وكيل وزارة سابق بمصلحة الضرائب لا أحد يطلب من رئيس مصلحة الضرائب التنازل عن المتأخرات مادامت قد عبرت عن التزامات نهائية أو واجبة الأداء، وله أن يستعمل في تحصيلها كل الوسائل التنفيذية المحددة حصرا في القانون 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري ولا يحده عن ذلك إلا إعسار المدين وعجزه عن السداد لعدم تملكه أموالا يمكن التنفيذ عليها سائلة أو منقولة أو عقارية وإلا يجب إسقاط هذه المبالغ إعمالا لحكم الاسقاط الضريبي الوارد في ظل قوانين الضرائب منذ 14 لسنة 1939 وحتي 91 لسنة ،2005 حتي لا تظل مجرد أرقام مقيدة في سجلات المصلحة. فطبقا للمادتين الخامسة والسادسة من مواد إصدار القانون الأخير والتي جاءت علي لسان سيادته في لقائه بالصحفيين ليست للمصلحة متأخرات ضريبية بهذا الوصف طرف الممولين، وإنما كل مالها هو ضرائب منتظر استحقاقها لا تخولها سلطة التنفيذ بها لأنها عبارة عن حالات متراكمة في الفحص والإجراءات وليست متأخرات والطرف القوي هنا في هذه العلاقة هو الممول وليس المصلحة الذي يملك مساعدتها في تحويل جزء من هذه المبالغ إلي ضرائب واجبة الأداء وعنذئذ عليها أن تخطب وده لا تهديده بعد أن عقدت مشكلتها مواد إصدار القانون الجديد. فتحديد العبارات والألفاظ مسألة بالغة الأهمية لأن الحديث عن ضرائب واجبة الأداء غير الحديث عن ضرائب منتظر استحقاقها قد تكون أو لا تكون، فكل ما يتعلق بالسنوات السابقة علي سريان القانون 91 لسنة 2005 ويخضع للمادتين الخامسة والسادسة هي حالات متراكمة من الفحص والإجراءات والطعون لم تعالج منها هذه المواد إلا "الدعاوي أمام المحاكم والتي قيدت بها قبل أول أكتوبر سنة 2004" فالفرق جلي بين المتأخرات الضريبية التي هي مبالغ واجبة الأداء والحالات المتراكمة من الفحص والإجراءات والطعون وإذا كانت الأولي لا يحول دون تحصيلها إلا عسر المدين أو تراخي مصلحة الضرائب، فإن الثانية لا يطرح عدم التهاون في تحصيلها لأنها ببساطة غير قابلة للتحصيل لكونها مجرد مبالغ منتظر استحقاقها في طور التشكل والقابلية للنقص أو حتي التلاشي!! ولم تصبح بعد ضرائب واجبة الأداء يمكن التنفيذ بها طبقاً لقانون الحجز الإداري، فالتهاون مطروح فقط بشأن العجز عن الوصول إلي القول الفصل في شأنها وهو طريق طويل وشائك جعلته كذلك بعض مواد إصدار القانون 91 لسنة 2005. وهنا يبدو الأمر بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً، وطوال تاريخ مصلحة الضرائب وهذا الأمر بالغ الصعوبة لكنه لم يكن مستحيلاً كما هو الآن بسبب هذا القانون وما لحقه من إجراءات!! وليس بسبب رئيس مصلحة الضرائب أو العاملين معه، وعجب أن تجد قانوناً عصرياً مثله ينفتح علي المستقبل مسهلاً معظم الأمور علي الخاضعين بالنسبة للسنوات التي يسري عليها "2005 وما بعدها" ثم يعقد كل الأمور ويصعب كل الحلول لمشكلات السنوات الضريبية السابقة لذلك "2004 وما قبلها". والسبب في ذلك أن واضعيه لديهم معرفة دقيقة وواسعة بالمستقبل الضريبي وأدوات النهوض به من خفض سعر الضريبة والتركيز علي توسيع وعائها بتشديد العقوبة علي التهرب وإلغاء الإعفاءات وتفعيل حوافز السداد لينهض كل ذلك في تعظيم أمانة الإقرار فيسهل استخدام نظم إدارة المخاطر عند فحص الإقرارات بالعينة بديلا عن الفحص الشامل وهي كلها أمور اكتسبوها بالعلم والمعرفة والاهتمام بالشأن العام والرغبة في زيادة النمو الاقتصادي، لذلك كان باعهم طويلا في وضع منظومة ضريبية جيدة بالنسبة للسنوات التي ستنطبق عليها. أما الماضي فهم معذرون في عدم قدرتهم علي فك طلاسمه لأن مكوناته وتفاصيله الكثيرة والمتشعبة تدق علي غير الممارسين لكننا لا نعذرهم أبدا في الاستسلام لعادة حكومية متأصلة تتشبث بعدم الرغبة في تبادل الرأي والاستفادة بخبرات الآخرين ربما لأن فكرة تداول الرأي مازالت عند البعض من المحرمات لكننا كنا نود أن ننزههم هم عن ذلك للهدف الأسمي الذي حشدوا طاقتهم لإنجازه. وقانون الضرائب الجديد لن ينطلق للأمام مادام لم يفك أسره بوضع حلول ناجعة لحالات الفحص والربط عن السنوات السابقة لسنة سريانه. ورؤساء المصلحة الثلاثة الذين تعاقبوا عليها بعد صدوره لا يسألون عن ذلك أو يلامون إلا من كانت لديهم أفكارا عن تعقيد مشكلة هذه الحالات وحجبوها في أثناء مناقشته في المجالس التشريعية ولم يتشبثوا بضرورة إعلان موقفهم بأن ما تتناوله المادتان الخامسة والسادسة من المشكلة لا يعالج إلا نسبة متدنية من هذه الحالات تشبه ما يظهر من قمة جبل الثلج العائم.