نعم اعقلها وتوكل.. فليس من قبيل العقل او النقل ان تدع المخاطر سواء كانت مخاطر مالية مرتبطة باوضاع السوق وبهيكل التمويل او كانت مخاطر اعمال مرتبطة بنشاط المنشأة وطبيعة القطاع الذي تنتمي اليه او كانت مخاطر كلية يتعرض لها عائد الاستثمار، ليس من الحكمة او العقل ان تدع تلك المخاطر دون ان تعرف كم هي؟ وكيف يمكن ادارتها؟ أي ان تكون امام خطر محسوب وان تكون قادرا علي ادارته.. وقد قال الحكماء قديما: "قدر لرجلك قبل الخطو موضعها إن السفينة لا تجري علي اليبس". وهنا يلزم ان نتوقف عند امرين في هذه الحكمة او القول المأثور لان لهما دلالة مالية خاصة. الأمر الأول: ان تحسب الموقف قبل ان تقدم علي الاستثمار.. فتقدر الي اين تسير وتتجه قبل ان تخطو.. وكل دراسات الجدوي ايا كان مسماها او مغزاها تقع في هذه المنطقة فهي تقدير للخطي قبل المسير. والامر الثاني: ان تأخذ بالأسباب لكي تقود سفينة الاستثمار والتشغيل الي ما ينفعك وينفع الناس والسفينة لابد لها من مناخ ومحيط تسير فيه فهي لا يمكن ان تجري علي الرمال او تعوم في التراب فلابد ان تعد للامر عدته.. وأحد اهم اركان الادارة في عالم اليوم بالغ التنافسية وشديد المخاطر ان تكون الادارة في اي موقع قادرة علي قياس المخاطر وقادرة علي ادارتها.. وهذه هي الوقفة التي سوف نتأني عندها ونتوقف مليا وذلك لعدة اعتبارات حاكمة لعل من اهمها ما يلي. اولا: ان جوهر الادارة ليس في السلطات التي تعطيها او الابهة التي قد تبدوا علي اصحاب السلطة والسلطان.. ذلك ان الامر هنا انما يعطي السلطة علي قدر المسئولية - أو هكذا يجب ان يكون - والمسئولية تعني المحاسبة والمساءلة.. والمسئولية بالنسبة للادارة اليوم انما يتمثل القدر الاهم منها في قدرتها علي العمل تحت الضغوط (wark under pressure) وابرز هذه الضغوط هي المخاطر المصاحبة لأي عمل او نشاط - مخاطر الاعمال - او المرتبطة بالاسواق وهيكل التمويل - المخاطر المالية - أو التي تجمع بين هذا وذاك لمخاطر كلية ترتبط بالعائد او الدخل المحقق من الاستثمار في اي عمل او نشاط او مجال. ثانيا: إن الادارة "حرفة وليست وظيفة" وسواء كان المدير هو صاحب المال او ليس بصاحبه أي سواء ارتبطت الملكية بالإدارة أو لم ترتبط فإن المدير والإدارة في النهاية والبداية لابد ان تكون "إدارة محترفة" وليس صحيحا أن صاحب المال حر في ان يصنع في هذا المال ما يشاء ذلك ان انفاق المال مسئولية اقتصادية واجتماعية بل وقانونية ذلك ان انفاقه علي غير مقتضي النقل يطلق عليه قانونا "السفه" والسفيه لا يمكن ولا يجوز ان يكون "مديرا" وحتي من الناحية الدينية فان الاديان لم تترك امر انفاق المال علي عواهنه.. والادارة في النهاية هي فن وعلم وحرفة ادارة المال بالمفهوم الواسع للمال سواء تمثل في اصول مادية او اصول معنوية او اصول بشرية او اصول نقدية وللحديث بقية بمشيئة الله.