بدأ كثير ممن هاجروا إلي الولاياتالمتحدة وأوروبا الغربية خلال العقد الأخير رحلة العودة إلي بلادهم الأصلية مرة أخري.. وتقول مجلة "الايكونوميست" أيضا إن معدل الهجرة غير الشرعية من بلدان أمريكا اللاتينية إلي الولاياتالمتحدة عبر المنافذ المكسيكية قد هبط بشدة في السنوات الثلاث الأخيرة.. ففي عام 2006 هبط عدد من تم القبض عليهم أثناء محاولتهم عبور الحدود المكسيكية إلي الولاياتالمتحدة بشكل غير شرعي بنسبة 8% ليصبح نحو مليون شخص. وفي العام الماضي 2007 كانت نسبة الهبوط 20% وفي الأشهر الستة الأخيرة حتي نهاية مارس بلغت نسبة الهبوط 17% سنويا. وباختصار وبرغم أن هذا المقياس قد لا يكون هو المقياس الأدق في التعرف علي حالة الهجرة غير الشرعية فإن تدفق المهاجرين غير الشرعيين الآن أصبح نصف ما كان عليه عام 2000 عندما قبض حرس الحدود الأمريكي علي 1.64 مليون مهاجر غير شرعي. وعموما فإن هذه الأرقام تعبر عن اتجاه عام برغم انها قد لا تكون الأرقام الأدق. ونفس الأمر ينطبق علي حجم تحويلات العاملين في الخارج إلي ذويهم حيث تقول أرقام البنك المركزي المكسيكي إن تحويلات المهاجرين المكسيكيين في الولاياتالمتحدة إلي ذويهم ظلت تنمو بقوة لسنوات ولكنها بدأت تتناقص.. وفي العام الماضي كانت هذه التحويلات تناهز 24 مليار دولار أي أكثر من دخل السياحة.. أما الربع الأول من العام الحالي فقد شهد تناقصا بنسبة 2.9% سنويا وهو ما تؤيده أيضا أرقام بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس. ورغم أن زيادة التدقيق في التمويلات العابرة للحدود بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001 خشية استخدامها في تمويل الإرهاب قد ضخمت من حجم تحويلات العاملين في الخارج إلي ذويهم إلا أن الاتجاه العام يقطع بأن هذه التحويلات تتناقص.. وفي استطلاع للرأي أجراه "انترامريكان ديفيلوبمنت بنك" ونشر في إبريل الماضي تبين تراجع أعداد من يرسلون هذه التحويلات إلي ذويهم بانتظام ففي عام 2006 كان 75% من المهاجرين إلي أمريكا يرسلون هذه التحويلات بانتظام ولكن النسبة انخفضت في عام 2007 لتصبح 50% فقط.. ولا ينطبق هذا الأمر علي مهاجري المكسيك وحدها ولكنه يمتد إلي بلدان أخري مثل البرازيل التي هبطت تحويلات أبنائها العاملين في الخارج بنسبة 4% في العام الماضي لتصبح 7.1 مليار دولار فقط. وهناك عاملان يفسران هذا التراجع في أعداد المهاجرين وحجم تحويلاتهم إلي ذويهم وهما: أولا تزايد الكراهية الأمريكية للأجانب وخاصة المهاجرين غير الشرعيين.. وثانيا الركود الاقتصادي الذي يضرب أمريكا.. فقد أصدرت الولاياتالأمريكية المختلفة قوانين مشددة بعدم تشغيل المهاجرين غير الشرعيين وتصاعدت مطاردات الشرطة لهؤلاء العمال.. وقد يكون تصاعد الإنفاق علي حماية الحدود هو أوضح العناصر فوزارة الداخلية الأمريكية رصدت 12 مليار دولار في ميزانيتها للعام القادم من أجل منع الهجرة غير الشرعية عبر الحدود.. وتتضمن الخطة استخدام وسائل أكثر تقدما في عمليات المطاردة سواء علي الحدود أو في داخل الأراضي الأمريكية وهذا يحدث متزامنا مع الركود الاقتصادي الذي جعل معدل البطالة بين المهاجرين الشرعيين 7.5% يرتفع بين المهاجرين من المكسيك إلي 8.4% ثم إلي 9.3% بين المهاجرين الذين وصلوا أمريكا بعد عام 2000 أكثر من ذلك تقول الأرقام إن اضطراب قطاع المساكن الأمريكي حرم 220 ألف مهاجر من أعمالهم في قطاع التشييد والبناء. وإذا كان استمرار الازدهار الاقتصادي في الأسواق الناشئة مثل استراليا ودول الخليج وأجزاء من آسيا ومعظم إفريقيا يجعل الهجرة إلي هذه المناطق تستمر فإن المسألة في أوروبا ذات وضع مختلف ربما يشبه ما يحدث في الولاياتالمتحدة. فالمناطق التقليدية في غرب أوروبا لاستيعاب المهاجرين مثل إيرلندا وإسبانيا لم تعد كما كانت وقد كان معظم المهاجرين إلي هذين البلدين من رومانيا وبولندا وليتوانيا ولكن الظروف الاقتصادية تغيرت وبدأت الهجرة تتناقص.. نفس الأمر ينطبق علي بريطانيا التي كانت تستوعب أعداداً كبيرة من مهاجري شرق أوروبا وخاصة البولنديين واليونانيين التي كانت تجتذب المهاجرين الألبان وإيطاليا التي كانت تجتذب المهاجرين من رومانيا. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن معدلات الهجرة إلي غرب أوروبا تتباطأ وأن بعض المهاجرين القدامي بدأوا رحلة العودة إلي بلده الأصلي.. وذكرت دراسة قام بها معهد أبحاث السياسة العامة IPPR.