إذا كانت الإدارة حرفة - وهي كذلك - فإن إدارة الأموال هي جوهر وحرفة كل الحرف، فالأموال كما قلنا هي الماء الذي لا تستقيم الحياة بدونه وهي الدماء التي تجري في كيان أية منشأة فتعني لها الحياة والنمو والاستمرار. وإدارة الأموال أيها السادة "علم" و"خبرة" و"حكمة" ودعنا عزيزي رجل الأعمال نتوقف عند هذه الابعاد أوالمعاني الثلاثة قليلا.. أولا: إدارة الأموال "علم": نعم.. هناك علم له قواعده وفنونه ودروبه يتعلق "بإدارة المال" وهو يجمع بين فروع عديدة للمعرفة منها فرع التمويل وفرع المحاسبة وفرع الاقتصاد وفرع الإدارة. ولكل علم ايها السادة أهله والمختصون فيه وليس من الصحيح ان القدرة علي إدارة الأموال يمكن ان تأتي دون علم ومعرفة لاسيما في هذا العصر والزمان الذي تداخلت فيه العناصر وتشابكت فيه العوامل أوصبحت مختلف أسواق المال تعاني من التأثيرات العديدة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية وكلها تؤثر علي تلك الأسواق وهي إحدي المفردات الفاعلة في إدارة الأموال. ولا يقف الأمر عند احد أسواق الأموال فهناك اسواق السلع وأسواق البترول وأسواق العمل وغيرها من الأسواق تتداخل وتتشابك العوامل المؤثرة فيها والمتأثرة بها ايضا. كل هذا المشهد يقول لنا ان إدارة الأموال لم تعد مما يمكن ان يترك امره للارتجال أو العشوائية. ثانيا: إدارة الأموال "خبرة": القواعد العلمية التي تتضمنها أية نظرية أو ينطوي عليها أي علم لا يمكن ان تكون مفيدة إلا إذا تعرضت للاختبار علي أرض الواقع وتثبت صلاحيتها ومنفعتها.. ولقد تعرضت الكثير من تلك القواعد للكثير للتعديل والتطوير في ضوء خبرة التطبيق.. وإدارة الأموال قد أصبحت محكومة بتلك الخبرات المكتسبة والتي تتراكم وتتطور بشكل مستمر.. ومن هنا كان الأمر في شأن "إدارة الأموال" يعتمد ليس علي العلم والمعرفة فقط ولكن علي الخبرة كذلك. ثالثا: إدارة الأموال "حكمة": العلم معرفة تم تصنيفها ووضع قواعد لها أما الخبرة فهي فن تم اكتسابه وتطويره من خلال تطبيق المعارف والعلوم. أما الحكمة فهي ذلك التفاعل المبدع بين العلم والخبرة والرؤية.. ذلك ان العلم محكوم بمنهجه والخبرة محكومة بمجالها وتجربتها.. أما الرؤية فهي محكومة باستيعاب الماضي ومعرفة الحاضر واستحضار المستقبل.. وفي مجال إدارة الأموال فإن العلم يحدد ارشادات المرور والخبرة تحدد السرعة المطلوبة ونوع السيارة المناسبة للطريق أما الحكمة فإنها تحدد التوجه السليم الذي لا يلغي ارشادات المرور ولا يلغي الخبرة ولكن يستخدم كل منهما في تحديد الاتجاه.. كانت تلك السياسات لابد لنا من الوقوف عندها ونحن نتناول موضوع إدارة الأموال والذي خلصنا إلي أنه يرتبط بخمسة محاور هي: سلامة هيكل التمويل وكفاية الأموال وكفاءة استخدام الأموال وصحة دوران رأس المال والرقابة وتقييم النتائج. وقد عرضنا لموضوع هيكل التمويل من حيث كونه يتعلق بثلاثة جوانب رئيسية هي: * مصادر الأموال * استخدامات الأموال * العلاقة القائمة بين المصادر وبعضها البعض والاستخدامات وبعضها البعض وبين المصادر والاستخدامات. وقد وجدنا ان مصادرالأموال تتألف من مصادر طويلة الاجل وأخري قصيرة الاجل.. وهي علي الناحيتين تشمل حقوق الملكية والديون.. والسؤال هنا: ما هي العلاقة الصحية بين حقوق الملكية والديون في ضوء العلم والخبرة والحكمة التي تحدثنا عنها. هذا ما سنعرض له بمشيئة الله