ما شهدته الأيام الخوالي القريبة من تراجعات حادة في البورصة المصرية تأثرا بالحال الذي أصاب نظيرتها العالمية كان أكبر دليل علي أن الأجانب قادرون علي إحداث خلل في الاسواق الناشئة اذا ما اتجهوا للبيع وهم ايضا القادرون علي تعظيم أدائها اذا ما اتجهوا للشراء، وبعيدا عما يقال بشأن حجمهم في السوق المصري وإن كانوا يتحكمون في 60% من رأس المال السوقي أو لا يتحكمون فإن الواقع أثبت وبكل حق قدرتهم علي تحريك السوق هبوطا أو صعودا بمبيعاتهم او مشترواتهم العنترية. ربما رأي البعض أن الأجانب أكثر اعتدالا وحنكة في تعاملاتهم بالأسواق الناشئة والمحلية والتي تعتبر مصر من بينها، غير أن الأضطرابات التي تشهدها الأسواق الأوروبية والأمريكية من الحين للآخر وضعت تعاملات الأجانب تحت المنظار من قبل الكثيرين وأصبح الأمر أكثر خطورة عن ذي قبل خاصة اي اضطرابات سلبية تنتاب البورصات العالمية يتجه وعلي الفور- اولئك المستثمرون الأجانب الي أسواقهم الأقليمية لتغطية مراكزهم المالية هناك ما يطرح سؤالا قاسيا بعض الشيء وهو .. هل هناك أخطار مع تزايد الأجانب بالبورصة المصرية؟ تعاملات عنترية أجاب الدكتور محمد الصهرجتي عن هذا السؤال ان تزايد الأجانب داخل البورصة المصرية يضع خطوطا حمراء أمام المستثمرين المحليين رغم قناعته بأن دور الأجانب في السوق يمثل إتجاها تفائليا بشأن ثقتهم بالبورصة المصرية، منوها الي ان من بين تلك الخطوط الحمراء اساليب التداول التي يتبعها الأجانب سواء كانوا عرباً أو اوروبيين او اسياناً والتي عادة ما توصف "بالعنترية" في البيع أو الشراء وهو ما يؤثر بالطبع علي محافظ المستثمرين المحليين ويكبدهم خسائر طائلة. أشار الصهرجتي: الأزمة الأخيرة التي احاطت واحدثت خللا بالاقتصاد الامريكي في ظل مشاكل الرهون العقارية جعلت الأمور تتضح للجميع وتؤكد للجميع ايضا ان البورصات الناشئة تتأثر بالاضطرابات التي تشهدها نظيراتها العالمية. ولفت أن استراتيجية المستثمرين الأجانب في البيع أو الشراء واضحة وضوح الشمس داخل البورصة المصرية، وتعاملاتهم تمثل محورا رئيسيا في تحرك مؤشرات السوق يوميا خاصة وانهم يستحوذون يوميا علي ما يزيد علي 20% من اجمالي التداولات. دلائل تاريخية في معظم الحالات يكون المستثمرون الأجانب الأسرع خروجا من السوق، بعد جني الأرباح وقت ارتفاع الأسعار علي حساب المستثمرين المحليين، وهو ما يؤدي إلي نزف للثروة المحلية إلي الخارج، ووفق الدكتور عنايات النجار خبيرة أسواق المال البورصة المصرية شهدت نموذجا صارخا لتلك الحالة خلال العام المالي2002/2003 حينما نجم عن صافي تعاملات الأجانب بالبورصة المصرية خروج 2.4 مليار دولار من مصر، وتكرر السيناريو بالعام المالي 2003/2004 مع خرج 6.2 مليار دولار، لتفقد البلاد 8.6 مليارات دولار خلال عامين في وقت كانت مصر تعاني من أزمة بسوق الصرف الأجنبي دفعت البنك المركزي وقتها لضخ كميات من الدولارات من الاحتياطيات الأجنبية لديه للمساعدة علي الاستقرار. نجم عن ذلك تراجع قيمة الاحتياطيات الدولية بالبنك المركزي المصري إلي 14.8 مليار دولار يونيو 2003 وإلي 14.7 مليار دولار يونيو 2004 بعد أن كانت الاحتياطيات وصلت 20.3 مليار دولار في يونيو 1997. ووصفت النجار تواجد الأجانب وتزايد اعدادهم في السوق المصري بأنه "خطر لابد منه"، ومع تزايد اعدادهم تزداد السيولة القادمة للبورصة وتحدث عملية رواج في حركة التعاملات والتداولات ويزداد رأس المال السوقي، غير أن مبيعاتهم تعصف بالأسهم وتكبد المؤشرات خسائر كبيرة. وانتقدت الجهات المعنية لأنها لم تضع حتي الان قيوداً لتعاملات الأجانب أو علي الاقل تحديد نسبة ثابتة لهم بالسوق لا تتجاوز المنحي الخطر حتي اذا ما حدثت أزمة عالمية يستطيع المحليون معها السيطرة علي تلك الأزمة. وشككت في الأقاويل التي تشير الي أن البورصة المصرية بعيدة كل البعد عن الاسواق العالمية أو العربية، مؤكدة أن البورصات تربطها عوامل متجمعة، خاصة في أوقات الأزمات الكبيرة وهو ما حدث مؤخرا للبورصات العربية جميعها في ظل الكساد الذي يطارد الاقتصاد الأمريكي مع أزمة الرهون العقارية هناك ومن ثم فإن الأجانب قادرون علي إحداث خلل في البورصة مع تزايد أعدادهم.