يواجه روبرت زوليك النائب السابق لوزيرة الخارجية الامريكية والممثل التجاري الامريكي السابق الذي تولي في اول يوليو الجاري مهام منصبه رئيسا جديدا للبنك الدولي خلفا لمواطنه بول ولفويتز تحديات صعبة خلال فترة ولايته التي ستستمر 5 سنوات. ويشير الخبراء الي ان من بين هذه التحديات ضرورة استعادة سمعة البنك الدولي التي تضررت كثيرا بسبب فضيحة ولفويتز واستقالته علي خلفية محاباته لصديقته العاملة بالبنك خصوصا ان زوليك لا يمتلك ماضيا مثقلا مثل سلفه المستقيل. وكان البنك قد فقد مصداقيته في مكافحة الفساد واصبحت دول العالم تنظر اليه باعتباره بؤرة للفساد علي مستوي الادارة والتنظيم وذلك علي خلفية فضيحة المحاباة واستغلال المنصب المتورط فيها وولفويتز. وتعود هذه الفضيحة الي اغسطس 2005 عندما رتب وولفويتز صفقة مجزية وبالغة السخاء لموظفة في البنك اسمها شاها علي رضا وهي ليبية الاصل تحمل الجنسية البريطانية ومطلقة رجل تركي لا تزال تحمل اسمه. ومع قدوم وولفويتز الي رئاسة البنك وشيوع فكرة وجود علاقة عاطفية بينهما وتحسبا من ان تؤدي تلك العلاقة الي تضارب في المصالح تمنعه تقاليد البنك رتب لها الحصول علي اعارة مدفوعة الاجر من البنك الدولي الي وزارة الخارجية الامريكية وقام بتضخيم الاجر ليتجاوز 193 الف دولار سنويا يتحملها البنك الدولي في انتهاك واضح للقوانين الداخلية للبنك. ويأتي تعيين زوليك الذي يوصف بانه "قيصر العولمة الامريكي" علي رأس البنك الدولي في اوج مرحلة اضطراب يشهدها النظام المالي الدولي وتعطل الدور التسليفي للبنك وشقيقه صندوق النقد في ظل ظهور فاعلين جدد مثل الصين وبنك الجنوب الذي يهدف الي تحرير دول امريكا اللاتينية من التبعية للمؤسسات المالية الدولية في واشنطن. ويواجه البنك وصندوق النقد الدوليان حاليا نظام تمويل موازيا واصبح دورهما في المستقبل محط تساؤل في ضوء الديناميكية الاستثنائية للنمو العالمي وتمتع الكثير من الدول بادارة مالية افضل بكثير مما كانت عليه قبل 10 اعوام وفوائض في الحسابات الجارية واحتياطي نقدي كبير ومن ثم يمكن ان تتجه مباشرة الي المصارف الخاصة والاسواق لتمويل مشاريع انمائها. ويشير خبراء دوليون الي ان الاحتياطات النقدية في البنك المركزي الصيني تبلغ حوالي نحو 1200 مليار دولار وان الصين تستثمر بشكل كبير في افريقيا وتتوقع ان تنفق في القارة السوداء 20 مليار دولار في غضون 3 اعوام دون اشتراط اجراء اصلاحات اقتصادية او ترشيد الادارة "عمل الاطفال ومكافحة الاحتباس الحراري" علي عكس المؤسسات المالية الدولية كما توجه مؤسسة "بيل وميليندا جيتس" التي يصل رأسمالها الي 32 مليار دولار اي ما يفوق موازنة بعض الدول التي تستفيد من مساعداتها ضربة اخري الي جدار المؤسسة المالية العالمية. وكان الرئيس الاكوادوري رافايل كوريا اصدر قرارا في ابريل الماضي بطرد ممثل البنك الدولي وطالب بتفسير تعليق البنك منح بلاده قرضا بقيمة 100 مليون دولار امريكي عام 2005 عندما كان هو وزيرا للاقتصاد. ومن بين المهام الملقاة علي عاتق زوليك ايضا استمرار الدور الذي لعبه البنك الدولي في تمويل عمليات التنمية ومكافحة الفقر في الدول النامية وخصوصا في قارة افريقيا حيث يقدم البنك سنويا حوالي 23 مليار دولار في شكل قروض للدول الفقيرة لحل ازماتها. وبحسب قرار انشائه يفترض ان يكون البنك الدولي واسمه الرسمي البنك الدولي لاعادة الاعمار والتنمية رأس الحربة في مكافحة الفقر في العالم لكن منتقديه يدينون بطأه الاداري ولتحقيق هدفه الاول وهو خفض الفقر في عالم يعيش فيه حوالي مليار شخص باقل من دولار واحد في اليوم قدم البنك العام الماضي 20.1 مليار دولار لتمويل 245 مشروعا في العالم وقدم البنك منذ تأسيسه قروضا وهبات تبلغ قيمتها 161 مليار دولار بوتيرة مابين 7 و9 مليارات دولار سنويا ذهب حوالي 50% منها لافريقيا. وقد أثارت صلة وثيقة بالرئيس الامريكي جورج بوش المخاوف بشأن استقلاليته في منصبه الجديد وفي هذا الاطار قالت لجنة من اجل الغاء ديون العالم الثالث: بما ان رئيس البنك الولي سيكون مرة اخري من الولاياتالمتحدة فان المؤسسة المالية ستكون اداة في خدمة السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومصالح الشركات الامريكية المتعددة الجنسيات. وكان وولفويتز قد اضفي المزيد من تسييس نشاطات البنك ابان فترة رئاسته ومن ابرز مظاهر ذلك انه اوقف بالكامل في عام 2005 صفقة المساعدات المبرمة مع اوزبكستان ردا علي طلبها رسميا من الولاياتالمتحدة سحب جنودها وطائراتها من القاعدة الجوية التي كانت قد خصصتها لها في سياق الحملة العسكرية الامريكية في افغانستان عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وحاول زوليك ازالة هذه المخاوف بالقول بالطبع اذا وقع علي الاختيار لرئاسة البنك الدولي سأصبح موظفا دوليا وليس مسئولا قوميا وبالتالي ساتحمل المسئوليات التي يضعها علي عاتقي مجلس ادارة البنك الدولي.