رغم ما تقوم به هيئة سوق المال والبورصة من مجهودات في سبيل منع التلاعبات التي يعج بها سوق المال، إلا أن تلك التلاعبات مازالت في زيادة مستمرة والغريب أنها تتطور بسرعة تفوق تطور أساليب الرقابة. ولعل هناك العديد من الأساليب التي تستعين بها الأسواق العالمية في كشف أساليب التلاعب وتفتقد مصر إلي تطبيقها وعلي رأسها نظام "السوفت وير" المستخدم في الأسواق العالمية. خبراء أسواق المال أكدوا أن السوق يحتاج إلي أنظمة جديدة ويحتاج إلي تطبيق نظام السوفت وير. في البداية أشار أحمد أبو السعد "مدير الصناديق والمحافظ بشركة دلتا رسملة" لزيادة العبء علي إدارة البورصة والهيئة العامة لسوق المال فيما يتعلق بالرقابة ومنع التلاعبات نظرا لزيادة عدد الأوراق المالية التي يتم تداولها بالسوق المصري فبعد أن كانت 30 أو 40 ورقة فقط ارتفعت إلي 130 سهما بالإضافة لزيادة احجام السيولة بالسوق مما سهل تحكم بعض المستثمرين في أسعار الأسهم بكميات بسيطة مفرقا بين المضاربة والتلاعب فالمضارب يقوم بشراء أسهم عند أسعار معينة أو بيعها لتحقيق فروق سعرية أما التلاعب فهو محاولة للسيطرة علي الحركة السعرية للسهم سواء ارتفاعا أو انخفاضا مؤكدا أهمية وجود مضاربين بالسوق لتوفير قدر من العمق بالسوق المصري ولكن بنسبة معينة لا تزداد. أما فيما يتعلق بدور الهيئة وإدارة البورصة في منع التلاعبات ودورها الرقابي فيري انه تطور ولكن تطور التلاعبات في السوق يفوق سرعة تطور آليات الرقابة. طالب بضرورة استخدام نظام سوفت وير يتم استخدامه في العديد من الأسواق العالمية يقوم بالرقابة علي التداول ويكشف التلاعبات اللحظية حيث يراقب التداول وحجم الطلبات وعمليات الشراء والبيع ويقوم بإعطاء إنظار آلي في حالة وجود تلاعبات.. مشيرا لأهمية استخدام أنظمة رقابية تواكب حجم تطور السوق وحجم التعاملات الموجودة به مع تغليظ العقوبات لردع عمليات التلاعب وتفعيل العقوبات بشكل أكبر. طالب وائل جودة "عضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين" بتطبيق أنظمة السوفت وير الموجودة بالأسواق العالمية لضبط التلاعبات اللحظية التي تتم بسوق المال، موضحا وجود برامج للحاسب الآلي متخصصة في كشف التلاعبات اللحظية تقوم بربط العلاقات التي تتم بين المتعاملين بالسوق من مشترين وبائعين.. مناديا بضرورة التطبيق والاعتماد علي الأنظمة التكنولوجية الحديثة لضمان مزيد من الرقابة بالسوق المصري. لفت لبعض العقوبات التي تتبعها الهيئة وإدارة البورصة فيما يتعلق بوقف التلاعبات أو الحد منها إلا انها تضر بها المستثمرين وتمثل عقاباً لهم وليس للشركة وفي مقدمتها الإيقاف مقترحا عقابا للشركات المخالفة بدلا من الإيقاف وهو إلزامها بتقديم تقييم مالي لها من ثلاث شركات مختلفة ومتخصصة في هذا المجال يتم خصم تكلفتها من مستحقات ومكافآت مجلس إدارة الشركة. أوضح محمد فتح الله "مدير التسويق بشركة أوبتيما لتداول الأوراق المالية" أن إدارة البورصة استطاعت الحد من عمليات التلاعبات التي تتم بالسوق إلا انها لم تستطع منعها بعد. لفت لوجود بعض السلبيات فيما يتعلق بالرقابة ومنع التلاعبات وهي أن بعض العقوبات تمثل عقاباً بالدرجة الأولي للمستثمر وليس للشركة كإيقاف السهم مثلما حدث في العامة للخزف والصيني تشيني مما أوقع ضررا كبيرا علي المستثمرين. اقترح زيادة عدد أعضاء مراقبي التداول لمنع التلاعبات وزيادة الرقابة علي السوق ووقف التلاعب اللحظي.. اشار لبعض الايجابيات التي قامت بها إدارة البورصة في هذا المجال وهي نشر القوائم المالية للشركات بشكل تفصيلي في حالة وجود ارتفاعات غير مبررة وبها قدر من المبالغة فهي تساعد المستثمر في اتخاذ قراراته الاستثمارية وتوعيته بالوضع المالي للشركة بالاضافة لبعض الاجراءات التي تقوم بها من مطالبة ادراة الافصاح باصدار بيان توضيحي مما يمثل نوعا من الامان للمستثمرين يوضح لهم الاخبار والاحداث الجوهرية التي تحدث بالشركة مشيرا إلي انه علي الرغم من عدم تغيير اتجاه السهم بعد ذلك الافصاح إلا ان البورصة تكون قد قامت بدورها. يري اشرف سامي - العضو المنتدب لشركة بروفيت لتداول الاوراق المالية ان ايقاف التلاعبات اللحظية امر شديد الصعوبة ويحتاج لمجهود كبير مشيرا لوجود برامج بالفعل تستخدمها ادارة البورصة لكشف التلاعبات مع امكانية الاستعانة بالبرامج الأخري المطبقة في الاسواق العالمية مؤكدا ان الامر ليس سهلا علي الاطلاق خاصة عندما يتعلق بتسريب المعلومات الداخلية أو تواطؤ عملاء مع بعضهم البعض. اشار لبعض الايجابيات التي قامت بها ادارة البورصة في محاولة للحد من التلاعبات حيث تقوم بالغاء العمليات بالاضافة إلي ايقاف الشركات وتغريمها في حالة وجود معلومات غير موضحة أو معلنة. لفت عصام خليفة العضو المنتدب بشركة الاهلي لادارة صناديق الاستثمار لمجهودات ادارة البورصة لزيادة الرقابة علي السوق وتخفيض نسبة التلاعبات وفي مقدمتها الغاء العديد من العمليات ومساءلة الشركات وطلب الايضاح في حالة انتشار شائعات حولها حيث يتم ايقافها لحين التأكد من صحة الشائعة بالاضافة للايقاف ايضا في حالة عدم اصدار الشركة للقوائم المالية في التوقيتات المحددة. يري ان إدارة البورصة نحجت إلي حد كبير في تقليل حجم التلاعبات الموجودة بالسوق إلا انه لم يتم القضاء عليها نهائيا إلا انها استطاعات وضع حد للمضاربات المحمومة بالسوق علي الاسهم ليس للشركات الخاسرة والتي ليس لها اسس مالية جيدة إلا انها استحوذت علي اهتمامات المستثمرين نظرا لارتفاعاتها الشديدة مما اثر بالسلب علي أداء السوق وسحبت سيولة كبيرة من السوق إليها. وصف النجاح في هذا المجال بأنه تخفيض حجم ونسبة تلك التلاعبات بالسوق.. مشيرا إلي أنه مادام هناك بورصة فهناك تلاعبات. ذكر مصطفي بدرة "محلل وخبير سوق المال" ان الآليات التي تتبعها ادارة البورصة لاتاحة المزيد من الرقابة ومنع التلاعبات هي آليات تتم في اطار شرعي إلا ان المتلاعبين ايضا يقومون بتلك التلاعبات. لفت عصام خليفة "العضو المنتدب لشركة الأهلي لادارة صناديق الاستثمار" لبعض المجهودات التي تقوم بها ادارة البورصة في محاولة لكشف التلاعبات والحد منها وفي مقدمتها إلغاء العديد من العمليات او ايقاف الأسهم وطلب توضيحات من الشركة في حالة انتشار شائعات في اطر شرعية.. مؤكدا علمهم بجميع ثغرات القانون التي يمكن استغلالها لاضافة الشرعية علي تلاعباتهم كما حدت في شركة الكابلات المصرية عند ما قام عدد من العملاء بشراء 12% من الاسهم واخذوا يطالبون بعقد اجتماع مجلس ادارة وجمعيات عمومية ولم تتمكن ادارة البورصة سوي من ايقاف السهم. لفت إلي ان ادارة البورصة تركز علي مراقبة تعاملات مجلس الادارة وايقاف الأسهم في حالات الارتفاعات أو الانخفاضات غير المبررة ومطالبة الشركات بالافصاح إلا ان الشركة في كثير من الاحيان تكتفي بالرد بعبارة "لا يوجد احداث جوهرية" ولكن مع مرور الوقت يتضح وجود معلومات لم تفصح عنها فتقوم ادارة البورصة فقط بإيقاف الأسهم. واكد حاجة الآليات الموجودة للتطوير والتحديث بالاضافة لضرورة تغليظ العقوبات المالية في حالة عدم الافصاح وتحميلها لمجلس الادارة في حالة ثبات تورطه بتسريب المعلومات او استغلال المعلومات الداخلية وعدم تحميل الغرامة للشركة بل لمجلس الادارة نفسه.