجنبي في البورصة بقدر أكبر من المعقول له آثار سلبية كبيرة علي البورصة المصرية. البعض أكد أن التواجد الأجنبي في البورصة وعلي الاقتصاد بوجه عام، فيما أكد البعض الآخر أن التواجد الأجنبي مطلوب علي اعتبار أن السوق مفتوح أمام الجميع بالإضافة إلي تواجدهم مطلوب لزيادة النشاط. ووفقا لبيانات واحصاءات البورصة المعلنة فقد تحركت تعاملات الأجانب في اتجاه تصاعدي خلال الفترة من يوليو 2004 وحتي شهر يوليو من عام 2007 حيث بلغ اجمالي صافي مشتريات الأجانب في الأسهم المصرية نحو 21 مليار جنيه أي ما يعادل نحو 3.75 مليار دولار.. وهو ما أكده رئيس بورصتي القاهرة والإسكندرية الأسابيع الماضية.. مشيرا إلي أن المستثمرين الأجانب "غير العرب" قد ساهموا في النصف الأكبر من تلك التدفقات حيث مثلوا ما يزيد علي 95% من صافي تعاملات غير المصريين في البورصة. وقد سجلت تلك التعاملات اتجاها إيجابيا مع ارتفاع ملحوظ في حجم التداول فبعد أن سجلت تعاملات الأجانب غير العرب انخفاضا في صافي تعاملات الشراء من 2.6 مليار جنيه خلال العام المالي 2004/2005 لتصل إلي 1.2 مليار جنيه خلال العام المالي 2005/2006 وعادت للارتفاع بقوة لتسجل صافي تعاملاتهم شراء بما يزيد علي 16 مليار جنيه خلال 2006/2007 مقارنة بصافي تعاملات بيعا للعرب بمقدار 5.7 مليار جنيه خلال نفس العام. تجدر الإشارة إلي أن التحسن في تعاملات الأجانب في البورصة من شأنه أن يؤثر إيجابيا علي التدفقات الرأسمالية الواردة إلي مصر وعلي ميزان المدفوعات المصرية وصافي الاحتياطي الأجنبي، حتي أن تعاملاتهم استمرت في الصعود المتواصل مع بداية العام الحالي 2008 وحتي تعاملات الأسبوع قبل الماضي. يقول بدر طاحون العضو المنتدب بشركة الجذور لتداول الأوراق المالية إن المتعاملين الأجانب واصلوا مشترياتهم القوية بالفعل خلال الخمس عشرة جلسة الماضية وهو ما يؤكد علي الثقة الكبيرة بالبورصة المصرية وقدرتها علي تجاوز الكبوة الحالية ومن ثم معاودة الصعود من جديد، مشيرا إلي أنه وفي المقابل نجد هناك عمليات بيع مكثفة من قبل المستثمرين المصريين وللأسف الشديد هي عمليات بيع غير مبررة ولم تكن لها أسباب واضحة. وتوقع أن يواصل الأجانب مشترياتهم في الأسهم القيادية بالبورصة لتيقنهم بأن البورصة مازالت واعدة وقادرة علي تحقيق معدلات عالية من النمو. وأشار إلي أنه وفي معظم الحالات يكون المستثمرون الأجانب هم الأسرع خروجا من السوق بعد جني الأرباح وقت ارتفاع الأسعار وذلك علي حساب المستثمرين المحليين وهو ما يؤدي إلي نزف للثروة المحلية إلي الخارج.. مشيرا إلي أن البورصة المصرية شهدت نموذجا صارخا لتلك الحالة خلال العام المالي 2002/2003 حينما نجم عن صافي تعاملات الأجانب بالبورصة المصرية خروج 2.4 مليار دولار من مصر وتكرر السيناريو بالعام المالي 2003/2004 فخرج 6.2 مليار دولار لتفقد البلاد 8.6 مليار دولار خلال عامين في وقت كانت مصر تعاني من أزمة بسوق الصرف الأجنبي دفعت البنك المركزي وقتها لضخ كميات من الدولار من الاحتياطيات الأجنبية لديه للمساعدة علي الاستقرار فنجم عن ذلك تراجع قيمة الاحتياطيات الدولية بالبنك المركزي المصري إلي 8.14 مليار دولار في يونيو 2003 وإلي 14.7 مليار دولار في يونيو 2004 بعد أن كانت الاحتياطيات قد بلغت 20.3 مليار دولار في يونيو ،1997 إلا أنه وبالرغم من ذلك فإن تواجد المستثمر الأجنبي في البورصة مطلوب لزيادة النشاط ولكن لابد أن يكون بنسب معقولة. فيما انتقد كريم عبد العزيز نائب المدير التنفيذي بشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار الجهات المعنية لأنها لم تضع حتي الآن قيوداً لتعاملات الأجانب أو علي الأقل تحديد نسبة ثابتة لهم بالسوق لا تتجاوز المنحي الخطر حتي إذا ما حدثت أزمة عالمية يستطيع المحليون معها السيطرة علي تلك الأزمة. وشكك في الأقاويل التي تشير إلي أن البورصة المصرية بعيدة كل البعد عن الأسواق العالمية أو العربية مؤكدا أن البورصات فيما بينها تربطها عوامل متجمعة خاصة في أوقات الأزمات الكبيرة وهو ما حدث مؤخرا للبورصات العربية جميعها في ظل الكساد الذي يطارد الاقتصاد الأمريكي جراء أزمة الرهون العقارية هناك ومن ثم فالأجانب قادرون بكل حق علي إحداث خلل في البورصة المصرية مع تزايد أعدادهم. ويقول الدكتور أشرف سامي خبير سوق الأوراق المالية والعضو المنتدب بإحدي شركات الوساطة إن تزايد عدد الأجانب داخل البورصة المصرية يضع خطوطا حمراء أمام المستثمرين المحليين رغم قناعته بأن دور الأجانب في السوق يمثل اتجاها تفاؤليا بشأن ثقتهم بالبورصة المصرية منوها إلي أن من بين تلك الخطوط الحمراء أساليب التداول التي يتبعها الأجانب سواء كانوا عربا أو أوروبيين أو آسيويين والتي عادة ما توصف بالعنترية في البيع أو الشراء وهو ما يؤثر بالطبع علي محافظ المستثمرين المحليين ويكبدهم خسائر طائلة. وأكد أن الأزمة الأخيرة التي أحدثت خللا بالاقتصاد الأمريكي في ظل مشكلات الرهون العقارية جعلت الأمور تتضح للجميع وتؤكد أيضا أن البورصات الناشئة تتأثر بالاضطرابات التي تشهدها نظيراتها العالمية، إلا أن الأجانب واصلوا عمليات الشراء المكثفة بالبورصة المصرية وعلي الأسهم القيادية والنشطة طوال 15 جلسة متتالية وهو ما يؤكد ثقة المستثمر الأجنبي في البورصة المصرية وقناعته التامة بأنه سيحقق الربح الذي جاء من أجله.. مشيرا إلي أن المستثمر الأجنبي بطبعه "جبان" وإذا ما شعر بالقلق انسحب علي الفور من السوق خوفا علي استثماراته إلا أن المؤشرات والاحصاءات تقول عكس ذلك فهناك عمليات شراء موسعة من قبل الأجانب في البورصة حاليا وهو ما يدعو إلي الاطمئنان وليس القلق. ولفت إلي أن استراتيجية المستثمرين الأجانب في البيع أو الشراء واضحة وضوح الشمس داخل البورصة المصرية وتعاملاتهم تمثل محورا رئيسيا في تحرك مؤشرات السوق يوميا خاصة انهم يستحوذون يوميا علي ما يزيد علي 20% من اجمالي التداولات.