سيكون هذا العام من أفضل أعوام السياحة الخليجية في مصر، فالتقارير السياحية تشير إلي أن حجوزات شركات الطيران الخليجية والمصرية من دول الخليج إلي القاهرة ممتدة طوال أشهر الصيف وأن هناك صعوبة كبيرة في الحصول الآن علي أي مقعد لطائرة متجهة إلي القاهرة أو الإسكندرية. ونحن نسعد بهذه الأخبار، ونرحب بقدوم إخواننا من دول الخليج ومن أي قطر عربي إلي زيارة أرض الكنانة وقضاء العطلات في مختلف مناطق مصر السياحية وسط إخوة لهم يفرحون بقدومهم ويقدمون لهم جميع التسهيلات والخدمات. ويجب في هذا أن نفهم وأن ندرك اننا نواجه منافسة شديدة من دول عربية أخري تسعي لجذب السياحة الخليجية وأنهم في هذه الدول في حالة طوارئ من أجل السائح الخليجي الذي يعني قدومه انتعاشا في كثير من القطاعات السياحية والاقتصادية ورواجا في حركة البيع والشراء. ولكي نتمكن من الصمود والتفوق في هذه المنافسة فيجب أن نكون شعبا سياحيا يقدر معني السياحة ويدرك بوضوح انها أفضل صناعة نظيفة يمكن أن تحقق له نمواً في الدخل القومي وتساهم في رفع مستويات المعيشة للجميع. وهذا يعني أن تكون الابتسامة مرتسمة علي كل الشفاه في مقابلة السائحين، وأن يكون الاستقبال ودياً منذ قدوم السائح إلي مطار القاهرة وحتي مغادرته منه، فلا توتر ولا انفعال علي السائح ولا إخراج لمخزون المتاعب والعقد والصراعات الحياتية المترسب لدينا علي السائح، ولا سعي لامتصاصه وافتراسه والتعامل معه كأنه غنيمة أو فريسة ولا فهلوة ولا استهتار أيضاً في تلبية طلباته والاستجابة إلي رغباته. فمن المؤسف اننا أكبر دولة في المنطقة تملك كل مقومات السياحة التي تستطيع أن تحل الكثير من مشكلاتها ومع ذلك فإن أعداد السائحين ودخلنا من السياحة لا يتناسب مع هذه المكانة!! فالسائح الذي يذهب إلي أي مكان هو سائح شاهد واطلع علي الكثير من الدول وتجاربها وحضاراتها، ولذلك فهو سائح دائم المقارنة والانتقاد لأنه يطلب ويرغب في الأفضل والأرخص والأكثر احتراما وتقديرا لوجوده. وفرصتنا الآن قائمة لأن هذا السائح أصبح مذعورا إلي حد كبير من الذهاب إلي أوروبا حيث المعاملة بالغة السوء في المطارات وحيث العربي أصبح مرادفا للإرهابي تحوطه الشبهات والأعين الغاضبة في كل مكان، ولذلك اتجه الخليجيون بأعداد كبيرة إلي لبنان والمغرب ومصر والأردن يبحثون عن التغيير والمتعة والانطلاق والأجواء الأخوية الصادقة. وحين نقول في هذا إننا يجب أن نكون شعبا سياحيا فنحن نعني اننا في كل مكان وكل في مجاله يجب أن يدرك أهمية وجود السائح وأن يمنحه الأولوية والرعاية. فليس مقبولا أن يذهب السائح الخليجي مثلا إلي عيادات الأطباء ليجد أن هناك أسعارا خاصة بالمصريين وأسعارا خاصة بالخليجيين، فهذا أمر غير مرغوب ويثير انطباعا بوجود نوع من الاستغلال ويدفع السائح الخليجي الذي يأتي بحثا عن العلاج إلي الذهاب إلي دول عربية أخري كالأردن التي أقامت مجمعات طبية خاصة تقدم جميع أنواع العلاج بأسعار واحدة علي المواطن والزائر، ولذلك تحولت الأردن إلي عاصمة الطب في العالم العربي حاليا رغم انها لا تملك ما تملكه مصر من إمكانات في هذا المجال. وليس مقبولا أيضا ألا يدرك إعلامنا أن رسالته الإعلامية يجب أن تكون رسالة جذب وترغيب للسائح وليست رسالة ترهيب وتنفير وتخويف. فمن يشاهد البرامج الحوارية والبرامج التي تناقش قضايا المجتمع في مصر علي المحطات الفضائية التليفزيونية سيشعر بالرعب قبل القدوم إلي مصر، فلن يجد في هذه البرامج إلا مشكلات الخبز وإضرابات مختلف الفئات، وشكاوي الفقراء والمحتاجين ومعاناتهم وسوف يخرج بانطباع أن مصر لا تواجه إلا الأزمات وأن شعبها جائع وأنها غير مستعدة لاستقبال أحد فقد ضاقت بأهلها وضاق أهلها بها. وهو أمر غريب خاصة في ظل ما تشهده مصر من نمو هائل في مجال إنشاء المدن الترفيهية والمنتجعات رفيعة المستوي في كل مكان والمهيأة بشكل خاص للسياحة بكل أنواعها. وهو أمر غريب أيضا في ظل كل هذه الطفرة العمرانية الكبري التي تشهدها مصر والتي يمكن أن تشجع السائح علي القدوم والاستثمار لدينا سواء بالشراء أو بإقامة المشروعات الجديدة. إن هناك فائضا نقديا كبيرا وهائلا في دول الخليج العربية بفعل الزيادة غير المتوقعة في أسعار البترول والتي حققت لهذه الدول مداخيل كبيرة للغاية، وبقليل من العمل والتخطيط والفهم الجديد يمكن أن نجتذب هذه السيولة للاستثمار في بلادنا وحل مشاكلنا، والبداية تبدأ بأن يدرك كل من يدخل بلادنا أنه يدخلها بسلام وأنه سيكون فيها آمنا وبعدها كل شيء ممكن. [email protected]